بوتين يريد "أصدقاء" لروسيا في العالم

02.12.2016

حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبرز ملامح سياسة بلاده على الصعيدين الداخلي والخارجي للسنة المقبلة، وقال إن «العامين الأخيرين جعلا روسيا أقوى، وانتقلت من مرحلة التعايش مع الأزمة إلى التغلب عليها في ظل ظروف الحصار والعقوبات الغربية». وشدد على أن موسكو «لا تريد مواجهات مع أي طرف، بل تحتاج إلى أصدقاء، لكننا لن نسمح بانتهاك مصالحنا أو إهمالها. نريد تحديد مصيرنا بأنفسنا».

وفيما بدأت أوكرانيا تجارب صاروخية تستمر ليومين في منطقة خيرسون (جنوب) المحاذية لشبه جزيرة القرم (جنوب) التي ضمتها روسيا إلى أراضيها في آذار (مارس) 2014، وصفت موسكو المناورات بأنها «سابقة خطيرة»، وردت برفع درجة تأهب دفاعاتها الجوية، ونشر سفن حربية في البحر الأسود.

ولم يحمل الخطاب السنوي لبوتين أمام البرلمانيين مفاجآت، إذ ركز كما كان متوقعاً على القضايا الداخلية والهموم المعيشية للمواطنين الذين قال إنهم «توحدوا حول القيم الوطنية، وأثبتوا مجدداً قدرتهم على الصمود ومواجهة التحديات المفروضة على روسيا»، في إشارة إلى نتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس الدوما (البرلمان)، ونجاح حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في اكتساح مقاعد البرلمان، وهو ما اعتبره بوتين «انعكاساً لمزاج الروس وتعزيزاً للمؤسسات الديموقراطية».

وشدد على أن تعثر الاقتصاد الروسي مرتبط بالدرجة الأولى بقضايا داخلية، وليس بالعقوبات الغربية. معتبراً أن على رأسها «غياب الاستثمارات، والتكنولوجيا الحديثة، ونقص الكوادر المحترفة، إلى جانب التنافسية الضعيفة». لكنه استدرك أن «هذه العقبات لم تمنع تحقيق جملة إنجازات بينها تراجع معدلات الوفيات وتحسن الخدمات الطبية ونشاط عدد من القطاعات الاقتصادية، بينها القطاع الزراعي الذي اعتبر أن العقوبات الغربية أفادته، إذ إن «حصيلة صادرات المواد الغذائية في روسيا تجاوزت 16 بليون دولار خلال سنة، فيما بلغت الصادرات العسكرية 14.5 بليون دولار».

ورأى بوتين أن مشاكل داخلية تعترض خطط التنمية، بينها الفساد الذي وعد بـ «مواصلة محاربته»، محذراً من تحويله إلى «استعراض، لأن تطبيق القانون سيطاول الجميع».

وحدد بوتين أولويات السياسة الروسية الخارجية، و «على رأسها استكمال مشروع التكامل الأوراسي الذي قد يكون مادة للبحث مع بلدان أوروبية، خصوصاً أننا نرى تطورات في بلدان أوروبية تعكس النزوع نحو مزيد من الاستقلال».

وكان لافتاً أن الولايات المتحدة حلت خامسة في ترتيب لائحة اهتمامات السياسة الخارجية الروسية خلال المرحلة المقبلة، بعد أوراسيا والعلاقات مع الصين التي اعتبرها «الشريك الأساسي»، ثم الهند واليابان.

وأمل بوتين ببناء «علاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة على أساس المصالح والمنفعة المتبادلة والتعاون في الملفات الإقليمية والدولية، وأهمها مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى «مسؤولية خاصة تقع على عاتق بلدينا وخلافاتنا تؤدي إلى تعميق المشاكل الدولية والإقليمية».

لكن «عقيدة السياسة الخارجية الروسية» التي نشرها الكرملين أمس، لحظت تشديد موسكو لهجتها مع واشنطن والحلف الأطلسي (ناتو)، إذ اعتبرت أن توسع الحلف واقترابه من حدودها إضافة إلى نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا «تهديدات مباشرة لروسيا التي تملك حق الرد عبر تدابير متكافئة». كما أكدت العقيدة التزام روسيا معاهدة «ستارت» لتقليص التسلح الإستراتيجي، مع مطالبتها واشنطن بإعلان الالتزام ذاته.

وأبدى بوتين أسفه لأن «العالم أهدر سنوات بعد انتهاء الحرب الباردة، ولم يوظفها في بناء نظام عالمي عادل ومستقر جديد للقرن 21».

وغمز في شكل عابر من قناة الغرب الذي «كان يتهمنا بالتضييق على حرية الصحافة، وماذا يفعلون الآن؟» في إشارة إلى انتقادات موسكو للتضييق على وسائل إعلام روسية في أوروبا.

المصدر: "الحياة"