"أرماتا" الدبابة الروسية الخارقة.. هل تهزم "أبرامز" الأمريكية وصواريخها؟
كتب الكثيرون عن الدبابة الروسية الخارقة الجديدة، أرماتا T-14 . ولكي نكون واضحين، فإنها في الواقع جزء من مجموعة تسمى "ارماتا"، تتكون من دبابةT-14 القتالية الرئيسية، ومركبة T-15 الثقيلة للمشاة القتالية ومركبة الإنقاذ T-16 المدرعة، بين مجموعة من المركبات الأخرى.
وفي حين يبدو أن التقارير الأولية بشأن الدبابة الجديدة تشير إلى بعض القدرات الكبيرة، فكيف سيكون أداء تلك المركبة الروسية الجديدة في ساحة المعركة؟ هل تكون لها الهيمنة أم أنها مجرد نمر من ورق؟
ومن ثم لدينا السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن أن يكون أداؤها ضد أفضل دبابة أميركية، الدبابة "أبرامز M1"؟ هل تستطيع "ابرامز" كسب المعركة النارية أمام الدبابة الروسية الجديدة؟ أو أن موسكو ستستمر بالاحتفاظ بالصدارة؟
ثم هناك مسألة كيفية أداء سلاح موسكو الحربي الجديد أمام مختلف الأسلحة المضادة للدبابات، كصاروخ TOW على سبيل المثال؟. وللرد على بعض هذه الأسئلة، نشر الأمريكيان ديف ماجومدار وسيباستيان روبلين بحوثا عن هذا الموضوع قبل عدة أشهر، لنستمتع بالمناظرة ونبدأ القراءة:
تشكيلة "أرماتا" من عربات القتال المدرعة الروسية هي خروج على العمل السوفيتي السابق لتطوير منصات بسيطة نسبيا وغير مكلفة ولكنها مبتكرة. في الواقع، تأتي "أرماتا" في سياق العديد من الإصدارات تم تعديلها لتحتوي على برنامج نظام قتالي مستقبلي مميت. هناك دبابة، مركبة قتال للمشاة، وقطعة مدفعية ذاتية الحركة ومجموعة من المتغيرات الأخرى. والأبرز بينها هي دبابة T-14 القتالية الرئيسية المميزة في مجموعة "أرماتا".
T-14 هي خروج كامل عن نسق الدبابات السوفيتية والروسية السابقة، والتي شكلت مواصفات تصميمها من الدروس التي تعلمها الجيش الأحمر في قتال الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية. كانت الدبابات السوفيتية بسيطة نسبيا، وقوية البنية للغاية، وقد أنتجت بكميات كبيرة. لم تضع الدبابات السوفيتية تركيزا كبيرا على منافسة الدبابات الغربية واحدة لواحدة، بل اعتمدت على تكتيك سحق الخصم باستخدام أعداد كبيرة – وكان بقاء الطاقم على قيد الحياة في المقام الثاني، بما في ذلك الدبابة T-90، وهذه الفلسفة كانت حجر الأساس في التصميم.
ما يميز "أرماتا" بصرف النظر عن أية دبابة عمليات أخرى، هو أن لديها برج بدون ملّاح. وميزة أن حجرة الطاقم مفصولة عن مكان حفظ الذخيرة. وعلاوة على ذلك، تزود الدبابة بدرع مصفح إلى جانب الدرع الأولي، ونظام حماية فعال. ويشتمل نظام الحماية النشطة على موجات رادارية لكشف وتعقب واعتراض قذائف واردة.
وبينما يقدم برج الرقابة بدون ملاح إمكانية أفضل لبقاء طاقم الدبابة على قيد الحياة، فقد يكون فيها بعض العيوب. إذ يتوجب على الطاقم أن يعتمد كليا على أجهزة الاستشعار من أجل تقييم الوضع والاستهداف. ولا يعتبر هذا الأمر عيبا كبيرا عادة، ولكنه قد يشكل مشكلة إذا تم استهداف أجهزة الاستشعار والإلكترونيات فيها. وهذا قد يعني نتائج كارثية لبرج بدون ملاح في المهمة القتالية حيث تكون الدبابة قابلة للقيادة، ولكنها غير قادرة على تبادل إطلاق النار.
في المقابل فإن الدبابات من نوعV2 SEP M1A2 ولاحقا لـ M1A3، مسألة مختلفة عن أي دبابة، والسؤال الذي يطرح نفسه أي منهما الأفضل؟! من المثبت أن "أبرامز" هي تصميم موثوق لا يزال قيد التطوير. وستكون M1A3 المقبلة أخف وزنا وأكثر قدرة على الحركة إلى حد ما. كما يعتزم الجيش الأمريكي أيضا استبدال بندقية 120MM M256 بنموذج أخف وزنا.
قد تمكن المقذوفات الموجهة الجديدة أبرامز من ضرب أهداف على بعد 12 ألف متر. ولكن الدبابات الروسية مجهزة أيضا لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات موجهة عن طريق المدفع الرئيسي - انها حقا مسألة من الذي يرى الثاني أولا. وسيعتمد جزء كبير من كيفية تحرك "أرماتا" على أرض المعركة على مدى التقدم الذي أحرزته روسيا في تطوير أجهزة استشعار الدبابات وشبكات البيانات. إن الدبابة التي ترى العدو أولا، دائما يكون الفوز من نصيبها في المعركة.
وكون "أرماتا" تمتلك تصميما جديدا، فستمر بمراحل تطوير حتى تبلغ سن النضج. وعلاوة على ذلك، هناك مسألة عدد دبابات T-14 التي يمكن أن تنتج كعامل مهم نظرا لحالة الاقتصاد الروسي. وهي في نهاية المطاف، يمكن أن تكون سلاحا مرعبا.
وهنا يبرز سؤال جيد، ما إمكانية مقاومة دبابة "أرماتا" الروسية الجديدة لصواريخ TOW الأمريكية المضادة للدبابات "المفضلة سابقا في أميركا"؟
لقد تم بيع صواريخ TOW في جميع أنحاء العالم، ولكن امتدت عيون أميركا بحثا عن أسلحة مضادة للدبابات في مراع أكثر اخضرارا. ومنذ أن بدأ الجيش الأمريكي بنشرمعدات هجوم الذروة بصواريخ "جافلين" في منتصف تسعينات القرن الماضي، تم تسليمهم لفرقة من القوات على خط الجبهة.
من ناحية أخرى، لا يسمح للاعبين الجدد بدخول ملعب استخدام "جافلين". تم فتح الباب أمام أوكرانيا ولكن لم يكن ضروريا منح هذه الميزة للمتمردين في سوريا.
ويبدو أن هذا هو السبب في أن صواريخ TOW وجدت طريقها إلى أيدي المسلحين في سوريا، والتي دفع قيمتها متبرع لم يعد خفيا. لا يزال لـصواريخ TOW ميزة أخرى: لديها مدى إطلاق أكبر بما يعادل 50 في المئة من مدى "جافلين" الأساسي، على الرغم من أن النموذج الجديد من "جافلين" قيد التطوير، وسيكون له مواصفات فنية مختلفة كليا عن هذا.
لذا كيف يمكن لصواريخ TOW الطاعنة في السن، أن تحقق نجاحا أمام "أرماتا T-14"، الدبابة الروسية الغامضة الجديدة والخارقة، والتي تشيع وسائل إعلام غربية عنها سرا، أنها روبوت متحول قادر على الطيران؟ دعونا نقارن خصائص TOW مع قدرات "أرماتا" الدفاعية.
تعد صواريخ BGM-71 TOW بعيدة المدى من الصواريخ الأميركية المضادة للدبابات، والتي تم نشرها لأول مرة في العام 1970، وهي متاحة الآن مع العديد من الخصائص: لاسلكية، وشحن ترادفي، هجوم من الأعلى، خارقة للتحصينات
والدروع. هناك أنواع تلبي كافة الأذواق والمتطلبات. دعونا اليوم نتجاهل نماذج الجيل الأول، ونركز على اثنين من النماذج الحالية: TOW-2A وTOW-2B.
لا يزال صاروخ A2 TOW يستخدم نظام التوجيه السلكي. عندما يطلق صاروخ TOW من جهاز إطلاق ويتم الأمر باستخدام صاروخ دافع، حيث يصل سلك الصاروخ ببكرات قاذفة خلفه، يسمح لوحدة الإطلاق بإرسال الأوامر عبر الأسلاك في حين يرتفع الصاروخ إلى الأمام.
يتم توجيه TOW بخط بصري شبه تلقائي، أي يمكن القول أن النار تقود القذيفة من خلال الإبقاء على النظام البصري بهدف التدريب على الاستهداف، ويقوم نظام التوجيه تلقائيا بتصحيح مسار الصاروخ. ويمكن لـ A-2 TOW أن يصل إلى أهداف على مسافة 3750 متر، رغم أنه قد يستغرق بعض الوقت للوصول إلى هدفه. كما يحلق على علو متوسط بسرعة 180 مترا في الثانية، ويضاف إليه 21 ثانية لضرب الهدف في المدى الأقصى، وهو ما يعطي طاقم الدبابة المستهدفة فرصة المراوغة... إذا لحظوا أن الصاروخ موجه ضدهم.
لدى نظام سلك التوجيه ميزة كونه في مأمن من معظم أشكال التشويش. ومع ذلك، فإنه يتطلب من الرامي البقاء في مكانه، بهدف توجيه الصاروخ حسب الوقت اللازم لكي يصيب هدفه، وتجاهل الاجراءات المضادة التي تجعل من الصعوبة تحديد الهدف مثل الطرازالعادي القديم حيث يؤدي الدخان الى امكانية فشل الرامي في تحديد مكان الهدف.
الصاروخ المذكور يحتوي على رؤوس حربية شديدة الانفجار, والمعروف أنه يحتوي على مواد كيمائية حارقة وخارقة للدروع. هذه المقذوفات تعتمد على الطاقة الحركية والتي هي مزيج من السرعة والمواد الخارقة للدروع. وهذه الحركية تتطلب منصات اطلاق ضخمة تستطيع كبح حركة الارتداد وتخفض فقد قوة الاطلاق عندما يتم الرمي من مسافات أطول.
مبدأ القذائف الحرارية والتي أتت بديلا عن القذائف التقليدية وهي اندفاعات القطع المعدنية بسرعة عالية جدا، وخصوصا أن القذائف الحرارية الأكبر تستطيع اختراق دروع أكثر، ولكن سرعة هذه القذائف لا تحقق الاختراق المطلوب. لذلك نحتاج الى سبطانات أطول وإطارات ثقيلة لكي نمتص عملية الارتداد وهذا أمر ضروري جدا. ان منصة اطلاق صاروخ تاو 2 ا بقياس 6 انشات قادرة افتراضيا على اختراق المدرعات المحصنة وما يعادلها.
منذ بداية الثمانينات، بدأ المصممون في صنع الدبابات المضادة للرؤوس الحربية الحرارية. في حين تم استخدام نظام "شوبهام" في العربات العسكرية المتنقلة وفي الدبابات الغربية. أما الصواريخ المضادة للدروع الروسية، فقد كان لها تأثير كبير على دبابات أبرامز وتشالنجر الجديدة. كما ضمت الدبابات الروسية استخدام متفجرات حربية متطورة في نظام (ايرا)، الذي يوجه كتل متفجرة عند اقتراب الصاروخ من الدبابة، والتي تنطلق قبل أن تقترب الرؤوس الحرارية من جسم الدبابة. قد يكون نظام (ايرا) الحربي أكثر فاعلية من سلاح شوبهام، ولكنه أرخص وأخف وزنا.
نظام (ايرا) الحربي لديه القدرة على تخريب كامل نظام تاو A2، وهو لديه نظام شاحن رديف: رأسين حربيين، واحد في المقدمة يقوم بتفجير الصاعق الحربي واحداث ثقب، والثاني يدخل من خلال الثقب المستحدث ويعمل على تخريب الدبابة. اليوم أكثر الأسلحة المضادة للدبابات والأشد فتكا، مثل ار بي ج 29 ونظام أ ت 14 ونظام جافليين يستخدم الشاحن الرديف.
من هنا نعرف بأن نظام "أرماتا" الجديد، سيحافظ بشكل اسطوري على قدراته أمام الصاروخ الأمريكي، كما حدث حين استهدف المسلحون السوريون دبابة روسية أقل قدراتا وتحصينا من "أرماتا"، وبقيت الدبابة ثابتة في مكانها، في حين انحرف الصاروخ ولم يلمس الدبابة.
اذا وضعنا هذه النتائج المحرجة جانبا، فإن نظام "ت 14" يحتوي على ميزات دفاعية أعلى بكثير بالمقارنة مع سابقاتها.
بداية وقبل كل شيء، هناك نظام الدفاع الأفغاني النشيط والذي يشتمل على المقدرة القتالية القاسية والخفيفة، والمتموضع مع رادار مراقبة من نوع ايزا والمحمي بلفائف معدنية بسماكة أربعة أو خمسة ملم وهي تغطي كل جانب من جوانب الدبابة، وتوفر الإنذار من كافة المقذوفات التي تقترب من الدبابة.
نظام الدفاع الخفبف مصمم لمواجهة الصواريخ غير المباشرة. يشتمل على أربعة قنابل دخانية تعمل على تشغيل اجراءات دفاعية معاكسة لا تعمل فقط على تمويه الدبابة ولكن أيضا على تشغيل قناع واقي للمركبة مقاوم للأشعة تحت الحمراء كما يعكس أشعة الليزر والرادارات.
كما يوجد نظام "القتل الصعب" حيث يوجد عنصر أسفل الصواريخ الإعتراضية، مخصص للرد على مطلقي الصواريخ. نظام الرادار الأفغاني يتحول تلقائيا إلى برج يتجه نحو القذائف الواردة حتى أنه يمكن أن يضم نظام القتل النشط. خمسة من الأنابيب على كل جانب من البرج يمكنها إطلاق الصواريخ التي تستهدف القذيفة الواردة.
إذا كانت أنظمة القتل الصعبة والسهلة لا تقوم بالخدعة، فرادارت "أرماتا" تمتلك خاصية الدرع التفاعلي Relikt. إذ يضاعف رادار "أرماتا" إمكانية تفجير القذائف عبر الدرع التفاعلي فقط، بحيث يتم ضرب صواريخ أو قذائف العدو قبل وقت كاف، للرد على المطلق وتحييد إمكانية الشحن المتتالي للرؤوس الحربية. هل فعلا يتم الأمر عمليا بهذا الشكل؟ اللقطات في سوريا لدبابة T-90 تظهر تمكنها من تدمير صاروخ TOW بفضل درعها التفاعلي المتفجر كونتاكت-5.
ماذا لو كان لدينا صاروخ TOW قوي تمكن من التملص من كل هذه الدفاعات؟ هل يتمكن من شق طريقه إلى قلب "أرماتا" المدرعة؟
من حيث الدروع التقليدية، يعتقد أن "أرماتا" محمية بشكل أقل من أبرامز M1A2، أو ليوبارد2 ، حيث وزنها حوالي خمسين إلى ستين طنا، في حين تزن أبرامز سبعين طنا. ويصل الحد الأقصى من سماكة درع "أرماتا" 1200 مم إلى 1400 مم، ما يحميها من الرؤوس الحرارية الحربية، بالإضافة إلى وجود لوحات سيراميك فوق الدروع. ما يبدو بشكل إضافي فعالا مقابل -2A TOW، القادر على احتراق درع بسمك900 ملليمتر، ولكن ليس هناك حديث عن كيف حماية الدروع للبرج والهيكل )هناك بعض التكهنات بأن يكون البرج أكثر ضعفا).
لذلك، كم هي فرص نجاح A TOW؟ مقابل نظام موجه سلكيا، فنظام الدفاع سيعمل إذا كانت رادارات "أرماتا" فعالة وكان الطاقم سريع بما يكفي لتحريك الدبابة إلى موضع جديد بينما الصاروخ يطير. غير أن نظام القتل النشط قد يكون له فرص جيدة لحرف وصد الصاروخ. ومن المرجح أن نظام "إيرا" يقلل بشدة من فرص الصاروخ للوصول للدبابة.
وعلى أية حال، هناك فرصة بأن اختراق برج T-14 سيهز قدرات المركبة الهجومية، لكن الهيكل سيسمح للطاقم بالهروب بسلامة.
ويبقى أن نرى كيف سيتم لإدخال العديد من دبابات T-14S إلى الخدمة – الآن من المقرر إنتاج 100 دبابة فقط لضمها للخدمة. في حين أن العدد سيزيد بلا شك، فمن غير المؤكد إلى أي درجة ستحاول روسيا استبدال دباباتها القديمة بالدبابة الجديدة الخارقة.
في النهاية، يبدو أن T-14 تمتلك دفاعات قوية ضد TOW، لا سيما TOW-2A، ولكن: كيف سيكون أداؤها في القتال؟ سؤال تستطيع فقط المعركة أن تجيب عليه.
المصدر: وزارة الدفاع الروسية، "ناشيونال انترست"