القوات الكردية السورية في مهب ريح التحالفات الدولية
على وقع الأنباء التي تحدثت عن تعاون تركي روسي أميركي في الشمال السوري عقب تخلي إدارة الرئيس باراك أوباما عن دعمها للقوات الكردية السورية، أعلنت «قوات سورية الديمقراطية – قسد» استعدادها للتعاون مع أنقرة، على حين واصلت الأخيرة عمليتها المتعثرة «درع الفرات» ضد داعش للسيطرة على مدينة الباب، وسط معلومات عن عقد صفقة استعادت أنقرة بموجبها أمس جثة جنديين أتراك قتلهما التنظيم.
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، تقريراً مطولاً تضمن مجموعة من المعلومات، التي حصلت الصحيفة عليها من «مصادر استخباراتية رفضت الإفصاح عن هويتها»، أشار إلى أن الطائرات الأميركية المأهولة وغير المأهولة قامت بعمليات مراقبة منتظمة للأجواء السورية؛ لتقديم معلومات استخباراتية للقوات التركية، قبل شروع الأخيرة في هجومها على معاقل داعش في سورية في إطار عملية «درع الفرات».
وأوضح التقرير حسب وكالة «سبوتنيك» الروسية، أن الدعم الأميركي الأخير جاء بعد أسابيع من المحادثات العسكرية والدبلوماسية الأميركية التركية، التي توصلت إلى اتفاق تضمن، علاوة على أعمال المراقبة، إرسال معدات عسكرية تحتاج لها القوات التركية، وزيادة الضربات الجوية الأميركية للأماكن التي تستهدف أنقرة السيطرة عليها، مشيراً أن التنسيق التركي الأميركي، جاء بالتعاون مع روسيا للتنسيق فيما يتعلق بالغارات الجوية التي يتم شنها على الجماعات الإرهابية في سورية.
وقالت الصحيفة: إن ذلك التعاون الأميركي التركي، يعني بصورة رئيسية تخلي إدارة الرئيس أوباما عن دعمه للقوات الكردية السورية، بسبب خشية الجانب التركي من زيادة النفوذ الكردي في سورية.
وفي ما يمكن اعتباره محاولة لاستدراك الموقف أعلن المتحدث باسم «قسد» العقيد طلال سلو استعداد قواته للتعاون مع أنقرة، وقال في بيان مصور بثه نشطاء معارضون على فيسبوك: «نحن الفصائل الكردية والعربية والتركمانية والسريانية الآشورية السورية، المنضوية تحت راية قوات سورية الديمقراطية، نؤكد أننا لسنا جزءاً من حزب العمال الكردستاني، كما تدعيه بعض القوى الإقليمية».
وبعدما قال: «نحن جزء لا يتجزأ من سورية أرضاً وشعباً»، أضاف: «نتطلع لبناء علاقات صداقة متينة مبنية على مبادئ الاحترام المتبادل لجميع دول الجوار بما فيها الدولة التركية».
ومن شأن إعلان «الديمقراطية» أن يغير من خارطة القوة في الشمال السوري لاسيما أنه تزامن مع التقارب التركي العراقي ضد داعش منذ أيام ليس على حساب داعش فحسب، بل على حساب القوى الكردية الأخرى المصنفة إرهابية على اللائحة التركية رغم تعقيدات انتماء «الوحدات» إلى «الديمقراطية».
وفي ظل عدم ورود أي رد من أنقرة على تصريحات سلو فإن الأتراك قد يأخذون تلك التصريحات على محمل الجد لضبط القسم الشرقي من حدودهم وتهدئة الجبهة هناك أولاً، واستكمال مسار المصالحات الدولية والإقليمية بعد عودة الدفء إلى العلاقات مع تركيا وبغداد ثانياً، على حين تبدو القوى الكردية العسكرية وكأنها فقدت الأمل بإقامة حلمها بحكم ذاتي في الشمال السوري.
وجاءت الضربة السياسية الأكبر لـ«الديمقراطية» بعد التقارب الروسي التركي والإعلان عن محادثات «أستانا» التي باتت بحكم المؤكد أنها ستقتصر على طرفين الأول هو من تسميه الحكومة السورية والثاني من تسميه المعارضة المسلحة الموقعة على اتفاق وقف إطلاق النار، واستبعاد للأكراد منها رغم أن موسكو كانت تحرص دائماً على التشديد على ضرورة مشاركتهم في أي محادثات سورية سورية، يضاف إلى ذلك مجيء الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى السلطة وسعيه لإعادة العلاقة إلى سابق عهدها مع تركيا وتصريحاته المتقاربة مع موسكو مع ما يعني كل ذلك أن الأكراد قد يخرجون من «مولد مستقبل» سورية بلا حمص. ميدانياً ورغم دعم «التحالف» لـ«الديمقراطية» إلا أنها منيت أمس بهزيمة تجلت بسيطرة داعش على قريتي جعبر وسويدية وقلعة جعبر اللتين انسحبت منهما منذ أيام. وحسب نشطاء معارضين على «فيسبوك»، فقد «سيطر التنظيم على قلعة جعبر وقرية جعبر وقرية سويدية صغيرة قرب الطبقة بعد هجوم معاكس ضد ميلشيات قوات سورية الديمقراطية قسد»، بموازاة اشتباكات بين الطرفين قرب قرية جب الشعير جنوب شرقي عين عيسى.
في المقابل ذكر موقع «الحل السوري» المعارض أن «الديمقراطية» سيطرت على قرية جب الشعير، وقريتين صغيرتين، وأن «عشرات» المقاتلين في صفوف داعش سقطوا خلال العملية العسكرية، بموازاة حركة نزوح كبيرة للأهالي من قرى «السويدية صغيرة والسويدية كبيرة» باتجاه قرى «كديران واليمامة والوديان» بسبب الاشتباكات. نشطاء معارضون آخرون أكدوا أن «الديمقراطية» رفضت السماح لأهالي بلدة المحمودلي في ريف الرقة الغربي بالعودة لمنازلهم بحجة صلتهم بداعش، بعد يوم من إحجام التنظيم عن إعدام أربعة أشخاص عند دوار الدلة، وسط المدينة «بسبب تحليق الطيران الحربي في المدينة».