القوات العراقية تتقدم في شرق الموصل وغموض حول مكان البغدادي
قالت قوات من جهاز مكافحة الإرهاب العراقية إنها استعادت ستة أحياء في شرق الموصل من متشددي تنظيم "داعش" مما يوسع الرقعة التي يسيطر عليها الجيش في معقل التنظيم بعد يوم من كلمة لزعيم الجماعة المتشددة حث فيها أتباعه على القتال حتى النهاية.
وقال ضابط بجهاز مكافحة الإرهاب -رأس الحربة في حملة الموصل- إن جنوده شنوا عملية واسعة على المتشددين الذين أصبحوا الآن شبه محاصرين في آخر معقل لهم في العراق.
وقال البيان إن "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تحرر أحياء الملايين والسماح والخضراء وكركوكلي والقدس والكرامة في الساحل الأيسر لمدينة الموصل وترفع العلم العراقي فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات."
وقال الفريق الركن طالب شغاتي قائد الجهاز "هذا شيء كبير جدا. إنه يعني انه تم تحرير أجزاء واسعة من الساحل الايسر" في إشارة إلى نصف الموصل الواقع شرقي نهر دجلة.
لكن أحد سكان حي في الموصل أعلن الجيش استعادته أبلغ رويترز أن الاشتباكات مستمرة.
وأضاف قائلا بالهاتف "إنها حرب مدن حقيقية."
وفي حي الانتصار الذي لا يزال يشهد قتالا شرسا بين الجيش والمتشددين سمع مراسل لرويترز إطلاق نار كثيفا وانفجارات. وتصاعد دخان أسود من منطقة قريبة وظهرت على الأبنية آثار القتال.
وما زالت رقعة الاراضي التي تسيطر عليها قوات الحكومة تشكل جزءا صغيرا من المدينة المترامية الاطراف إلى عشرات الأحياء الصناعية والسكنية وكان يسكنها نحو مليوني شخص قبل أن تسيطر عليها الدولة الإسلامية في 2014.
وحملة الموصل أكبر عملية برية في العراق منذ الغزو الأمريكي في 2003 ومن المرجح أن تقرر مصير الخلافة التي أعلنها التنظيم وتحدى بها العالم قبل نحو عامين.
وتمكنت القوات العراقية حتى الآن من التوغل لكيلومتر ونصف داخل المدينة. لكن الأحياء التي تم استعادتها أقل إكتظاظا بالمباني من مناطق اخرى وخصوصا تلك التي تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة حيث يغلب العرب السنة على السكان ومن الممكن أن يكون وضع المتشددين أكثر رسوخا.
وقال ضباط عراقيون ومن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يوفر دعما جويا وبريا للعملية العسكرية إن التقدم يسير بخطى أسرع من المتوقع لكنهم أكدوا أن العملية ما زالت في مراحلها الأولى.
*القوات الخاصة
منذ نحو ثلاثة أسابيع تشن القوات النظامية والقوات الخاصة العراقية ومقاتلون شيعة ومقاتلو البشمركة الكردية وقوات أخرى مدعومة بغارات جوية تقودها الولايات المتحدة حملة لاستعادة الموصل.
وستمثل استعادة الموصل -ثاني أكبر المدن العراقية- هزيمة ساحقة للجناح العراقي لدولة الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الاسلامية من مسجد في الموصل قبل عامين. ويسيطر التنظيم أيضا على مساحات كبيرة من الاراضي في سوريا المجاورة. لكن الموصل هي أكبر مدينة خاضعة لسيطرة التنظيم في البلدين كليهما وهي أكبر عدة مرات من أي مدينة أخرى يسيطر عليها المتشددون.
وفي تسجيل صوتي نادر بث على الانترنت يوم الخميس قال البغدادي من مكان مجهول إنه لا تراجع في "حرب شاملة" على القوات المتحالفة ضد التنظيم وحث مقاتليه على أن يبقوا على ولائهم لقادتهم.
ولا يُعرف مكان البغدادي. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن معلومات مخابرات تقول إنه "أخلى الموقع" بينما قال مصدر مخابرات كردي إنه يعتقد أنه في منطقة باعج على بعد 130 كيلومترا غربي الموصل.
وما زال 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل عرضة لخطر حصارهم وسط حرب شوارع طاحنة. وحذرت الأمم المتحدة من أزمة إنسانية محتملة ونزوح عدد كبير من السكان. ويقول مسؤولون عراقيون أيضا إن الدولة الإسلامية تحتجز السكان المدنيين كدروع بشرية.
وقالت رافينا شمدساني المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن مقاتلي تنظيم "داعش" قتلوا المئات ومن بينهم 50 من الفارين من صفوف التنظيم و180 من الموظفين السابقين في إدارات الحكومة العراقية حول الموصل.
وأشارت إلى أن التنظيم نقل 1600 شخص من بلدة حمام العليل جنوبي الموصل إلى بلدة تلعفر إلى الغرب ربما لاستخدامهم كدروع بشرية. وأمروا السكان بتسليم الأطفال من الذكور فوق سن التاسعة في حملة تجنيد جديدة لجنود أطفال فيما يبدو.
وقالت الأمم المتحدة إن 22 ألف شخص نزحوا منذ بداية حملة الموصل. ولا تشمل هذه الأرقام الآلاف من قرى مجاورة أجبروا على العودة إلى الموصل مع مقاتلي التنظيم المنسحبين الذين استخدموهم كدروع بشرية.
*منصات إطلاق صواريخ
قال سكان من الموصل عبر الهاتف لرويترز إن مقاتلي التنظيم ينشرون مدفعية ومنصات لإطلاق الصواريخ داخل الأحياء السكنية وبالقرب منها.
وأشاروا إلى أن بعض هذه الأسلحة مخبأة بين الأشجار على مقربة من حي الوحدة في الجنوب في حين نشرت أسلحة أخرى على أسطح المنازل التي استولى عليها المقاتلون في حي الغزلاني قرب مطار الموصل.
وقال أحد سكان الموصل "رأينا مقاتلي داعش ينصبون مدفعا مضادا للطائرات وقاذفة صاروخية ومدافع مورتر أيضا."
وذكر سكان في أحياء جنوبية وشرقية ليل الخميس أن منازلهم اهتزت مع اطلاق وابل من دانات المدفعية والصواريخ من مناطقهم نحو القوات المتقدمة.
وفضلا عن المقاومة في الموصل نفسها شن المتشددون سلسلة من الهجمات في أجزاء مختلفة من البلاد منذ بدء الهجوم لتشتيت الانتباه.
وقال ضابط شرطة محلي إن المتشددين سيطروا على مسجد وعدد من المنازل في بلدة الشرقاط على بعد نحو 100 كيلومتر جنوبي الموصل في وقت مبكر يوم الجمعة وقتلوا سبعة جنود ومقاتلين من قوات الحشد الشعبي.
وعبر المتشددون من الضفة الشرقية لنهر دجلة إلى البلدة في الثالثة صباحا بالتوقيت المحلي واستولوا على مسجد البعاجة وانتشروا في الأزقة. وفرضت قوات الأمن حظرا على التجول وقالت إن تعزيزات من قوات الحشد الشعبي في الطريق.
وأطبقت القوات العراقية ومقاتلو البشمركة على الموصل من الشمال ومن سهول نينوى في الشرق وبمحاذاة نهر دجلة من الجنوب.
وانضمت قوات الحشد الشعبي إلى الحملة العسكرية يوم السبت وبدأت محاولة لقطع طريق الامداد الغربي إلى مناطق "داعش" في سوريا. وقال متحدث باسم الحشد الشعبي إن القوات حققت تقدما لكن سيارات ما زالت تغادر الموصل.
وقال شاهد في غرب الموصل لرويترز عبر الهاتف إن مركبات تدفقت من وإلى المدينة يوم الجمعة. وأضاف قائلا "يمكنني أن أرى قوافل طويلة... بعضها يتجه إلى خارج المدينة عبر طريق الموصل-ربيعة وأخرى قادمة إلى المدينة."
وبالاضافة إلى العائلات التي أجبرها تنظيم "داعش" على العودة إلى الموصل يقول سكان إن بعض المسلمين السنة في القرى الغربية حول المدينة ربما اختاروا التحرك إلى داخل المدينة خوفا من القوات الشيعية المتقدمة.
المصدر: رويترز