الأسد: واشنطن تستخدم الإرهاب كورقة لفرض هيمنتها.. وروسيا تحاربه لمصلحة العالم بأسره
أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن ما شهدته سورية والمنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية، موضحا أن جوهر هذه الحرب يتعلق بالمحاولات الأمريكية للحفاظ على الهيمنة على العالم وعدم السماح لأي كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية.
كما لفت الأسد إلى أن روسيا تريد محاربة الإرهاب ليس من أجل سورية وروسيا وحسب، بل من أجل المنطقة والعالم بأسره بينما تعتقد الولايات المتحدة دائماً أنه يمكن استخدام الإرهاب كورقة تستطيع اللعب بها ووضعها على الطاولة، موضحا أن الحملة الغربية الإعلامية الكاذبة تسعى لتغيير شكل “جبهة النصرة” الإرهابية ووضعها تحت عنوان القبعات البيضاء وتصوير عناصرها على أنهم أشخاص جيدون.
وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الروسية أن سورية تنظر إلى العلاقة التركية الروسية الجديدة بإيجابية، على أمل أن تتمكن روسيا من إحداث بعض التغييرات في السياسة التركية وخاصة وقف الاعتداء على الأراضي السورية ووقف دعم الإرهابيين.
وأوضح اللرئيس السوري أن التوغل التركي في الأراضي السورية، غزو يتعارض مع القانون الدولي والأخلاق، مشيرا إلى أن الهدف منه صرف النظر عن القناع الذي يلبسه الأتراك وتبييض صفحتهم وتغطية نواياهم الحقيقية المتمثلة في دعم “داعش” و”النصرة” مشيراً إلى أن هدف الغزو أيضاً تغليف “داعش” بغلاف جديد كي يتمكنوا من التحدث عن قوات معتدلة جديدة أساسها في الحقيقة نفس أسس “داعش”.
وأوضح الأسد أن جوهر ومنبع المشكلة السورية هو الإرهاب، وبصرف النظر عمن يتدخل في سورية الآن فإن الأمر الأكثر أهمية هو، من يدعم الإرهابيين بشكل يومي وعلى مدار الساعة، هذه هي القضية الرئيسية، إذا تمكنا من حلها فإن هذه الصورة المعقدة ستصيح قابلة للحل. وأشار إلى أن الأمر لا يتعلق بعدد الدول التي تتدخل الآن، بل بعدد الدول التي تدعم الإرهابيين، "هذا لأن روسيا وإيران وحزب الله حلفاؤنا وأتوا إلى سورية بشكل قانوني، إنهم يدعموننا ضد الإرهابيين، بينما تقوم الدول الأخرى والتي تتدخل في سورية بدعم أولئك الإرهابيين"، وبالتالي فإن المسألة لا تتعلق بالعدد بل بالقضية الجوهرية المتمثلة في الإرهاب.
وعن إمكانية نشوب حرب عالمية ثالثة على خلفية الأزمة السورية، قال الأسد إن ما نشهده الآن، ما شهدناه خلال الأسابيع، وربما الأشهر القليلة الماضية، هو أكثر من حرب باردة، وأقل من حرب فعلية، لا أعرف كيف أسميها، لكنها ليست شيئاً ظهر مؤخراً وحسب، لأني لا أعتقد أن الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أوقف حربه الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وربط الرئيس السوري التصعيد الأخير حولالأزمة في سوريا، بمحاولة الولايات المتحدة بـ"المحافظة على الهيمنة الأمريكية على العالم وعدم السماح لأي كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية، سواء كان روسيا أو حتى أحد حلفاء أمريكا الغربيين"، مؤكدا أن هذا هو جوهر هذه الحرب التي يتم وصفها بأنها حرب عالمية ثالثة، موضحا "إنها حرب عالمية لكنها ليست حرباً عسكرية، جزء منها عسكري وجزء يتعلق بالإرهاب والأمن والجزء الآخر سياسي"، وبالتالي الأمر لا يتعلق فقط بسوريا، فسوريا جزء من هذه الحرب.
وأرجع الأسد أسباب استهداف سوريا من قبل قوى عالمية وإقليمية، لأوجه عدة، فعند التحدث عن الصراع الإقليمي "لسوريا علاقة جيدة بإيران، والسعودية أرادت، تدمير إيران بشكل كامل ربما بالمعنى السياسي وربما بالمعنى العملي ولأسباب مختلفة، وبالتالي فإنهم أرادوا من سورية أن تقف ضد إيران، ولذلك فإن تدمير سورية يمكن أن يؤثر على إيران بشكل سلبي" أما "بالنسبة للغرب، فإن سورية وروسيا حليفتان منذ عقود، فإذا قوضوا موقع سورية فإن بوسعهم التأثير سلبياً على روسيا، كما أن هناك أمراً آخر يتعلق بالدور التاريخي لسورية، لقد لعبت سورية ذلك الدور في المنطقة على مدى قرون، فقد كانت دائماً محور الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بالتالي فإن السيطرة على سورية منذ زمن الفراعنة أي قبل ميلاد المسيح كان هدفاً جيوسياسياً".
كما أشار الأسد إلى أن سوريا دولة مستقلة، "والغرب لا يقبل بأي دولة مستقلة سواء كانت سورية بصفتها بلداً صغيراً، أو روسيا بصفتها قوة عظمى"، موضحا أن مشكلة الغرب مع روسيا تعود إلى إمتلاك لرأيحاص بها، ودفاعها عن سيادتها،وعدم موافقتها على كل نزوات الغرب.
ووافق الرئيس الأسد على أن الصراع السوري قد تحول إلى مواجهة بين روسيا والولايات المتحدة، مرجعا السبب لنية روسيا محاربة الإرهاب لأسباب مختلفة، ليس من أجل سورية أو روسيا فحسب بل من أجل المنطقة بأسرها ومن أجل أوروبا والعالم بأسره، ذلك أن روسيا تدرك معنى أن يتفشى الإرهاب، في حين أن "الولايات المتحدة كانت دائماً ومنذ حرب أفغانستان في مطلع الثمانينات وحتى اليوم تعتقد أنه يمكن استخدام الإرهاب كورقة يستطيعون اللعب بها ووضعها على الطاولة".
وأضاف الأسد أن الإرهاب بالنسبة للولايات المتحدة "ورقة يضعونها في جيبهم ويخرجونها متى شاؤوا"، موضحا أن الصراع الدائر بين موسكو وواشنطن، بتعلق بالفرقا الأيديولوجي بين البلدين وإختلاف رؤيتهما وسلوكهما، موضحا أنه وبالتالي فإن من الطبيعي أن يكون هناك مثل هذا الصراع، "وحتى لو كان هناك حوار فإنهما لا يتوافقان".
وبالحديث عن التدخل العسكري التركي في سوريا، وصف الأسد هذا التحل بأنه غزو. موضحا أنه "غزو ويتعارض مع القانون الدولي ومع الأخلاق ويشكل انتهاكاً للسيادة السورية"، موضحا أن ما يريده الأتراك من هذا الغزو بصرف النظر عن القناع الذي يلبسونه لتغطية نواياهم الحقيقية، هو تبييض صفحتهم وتغطية نواياهم الحقيقية المتمثلة في دعم “داعش” و”النصرة”.
ووصف الأسد التصريحات التركية بأنهم يحاربون داعش بـ"الأمر السخيف... هم صنعوا داعش، وهم دعموا “داعش” وهم يقدمون لهم كل الدعم اللوجستي ويسمحون لهم ببيع نفطنا من خلال حدودهم وعبر أراضيهم بمشاركة إبن أردوغان وحاشيته، جميعهم كانوا ضالعين في العلاقة مع “داعش”، العالم كله يعرف هذا، لكن، بهذا الغزو أرادوا أن يغلفوا “داعش” بغلاف جديد كي يتمكنوا من التحدث عن قوات معتدلة جديدة والتي هي في الحقيقة لها نفس أسس “داعش”.
وأضاف أن "أردوغان على وجه التحديد، (أراد) أن يكون له دور في الحل في سورية بصرف النظر عن ماهية هذا الدور شعر بأنه معزول العام الماضي بسبب “داعش”.". موضحا أن "أيديولوجيته (تشكل) مزيجاً بين أيديولوجية الإخوان بعنفها وتطرفها والإمبراطورية العثمانية أو السلطنة".
وبالتالي، فهو يعتقد أنه بهاتين الأيديولوجيتين يستطيع صنع مزيج يمكنه من السيطرة على هذه المنطقة، ولهذا السبب دعم الإخوان المسلمين في جميع البلدان بما في ذلك سوريا.
ورغم ذلك، أك الأسد أنه ينظر إلى تحسن العلاقات الروسية التركية بإيجابية.معربا عن أمله في أن هذا التقارب بين روسيا وتركيا سيمكن روسيا من إحداث بعض التغييرات في السياسة التركية، "هذا أملنا وأنا متأكد أن هذا هو الهدف الأول للدبلوماسية الروسية حيال تركيا هذه الأيام لتتمكن من تقليص الضرر الذي حدث بسبب تجاوزات الحكومة التركية على الأراضي السورية، آمل أن يتمكنوا من إقناعهم بأن عليهم التوقف عن دعم الإرهابيين ومنع تدفقهم عبر حدودهم ووصول الأموال إليهم".
وفيما يتعلق بعلاقات إسرائيل والتنظيمات الإرهابية المحاربة في سوريا، أكد الأسد أن “داعش” و“النصرة” "وكل شخص وكل إرهابي حمل بندقية وبدأ بالقتل والتدمير في سورية تلقى الدعم من إسرائيل، سواء بشكل غير مباشر من خلال الدعم اللوجيستي على الحدود أو أحياناً من خلال تدخل مباشر من قبل إسرائيل ضد سوريا من مختلف الميادين في سورية".
وكشف الرئيس الأسد عن تلقيه عروضا من دول خليجية لمد أنابيب عبربلاده، مقابل مساعدته على حل الأزمة في البلاد، موضحا أنه "لم يكن ما قدموه عرضاً، بل أرادوا استخدام سوريا بشكل غير مباشر.. كان المطلوب من سورية إقناع إيران بالعمل ضد مصالحها حينها، فرنسا حاولت والسعودية أرادت منا أن نبتعد عن إيران دون مبرر فقط لأنهم يكرهونها".
كما تحدث الأسد عن تلقيه عرض من السعوديين بالإبتعاد عن إيران، وقطع أي شكل من أشكال العلاقات مع إيران مقابل المساعدة.
وعن أسباب تدفق الإرهابيين الجهاديين إلى سوريا من شتى أنحاء العال، أوضح الأسد أن سوريا بالتحديد باتت بمثابة مكان مقدس للجهاديين، "بمعنى أنه إذا أردت أن تذهب إلى الجنة فعليك أن تمر بسورية ربما إذا مت في مكان آخر فلن تذهب إلى الجنة، هذا جزء من الأيديولوجيا".
وعن مدى رضا الرئيس السوري عن نتائج التدخل الروسي بعد مرور عام عليه، أوضح الأسد أن "التدخل الروسي قلص مساحة المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين، وغير ميزان القوى على الأرض لغير مصلحة الإرهابيين".
وعن رغبة الأكراد في الحصول على حكم ذاتب وفيدرالية، فال الأسد إن هذا الأمر "ينبغي أن يستفتى الشعب السوري ليقول نعم أو لا" موضحا أن معظم الأكراد لا يطالبون بذلك، لكن لو أرادوا ذلك فإن الأغلبية في تلك المنطقة هم من العرب، إذاً كيف يمكن أن يكون هناك فيدرالية كردية بينما الأغلبية هم من العرب؟".
وعن المعارضة السورية، قال الأسد "الآن معظم العالم يستخدم كلمة معارضة هنا للتحدث عن أولئك الذين يحملون البنادق ويقتلون الناس، لا ينبغي تسمية هؤلاء معارضة، المعارضة مصطلح سياسي ولا يجوز أن يكون مصطلحاً عسكرياً"
وعن التضليل الإعلامي، قال الأسد إن "جميع وسائل الإعلام الغربية تستقي المعلومات حول الوضع في سورية من هذه المنظمة الغريبة المسماة “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، لكنني فهمت أن هذا المرصد يتكون من مجموعة من شخص واحد"، مؤكدا أن "هذا ما يريده الغرب، هم لا يبحثون فعلياً عن أي شيء، إنهم بحاجة لشخص يروج أي معلومات تناسب أجندتهم، وهم يروجون له على أنه حقيقي كحقيقة واقعة".
وعن الأهداف من تحرير حلب، وصف الرئيس الأسد حلب يـ"توأم دمشق"، لعدد من الأسباب، إنها ثاني أكبر مدينة في سورية، موضحا أن دمشق هي العاصمة السياسية، في حين أن حلب هي في الواقع العاصمة الاقتصادية في سوريا.
وأكدأن تحرير حلب "يشكل مكسباً سياسياً، على المستوى الاستراتيجي، مكسباً سياسياً ومكسباً وطنياً ثم من المنظور الاستراتيجي والعسكري فإن ذلك لا يعزل “النصرة” بل إن حلب كمدينة كبيرة ستشكل منطلقاً للتحرك إلى مناطق أخرى وتحريرها من الإرهابيين، هنا تكمن أهمية حلب الآن".
وعن ظهور تنظيم "داعش"، أرجع الأسد أسباب ذلك لما حدث في العراق بعد الغزو عام 2003، حيث بات الجيش الأمريكي أو الأمريكيون بشكل عام يسيطرون على كل شيء في العراق، بما في ذلك السجون وكان زعيم “داعش” ومعظم حاشيته في السجن نفسه، "إذاً تأسس تنظيم “داعش” في العراق تحت الإشراف الأمريكي".
يمكنكم الإطلاع على نص المقابلة الكامل على هذا الرابط