إنتخابات قد تغير وجه العالم في العام 2017
من المؤكد أن الساحة السياسية العالمية ستشهد في العام 2017 مفاجآت انتخابية كالتي شهدناها في عام 2016، كما هو الحال مع الإنسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وفوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية خلافًا للتوقعات التي كانت سائدة.
ذهب الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم إلى صناديق الاقتراع هذا العام. وجاءت النتائج بالكثير من المفاجآت. تحدى الناخبون البريطانيون استطلاعات الرأي، وصوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. فعل الكولومبيون الشيء نفسه في رفض اتفاق سلام حكومتهم مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية، على الرغم من أن رئيس كولومبيا وجد طريقة لإتمام الصفقة بعد بضعة أشهر من دون تصويت.
وأكبر مفاجأة انتخابية في عام 2016، ربما كانت في الولايات المتحدة، حيث تحدى ترامب الخبراء السياسيين، وهزم هيلاري كلينتون. فهل يمكن أن نشهد نتائج مماثلة مذهلة في 2017؟
الانتخابات العامة في هولندا، 15 مارس/آذار
تعهد السياسي الهولندي المثير للجدل خيرت فيلدرز بخروج هولندا من الاتحاد الأوروبي في حال حقق حزب "الحرية" اليميني الراديكالي الذي ينتمي إليه، الفوز بالانتخابات في مارس/آذار المقبل.
ربما يكون فيلدرز قد حصل للتو على فرصة لتحقيق وعوده. فقد تصاعدت شعبية حزب "الحرية" في استطلاعات الرأي مؤخرًا، ويتقدم الحزب في الاستطلاعات متفوقًا على حزب رئيس الوزراء الهولندي الحالي، مارك بوتا.
يحظى الحزب بهذه الشعبية لأن فيلدرز استخدم ببراعة المحاكمة، التي أدين فيها بتهمة التحريض على التمييز ضد المهاجرين المغاربة، لتصوير نفسه على أنه المدافع عن حرية التعبير، وضحية اللياقة السياسية.
صنع فيلدرز اسمه في السياسة الهولندية مع مواقفه المعادية للإسلام، والمناهضة للهجرة. وقد اقترح حظر القرآن، وفرض ضريبة على الحجاب، وحظر بناء المساجد.
ولكن السباق لم يتم حسمه بعد نظرًا للتغيرات التي تشهدها استطلاعات الرأي. في حال حافظ حزب "الحرية" على تقدمه، فمن المرجح أن الأحزاب الهولندية الأخرى ستحاول تشكيل حكومة ائتلافية تلقي بفيلدرز خارج السلطة. يمكن أن يترك ذلك هولندا مع قيادة سياسية هشة، في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات كبرى.
انتخابات الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ، 26 مارس/آذار
تعايشت هونغ كونغ والصين على مدى العقدين الماضيين في انسجام نسبي، في إطار "دولة واحدة ونظامين". ولكن يبدو أن هذا الانسجام قد فقد بريقه.
في عام 2014، قاد الطلاب في هونغ كونغ احتجاجات بعد أن تحركت بكين لتغيير النظام الانتخابي في المدينة؛ لإعطائها دورًا أكبر لإدارة هونغ كونغ. يرأس المدينة المدير التنفيذي الذي يتمتع بسلطات واسعة النطاق. وتقرر لجنة انتخابية تتكون من 1200 شخص تعينهم بكين من الذي يحصل على الوظيفة، وكما قد يتبادر إلى الأذهان، يتم اختيار المرشح المفضل لبكين. وكان المحتجون يريدون لناخبي هونغ كونغ أن ينتخبوا رئيس السلطة التنفيذية مباشرة.
وقد خلفت القضية انقسامات بين السياسيين في هونغ كونغ منذ ذلك الحين. شاغل هذه الوظيفة، ليونغ تشون بيينغ، الذي انحاز إلى بكين منذ توليه منصبه في عام 2012، أعلن للتو أنه لن يسعى لإعادة انتخابه. مع خروج ليونغ من السباق، فإن المرشح الجديد هي ريجينا إب، وزيرة للأمن السابقة، والزعيمة الحالية لحزب "الشعب الجديد" المؤيد لبكين. ومع ذلك، قد لا تكون ريجينا الشخص الذي يريده الناخبون في هونغ كونغ، إذا كان القرار بأيديهم.
وزير المالية جون تسانغ، الذي وصف الاحتجاجات بأنها "قوة قوية وبناءة"، يقود أحدث استطلاع للرأي بدعم 28%. فيما لم تحظ ريجينا سوى بدعم 8% فقط. لكن بكين قد تمنع تسانغ من الترشح. وفي الشهر الماضي، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إنه "قلق للغاية" بشأن هونغ كونغ، وحذر صراحة من احتمال استقلالها.
الانتخابات الرئاسية الفرنسية- الجولة الأولى في 23 أبريل/نيسان والجولة الثانية 7 مايو/أيار
بعد ثلاثة أيام من فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، تفاخرت ماريان لوبان، زعيمة الجبهة القومية اليمينية في فرنسا، بأنها ستكون الرئيس المقبل في فرنسا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من غير المرجح حدوث ذلك. ومع ذلك، فإن معظم الخبراء السياسيين الفرنسيين يعتقدون أنها ستكون أحد المرشحين في الجولة النهائية من الانتخابات.
وقد ساعد لوبان مؤيدوها المتحمسون، والمعارضون المنقسمون. الرئيس الحالي فرانسوا هولاند قرر عدم الترشح لإعادة انتخابه. وبات الاشتراكيون الفرنسيون بحاجة الآن للتوصل إلى مرشح.
أعضاء من حزب يمين الوسط، الجمهوريون، اختاروا رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون مرشحًا لهم. ومن شأن فوز لوبان أن يقلب السياسة الفرنسية، ويحفز الأحزاب اليمينية في أماكن أخرى في أوروبا، ويترك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كزعيم أوروبي وحيد يدعو بقوة لاتحاد أوروبي موحد.
ولكن حتى في حال الخسارة، يمكن للوبان أن تسحب فرنسا نحو اليمين في الوقت الذي يبدو أن معارضيها يسعون لمجاراة خطابها الصارم حول المهاجرين، والإرهابيين، والاتحاد الأوروبي، من خلال التحدث بدرجة أكثر صرامة منها.
الانتخابات الرئاسية في إيران، 19 مايو/أيار
فاجأ الرئيس الإيراني حسن روحاني العالم في العام 2013، بفوزه في انتخابات الرئاسة الإيرانية، وهزيمته لمجموعة من المرشحين المتشددين. وكان روحاني قد وعد بتحسين العلاقات مع الغرب، وإنعاش الاقتصاد، وتنفيذ ميثاق الحقوق المدنية. وسرعان ما علم أن الحكم هو أكثر صرامة من الحملة الانتخابية.
قاد المفاوضات النووية مع الغرب، وحرر إيران من العديد من العقوبات التي واجهتها. ولكن مع فوز ترامب، يبدو أن النجاح الآن غير مستقر.
وفي الوقت نفسه، ما يزال الاقتصاد الإيراني يعاني، وتخفيف العقوبات لم ينتج عنه بعد نتائج ملموسة، وتلقى ميثاق الحقوق المدنية ردود فعل متباينة. لحسن حظ الرئيس الإيراني، لم يتجمع الفصيل المتشدد في إيران حول شعبية بديلة. كما لن يترشح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بعد مطالبات من المرشد الأعلى آية الله خامنئي. حتى الآن، يحظى روحاني بأفضلية الفوز بفترة ولاية ثانية، إلا أن وجوها جديدة قد تبرز على الساحة السياسية الإيرانية، وتغير قاياة البلاد وتوجهاتها السياسية.
الانتخابات الاتحادية في ألمانيا، 22 أكتوبر/تشرين الأول
يبدو أن أنجيلا ميركل معجبة للغاية بوظيفة المستشارة الألمانية. إذ أعلنت للتو أنها سوف تترشح لولاية رابعة. وهي التي شغلت هذا المنصب منذ عام 2005. خلال الأحد عشر عامًا من توليها المنصب، تركت ميركل بصمتها الشخصية على السياسة الأوروبية، والاقتصاد. وقد اتخذت تدابير التقشف للتعامل مع أزمة الديون في منطقة اليورو، ورحبت بأكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا، وقادت أوروبا لتشكيل سياسة معادية لروسيا.
يقول المراهنون إن الحزب الديمقراطي المسيحي، الذي تتزعمه ميركل سوف يفوز، على الرغم من أنه من المرجح أن يخسر مقاعد في البرلمان. ولكن العوامل التي يعتبرها المؤيدون نقاط قوة لميركل، هي نفس العومل التي قد تطيح بها.
سياسة التقشف في دول أوروبا، أفقدت مكيركل جزءا كبيرا من شعبيتها، ومن شعبية فكرة الإتحاد الأوروبي ككل، وخير مثال على ذلك، اليونان، كما أن ترحيب المستشارة الألمانية بمليون لاجئ، وفتح أبواب أوروبا على مصراعيها أمام المهاجرين، أثار حنق المواطني الأوروبيين، وعزز من مواقف القوى اليمينية، خاصة بعد الأعمال الإرهابية التي شهدتها دول وعواصم أوروبية، وألقي باللائمة على المهاجرين.
كما أن سياسة العداء الأوروبي لروسيا، والانقياد الجماعي وراء أوامر وتحركات الولايات المتحدة، وفرض عقوبات إقتصادية على روسيا، وما تلاها من رد روسي تسبب بأزمة كبيرة للإقتصاد الأوروبي، وغضب لدى أوساط الأعمال، أيضا عاملا مهما أفقد ميركل جزءا من شعبيتها، وتسبب في بروز قوى سياسية واقتصادية تؤمن بعبثية التوجه الأوروبي بقيادة ميركل، ويطالب بالتقرب من روسيا وإلغاء العقوبات والتعاون معها. وهذه المطالب تضرب في صميم العقيدة السياسية لميركل وجماعتها، وتلقى رواجا متزايدا في أوساط الأوروبيين.
لذا، فعلى رغم التوقعات المتفائلة بفوز ميركل بولاية خامسة، يبدو أن الأمر حقيقة صعب المنال، وهذا الأمر اتضح وتأكد في إنتخابات البلديات التي فقد حزب ميركل فيها مقاعده في عدد من المناطق الألمانية.
والورقة الرابحة في الانتخابات هي حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني، المعادي للمهاجرين، والمعادي للإسلام. ويمكن أن يكتسب المزيد من الدعم إذا نمت المعارضة لسياسة ميركل تجاه المهاجرين. وإذا حدثت "المفاجأة" وخسرت ميركل، يمكن أن يكون الاتحاد الأوروبي على شفا تغيير شامل لسياساته.