الكرملين لإنقاذكم جميعاً

12.03.2017

اذا أخذ دونالد ترامب برأي الفريق اليهودي، او الفريق المتشدد, في ادارته واعطى بنيامين نتنياهو الضوء الاخضر لضرب «حزب الله» في لبنان, هل تطلق ايران صواريخها عن بعد أم تكتفي بالصرخات عن بعد؟

لابل أن داخل هذه الادارة من يعتقد ان اعادة ترتيب الاوضاع في سوريا والعراق، وربما وصولاً الى اليمن، يقتضي تفجير حرب في المنطقة بعدما استنفدت الحروب الاهلية اغراضها. الدولة في سوريا منهكة بل ومحطمة، الدولة في العراق ضائعة ومفككة... هل حلت ازمة نتنياهو؟!

مستشار الامن القومي الجنرال هربرت ماكماستر الذي قد يكون ضابط الايقاع، أي المايسترو، لأوركسترا متعددة الاتجاهات ومتعددة الامزجة، يعتبر الا داعي لاي حرب اضافية. الروس يقولون ها هي رقعة الشطرنج امامنا، فلنبدأ اللعب.

واشنطن لا تبالي بالعرب الذين تعتبر ان اوراقهم ميتة في اللعبة الاستراتيجية. لا تثق برجب طيب اردوغان، وماكماستر نفسه يعتبر ان الرئيس التركي يتصرف كما لو ان الشرق الاوسط لا يزال في القرن الخامس عشر او في القرن السادس عشر.

ولكن كيف ينظر الاميركيون الى الايرانيين؟ حائكو السجاد يتقنون حياكة السياسات. حتى الصواريخ تبدو احياناً وكأنها ترتدي القفازات الحريرية. ولطالما حذر ستيف بانون، من الموقع الاكتروني «بريتبارت» من «القفازات الحريرية». في نظره، لا شيء يحمي المصالح الاميركية، ومن الشرق الادنى الى الشرق الاقصى سوى اعادة ايران الى العصر الحجري. كيف؟

كيف؟ لدى نتنياهو الاجابة جاهزة. حين ضرب هاري ترومان هيروشيما كانت القوات اليابانية تلفظ انفاسها امام الجنرال دوغلاس ماك آرثر. القنبلة الذرية كانت لـ «اطلاق مفهوم جديد للعالم». رئيس الحكومة الاسرائيلية يعتبر ان الايرانيين الان يشبهون يابانيي القرن الماضي. اذا كان الاميركيون يبتغون ان يكونوا «ملوك اللعبة» لابد من ازاحة ايران عن المائدة.

بالرغم من البعد الهيستيري في شخصية دونالد ترامب، لا يريد الرجل ان يذهب بعيداً في خياراته الاستراتيجية. الافضل ان يراقص الرؤوس اليابسة بالعقوبات.

تقارير استخباراتية اميركية وتقول انه بالرغم من البنية الحديدية للدولة في ايران، ثمة تشققات او تصدعات بنيوية في الداخل، ان بسبب ازدواجية السلطة، وتصرف المراجع الدينية التي تبدو وكأنها اكثر توجساً على مصيرها، او بسبب التداخل بين المأزق الثقافي (جاذبية الحداثة) والمأزق الاقتصادي (التداعيات الدراماتيكية للحصار).

المثير ان يقال في اوروبا ان الاميركيين يعرفون ماذا يريد الايرانيون لكنهم لا يعرفون ماذا يريد الاتراك. اردوغان ارهقهم في كل مكان. لماذا يدعو مسعود برزاني الى اعلان دولة كردستان في شمال العراق، ويهدد بادخال نصف ميلون جندي الى شمال سوريا لمنع قيام كردستان السورية؟

الثابت انه يريد نفط كركوك. هذه هي اللوثة العثمانية. برزاني دمية في يده. عبدالله اوجلان حتى وهو في زنزانته في احدى جزر مرمرة اكثر تأثيراً في اكراد تركيا من تأثيره في اكراد سوريا.

الآن، كل الاوراق تتداخل مع بعضها البعض وتتناقض مع بعضها البعض. ديبلوماسي روسي يكشف انه عندما زار الامير بندربن سلطان الكرملين لابرام صفقة حول سوريا، قدم عروضا اقتصادية هائلة، وتعهد بابقاء القاعدة الروسية في طرطوس.

آنذاك، اجاب بوتين «ما هي الضمانة التي تستندون اليها بأن سوريا ستكون في يدكم». الرئيس الروسي اذهل ضيفه السعودي بالمعلومات التي لديه حول من يلعب في سوريا «في نهاية المطاف لن يكون لكم موطئ قدم». آنذاك ايضاً، كان رأي بوتين «انكم تبالغون كثيراً في الرهان على صدقية صديقكم رجب طيب اردوغان».

الان يطرح بنيامن نتنياهو في الكرملين منطقة منزوعة السلاح تمتد حتى دمشق. كل هذا حتى لا يكون هناك وجود للايرانيين ولـ «حزب الله» على مقربة من الجولان.

الاوراق الاسرائيلية مكشوفة جداً امام الروس. لديهم كل التفاصيل حول علاقة تل ابيب بـ «جبهة النصرة». ببوتين ذكر بـ «ميليشيا جيش الجنوبي» وتردد انه قال لنتنياهو في لقاء سابق «انكم تعتمدون، عادة، على مرتزقة هم اقرب ما يكونون الى الصعاليك».

نصيحة روسية بأن دولة قوية في سوريا هي الاساس في استقرار المنطقة. الفوضى تعمل ضد الجميع. موسكو تستغرب الرهان, التكتيكي حيناً والاستراتيجي حيناً آخر، على الايديولوجيات العفنة.

الأكثر اثارة ان ينقل من موسكو «لا أحد غيرنا يستطيع انقاذ الجميع بما في ذلك ....  أميركا»!