من يقف وراء عملية اغتيال السفير الروسي في انقرة؟

21.12.2016

سؤال يؤرق كل المهتمين بهذا الموضوع نظرا لما له من انعكاسات خطيرة على الاوضاع المتأزمة في المنطقة.

المغامرة بالاجابة المتسرعة على هذا السؤال اعتمادا على حقدنا على هذا الطرف او ذاك امر يساهم بتعقيد الموضوع لذا، فالحياد هنا مطلوب من اجل الحقيقة ذاتها وليس من اجل توظيف الحادث سياسيا دون أن نطلق لعواطفنا عنان التحليل والاستنتاج.

بعض المتحاملين على تركيا يوجه اصابع الاتهام اليها، والبعض يتهم دول الخليج، واخرون يتهمون روسيا، والاكثرية يشيرون باصابع الاتهام الى امريكا وانا من هذه الفئة.

العداء الامريكي لروسيا
كل المعاهدات والاتفاقيات والمجاملات السياسية بين الامريكيين والروس، لايمكنها ان تخفي رغبة الولايات المتحدة بتحجيم الدور الروسي في العالم وتحويل روسيا الى دولة صغيرة تدور بالفلك الامريكي. فروسيا هي الدولة الوحيدة المؤهلة لقيادة حركة مقاومة عالمية ضد الرغبات الامريكية بالسيطرة الاحادية على مقدرات العالم.

والخطط الامريكية لتفتيت الدولة الروسية لم تتوقف منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور الاتحاد السوفيتي على الساحة العالمية كقوة عظمى.

في عام 1945 وضع اللان دالس مدير المخابرات المركزية الامريكية خطته لتفتيت الاتحاد السوفيتي عن طريق زعزعة استقراره الداخلي والتشجيع على نشر الفساد في اجهزة السلطة.

وفي عام 1948 وضعت امريكا خطة (جاريوتير) لمهاجمة الاتحاد السوفيتي، وكان من المقرر ان تلقى 133 قنبلة نووية على 70 مدينة سوفيتية وذلك في المرحلة الاولى من الحرب. وفي المرحلة الثانية كان من المقرر ان تلقى 200 قنبلة نووية اخرى بالاضافة الى 250 الف طن من القنابل العادية. على اهداف استراتيجية وحيوية في الاتحاد السوفيتي.

ومن اجل تحقيق هذا الهدف تشكل حلف شمال الاطلسي – الناتو - عام 1949 حيث وضعت امريكا امام حلفائها خطة (ترويان) التي تقضي بالقاء 300 قنبلة نووية، و200 الف طن من القنابل العادية على 100 مدينة روسية وذلك في ليلة عيد رأس السنة لعام 1950.

ثم وضعت خطة (دروب شوت)، التي تنص على احتلال اراضي الاتحاد السوفيتي بالاشتراك مع قوات حلف الاطلسي. وساعة الصفر كانت ايضا في ليلة عيد رأس السنة وذلك لعام 1957.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، افصح الرئيس الامريكي بيل كلينتون عن خطته لتفتيت روسيا وذلك في كلمته التي القاها امام رؤساء اركان الولايات المتحدة.

وفي وقت لاحق من نفس العام، ادلى وزير الخارجية الامريكي جورج بيكر بتصريح قال فيه: ان مسألة بحر كاسبي بالنسبة لامريكا ليست مسألة اقتصادية فقط ، بل مسألة جيو- سياسية من الدرجة الاولى.

اما وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت فقد قالت: ان الثروات الطبيعية لسيبريا والشرق الادني ليست ملكا للروس فقط، بل ملك لكل البشرية. المقصود بالبشرية هو امريكا واوروبا طبعا.

بتاريخ 21 حزيران عام 2003، عقد اجتماع في محفل بيلدربيرك (احدى هيئات ما يسمى بالحكومة العالمية) جرى خلاله مناقشة مشروع تفتيت الاتحاد الروسي، وطرح اقتراح بمنح امريكا المناطق الغنية بالنفط وهي: سيبيريا، ياقوتيا، تشيكوتكا.

وفي عام 2004، نشرت على موقع المخابرات الامريكية تقارير مراكز الابحاث الشهيرة، وتنبؤات المحللين السياسيين بخصوص الاحداث التي سيشهدها العالم خلال السنوات القادمة. التقارير تنظر الى روسيا كمنطقة مضطربة وغير مستقرة ينعدم فيها الامان. وتتنبأ التقارير بأن الاتحاد الروسي سيتفتت الى 8 دول مستقلة.

لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يمكن مراجعة كتابنا
РОССИЯ И КАВКАЗ:
ПРОБЛЕМЫ И МЕТОДЫ ИХ РЕШЕНИЯ

(روسيا والقوقاز: المشاكل وسبل معالجتها)

هذه اللمحة التاريخية المختصرة كانت ضرورية لنتمكن من تقديم قراءة صحيحة لما يجري اليوم، لان ما يجري الان هو امتداد لما تم التخطيط له سابقا.

والآن، وعلى ضوء هذه المعلومات يمكننا تقدير من يقف وراء اغتيال السفير الروسي في انقرة بهذا الشكل الاستعراضي.

هذه الحادثة تعيد الى اذهاننا ماجرى بتاريخ 9 نيسان عام 2003 حين اعتدت القوات الامريكية على موكب السفير الروسي في بغداد فلاديمير تيتورنكو.

تلك الحادثة اسفرت عن جرح حوالي عشرين من اعضاء السفارة الروسية في بغداد بمن فيهم السفير الروسي الذي اتهم القوات الامريكية باطلاق النار عليهم عمدا.

ويجب ان لا ننسى ايضا القصف المتكرر الذي تتعرض له السفارة الروسية بدمشق من المسلحين المدعومين امريكيا في جوبر.

اذا، هناك سوابق امريكية بالاعتداء على البعثات الدبلوماسية الروسية، وبالتالي، يمكننا ان نرجح وقوف امريكا وراء حادثة اغتيال السفير الروسي في انقرة. فما هو الهدف الي حاولت امريكا تحقيقه من وراء هذه العملية؟

يتبع...