مصر: هل من موعد وشيك لاقتلاع الإرهاب؟
واجهت مصر في الآونة الأخيرة تصعيداً واضحاً في الهجمات الإرهابية. صحيح أنّ الهجمات التي خلّفت ضحايا كثر كانت في سيناء، لكن الهجمات شملت كلّ أنحاء مصر، ولا سيما في القاهرة والجيزة ومحافظات أخرى.
لماذا عجزت مصر التي تحوز على جيش قوي، وأجهزة أمنية فاعلة، ودعم شعبي مقبول، قياساً لمظاهرات 30 حزيران 2013 التي قادت إلى إسقاط حكم الإخوان المسلمين، عن قهر الإرهاب الذي يسجل تصاعداً في هجماته؟
الإجابة على السؤال تكمن في تضافر سلسلة من العوامل، منها عوامل سياسية وأخرى ميدانية. العوامل السياسية تتمثل في أنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية، وبعض دول المنطقة التي تدور في الفلك الغربي، تريد من النظام المصري الانفتاح على جماعة الإخوان المسلمين، بل تذهب أبعد من ذلك وتسعى إلى اقتسام السلطة معهم، برز ذلك في الموقف المتحفظ، إنْ لم نقل المناهض لنظام السيسي، حيث وصفت الولايات المتحدة وصول السيسي إلى الحكم بالانقلاب، ولم توافق على تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
أيضاً بين العوامل السياسية الدعم غير المحدود الذي تقدّمه دول قطر وتركيا للجماعات التي تحارب الدولة والنظام في مصر، بما في ذلك تنظيم داعش، ومن يتابع تغطية قناة «الجزيرة» يدرك هذه الحقيقة. أيضاً السعودية تعمل على ابتزاز النظام المصري وتمارس الضغط عليه ليكون جرماً يدور في فلك سياستها العربية، وتحديداً إزاء سورية والعراق، وبين العوامل السياسية التي تؤثر على قدرة النظام في مصر على قهر الإرهاب وجود تأييد شعبي يتجاوز ربع سكان مصر للجماعات الإسلامية حيث يشكل هذا التأييد بيئة حاضنة تساعد الإرهاب على شنّ المزيد من الهجمات على مواقع الأجهزة الأمنية. وفوق كلّ ذلك فإنّ من بين العوامل السياسية سعي تل أبيب لإضعاف النظام المصري من خلال التمسك الحرفي باتفاقات كامب ديفيد والحؤول دون إرسال مصر قوات عسكرية قادرة على مواجهة الإرهاب الذي تجذر في سيناء، إذ أنّ عديد القوات المسموح لها بالتواجد في سيناء تبعاً لاتفاقات كامب ديفيد محدود غير قادر على توفير الأمن في مساحة سيناء الواسعة. أما العوامل الميدانية، ففي محيط مصر تنتشر الجماعات الإرهابية المسلحة، ولا سيما في ليبيا والسودان حيث يتعاطف النظام السوداني إلى حدّ كبير مع الإسلاميين المتطرفين. ومعروف أنّ حدود ليبيا والسودان مع مصر هي حدود طويلة، ومن الصعب إحكام السيطرة على هذه الحدود والحؤول دون تسريب السلاح والإرهابيين إلى داخل مصر.
هذه العوامل السياسية والميدانية مجتمعة تؤكد أنّ مصر لن تكون قادرة على قهر الإرهاب واستئصاله في وقت قريب، بمعزل عما إذا كانت سياسات السلطات المصرية صائبة أم لا.