لافروف والمعلم وظريف: سنحارب الإرهاب في سوريا حتى النهاية
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة "القضاء على الإرهابيين (في سوريا) حتى النهاية"، موضحاً أنه "في حين ينخرط شركاؤنا الغربيون في محاربة الإرهاب بالأقوال فقط، نحن عازمون على مواصلة العمل حتى النهاية".
وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك عقب لقائه مع نظيريه السوري وليد المعلم والإيراني محمد جواد ظريف، إن "موسكو وطهران ودمشق اتفقت على تكثيف محاربة الإرهاب بلا هوادة، بموازاة حل المسائل المتعلقة بتحسين الوضع الإنساني، واستعادة نظام وقف إطلاق النار، وإطلاق مفاوضات السلام بلا تباطؤ ومن دون أي شروط مسبقة.
وأضاف لافروف "نحن متفقون على عدم وجود أي بديل لتسوية الصراع في سوريا بالوسائل السياسية الدبلوماسية. وندعم عزم القيادة السورية على مواصلة العملية السياسية"، معربا "نرحب بتأكيدات وزير الخارجية السوري وليد المعلم على استعداد وفد الحكومة السورية للتوجه إلى جنيف ولو غداً للمشاركة في مفاوضات تجري برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة جميع أطياف المعارضة، وفق مقتضيات قرارات مجلس الأمن الدولي".
إما التنصل عن "النصرة" وإما التحول إلى أهداف مشروعة
وذكّر لافروف بدعوة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، التي سبق أن وجهها إلى المعارضة "المعتدلة" في سوريا، حين دعاهم إلى الانسحاب من مواقع الإرهابيين في سوريا، وحذرهم من أنهم في حال عدم الإقدام على هذه الخطوة، سيتحولون إلى أهداف مشروعة.
وأشار إلى أنه "نظراً لعدم وجود أي دلائل على نية المعارضة المعتدلة في حلب الشرقية، التنصل من جبهة النصرة، فقد حان الوقت لتطبيق هذا المنطق الذي اقترحه جون كيري عمليا".
وأكد المعلم خلال اجتماع ثنائي مع لافروف، أن سوريا جاهزة لوقف الأعمال القتالية وإيجاد حل سياسي للأزمة عبر حوار سوري سوري من دون تدخل خارجي، ولكن واشنطن وحلفاءها لا يسمحون بجولة جديدة من الحوار في جنيف.
وكرر لافروف تأكيده على أن الفصل بين الإرهابيين و"المعارضة المعتدلة" في حلب، كان حجر الأساس للاتفاقات التي أقرها مع كيري في جنيف يوم 9 سبتمبر/أيلول الماضي، موضحا أن "الأميركيين لم يفعلوا شيئاً للوفاء بهذا التعهد. وكانت واشنطن هي من خرقت وقف إطلاق النار بشن غارات على مواقع الجيش السوري في دير الزور يوم 17 سبتمبر/أيلول الماضي".
وأكد لافروف أن "الطيران الروسي والسوري لم يوجها أي ضربات إلى حلب منذ عشرة أيام، لكن عملية الفصل لم تبدأ، كما لم تجر حتى الآن عملية إجلاء المرضى والمصابين من أحياء حلب الشرقية، بل قام المسلحون بإغلاق كل المخارج من تلك الأحياء، لمنع المدنيين من الخروج".
وأوضح لافروف أنه لم يعد يتوقع أن يتم إحراز أي تقدم في ما يخص الفصل بين الإرهابيين والمعتدلين، قريبا على الأقل.
وأشار لافروف إلى أن عمليات محاربة الإرهاب في حلب تتم بمخاطر كبيرة على السكان المدنيين، لكنه أوضح أن المدنيين في الموصل يواجهون القضايا نفسها في إطار معركة تحرير المدينة.
كما أوضح أن "التحالف الدولي" يدعو المدنيين في الموصل إلى مغادرة منازلهم مع اقتراب خط الجبهة، مشددا بهذا الصدد على ضرورة خروج المدنيين من أحياء حلب الشرقية أيضا.
معركة الموصل قد تغير موازين القوى في سوريا
وأشار لافروف إلى أن العملية التي تقودها الولايات المتحدة لتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم "داعش" قد تؤثر كثيراً في ميزان القوى في سوريا، قائلاً: "لدينا مصلحة في التعاون واتخاذ اجراءات مع زملائنا العراقيين لمنع انسحاب ارهابيي الموصل الى سوريا مع اسلحتهم".
كما قال الوزير إن الدول الغربية، التي سبق لها أن فرضت عقوبات ضد سوريا، تتحمل جزءاً من المسؤولية عن تدهور الوضع الإنساني للسكان.
وأضاف "المسؤولية عن تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، لا يتحملها الإرهابيون فحسب، بل والدول التي تفرض عقوبات اقتصادية غير شرعية ضد سوريا، تستهدف، بالدرجة الأولى السكان المدنيين في هذه البلاد".
وذكّر لافروف بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح خلال مشاركته في مناقشات "نادي فالداي" الدولي في سوتشي جنوب روسيا، "أن نبدأ اليوم بالتفكير في خطة على غرار خطة مارشال لإعادة إعمار سوريا".
يذكر أن "خطة مارشال" هي برنامج لإعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، قدمه في العام 1947 وزير الخارجية الأميركي آنذاك جورج مارشال. وبدأ تنفيذ الخطة في أبريل/نيسان العام 1948.
وشمل البرنامج 17 دولة أوروبية، وكانت الخطة تستهدف إحياء الاقتصاد، وإزالة القيود أمام التجارة، وتحديث القدرات الصناعية في القارة الأوروبية.
نقل "داعش" من الموصل إلى الرقة
من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم عدم وجود أي اتصالات بين دمشق و"التحالف الدولي" بقيادة واشنطن لمحاربة الإرهابيين، مشككاً في ما أعلنته واشنطن عن نيتها إطلاق معركة تحرير الرقة السورية في غضون أسابيع.
وأضاف أن "لا أحد في سوريا يصدق ما يقال عن تحرير الرقة في غضون أسابيع عدة". مشيرا إلى أن "التحالف الدولي" بقيادة واشنطن خلال عمله في المنطقة منذ عامين، لم يقم بمكافحة إرهاب "داعش"، بل كان يستهدف البنية التحتية للاقتصاد السوري، ومؤخراً دمر عدداً من الجسور الهامة على نهر الفرات. موضحا أن الأميركيين يريدون نقل "داعش" من الموصل إلى الرقة.
وأكد المعلم أن هناك تنسيقاً حقيقياً بين العسكريين الروس والسوريين لمعالجة قضية تسرب الإرهابيين من الموصل إلى الأراضي السورية.
وشدد على أن الحملات الإعلامية ضد دمشق وموسكو لن تثني العسكريين الروس والسوريين عن "مواصلة ومضاعفة الجهود من أجل مكافحة الإرهاب، وتحرير حلب من الإرهابيين، وإعادة توحيد المدينة، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية مراعاة الجانب الإنساني".
وأكد المعلم استعداد دمشق لإعلان هدنة جديدة في حلب، شريطة تلقي ضمانات على تنفيذ عمليات إجلاء المرضى والمصابين وتنظيم خروج المدنيين من المدينة.
وأعرب عن ترحيبه بوجود استعداد لدى موسكو وطهران "لزيادة الدعم الاقتصادي ليصل لمستوى الدعم السياسي والعسكري الذي يقدمه البلدان الصديقان لسوريا".
الجماعات الإرهابية ستعض اليد التي دعمتها
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تمسك الأطراف الثلاثة بتسوية الأزمة السورية بالوسائل السلمية، وأن الشعب السوري هو من يجب أن يقرر مصيره بنفسه.
وأوضح أن طهران ترحب باستعداد الحكومة السورية لاستئناف المفاوضات السلمية مع "المعارضة" على أساس القرار الدولي رقم 2254، داعياً إلى تضافر جهود المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب.
وذكَّر بأن طهران كانت تؤكد دائماً أن الإرهاب لن يكتفي بسوريا، بل سينشر جرائمه في العالم أجمع.
ولفت ظريف إلى أن عملية تحرير الموصل من إرهابيي "داعش" يجب أن تضمن عدم انتقال الإرهابيين إلى سوريا، مؤكداً أن "الإرهاب لا يخدم مصالح أحد وعلى المدى البعيد ستعض هذه الجماعات الإرهابية اليد التي دعمتها".