أردوغان ينتقد الدور الأمريكي في سوريا ويلوّح للأطلسي بصواريخ روسية

19.11.2016

أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن خيبة أمله من موقف الإدارة الأمريكية الحالية حيال الأزمة السورية. في حين تجري تسعى أنقرة لشراء أنظمة دفاع صاروخي من طراز "أس-400" من روسيا، في إطار اتفاق الرئيسين الروسي والتركي على "تعزيز التعاون العسكري" بين البلدين.

وأكد أردوغان الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني، في حديث إلى قناة "سي بي إس" الأمريكية ضمن برنامج "60 دقيقة"، أن سياسات واشنطن تجاه الحرب المتواصلة في سوريا هي السبب في ظهور تهديد واضح للأمن عند الحدود الجنوبية لتركيا وإصابة قدراتها الدفاعية، فضلا عن لجوء حوالي 3 ملايين سوري إلى تركيا.

وقال الرئيس التركي: "واجهنا هذه التحديات وبحثناها مع الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن، ولكنهما عجزا عن الرقي إلى مستوى هذه الحالة والتعامل جديا مع هذه القضايا، وهذا ما يثير أسفنا الشديد.. وكنت سأكذب لو قلت إنني لا أشعر بخيبة أمل، لأنني أشعر بها".

إلى ذلك، جدد أردوغان تنديد بلاده بعدم تسليم واشنطن الداعية التركي المعارض المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تعتبره أنقرة عقلا مدبرا لمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدتها البلاد يوم 15 يوليو/تموز الماضي.

وحذر الرئيس التركي من أن الكثيرين من مواطني بلاده قد يرون في مماطلة الإدارة الأمريكية في تلبية طلب أنقرة تسليم غولن وتوفير الملجأ للداعية المعارض، دلالة على تورط واشنطن في المحاولة الفاشلة للإطاحة بالسلطة الشرعية.

وأوضح الزعيم التركي: "لا اعتزم اتهام الولايات المتحدة، لكن الكثيرين (في تركيا) قد يعتبرونها بهذه الطريقة.. هذا ما يشعر به الشعب التركي".

وعلى صعيد متصل، أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، أن بلاده تجري محادثات مع موسكو لشراء أنظمة دفاع صاروخي من طراز "أس-400". وفي هذا الإطار، ذكّرت مصادر في المجمّع الصناعي العسكري الروسي، باتفاق الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، على "تعزيز التعاون العسكري" بين البلدين.

ولفت إيشيق إلى أن الموقف الروسي "إيجابي"، مشيراً إلى أن تركيا مستعدة للتواصل مع "كل دولة لديها منظومة دفاع جوي". وتمنّى على الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي أن "تكون أكثر حماسة في هذه المسألة، إذ نريد امتلاك منظومة دفاع جوي تتلاءم مع منظومة الحلف، لكن ذلك لا يعني أننا سنتجاهل ما تقترحه روسيا". وأكد أن "الهدف النهائي" لأنقرة يكمن في أن "تصنع منظومة دفاعية خاصة بها".

ويشكّل توجّه أنقرة إلى موسكو لشراء نظام دفاع صاروخي، قراراً سياسياً سيواجه تحديات وتساؤلات من "الأطلسي"، خصوصاً أن كل الأنظمة العسكرية في تركيا مرتبطة بالحلف، والأنظمة الروسية لا تناسبها. كما يشكّك كثيرون في أن توافق موسكو على منح أنقرة، العضو في "الأطلسي"، أسرار تشغيل منظومة "أس-400"، مرجّحين أن تصرّ في حال إنجاز الصفقة، على أن يشغّل فريق فني روسي المنظومة، ما قد يكون صعباً على أرض تابعة للحلف.

وتعاني تركيا من مشكلة ضعف دفاعاتها الجوية ضد الصواريخ والمقاتلات، مع تفاقم الأخطار العسكرية، بدخولها "حربَي" العراق وسوريا. ويرى خبراء عسكريون أن أنقرة قد تكون تناور للضغط على "الأطلسي" كي تحدِّثَ الولايات المتحدة وإسرائيل النظام المتهالك لمقاتلاتها من طراز "أف – 4" و"أف – 16".

ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصدر في مؤسسة "روس أبورون إكسبورت" المسؤولة عن الصادرات العسكرية، أن موسكو "ترحّب بتعزيز التعاون مع أنقرة في الدفاع الصاروخي". وذكّرت بأن بوتين وأردوغان ناقشا خلال لقائهما في إسطنبول الشهر الماضي "آفاق التعاون بين البلدين، بما في ذلك إمكان تزويد أنقرة منظومات دفاع جوي روسية، ومكوّنات لدرع صاروخية تخطّط تركيا لنشرها على أراضيها".

ولفتت وسائل الإعلام الروسية إلى أن التعاون في هذا الصدد "ليس جديداً"، إذ طُرح عام 2013، لكن تركيا رفضت آنذاك العرض الروسي، بحجة أنه "باهظ الثمن". ولجأت أنقرة بعد ذلك إلى بكين، لكنها ألغت صفقة لشراء صواريخ صينية، بقيمة 3.4 بليون دولار، متذرعةً بمشكلة مالية وبرفض بكين نقل أسرار صواريخها لصنعها في تركيا. لكن خبراء عسكريين أكدوا أن ضغوطاً مارستها واشنطن و"الأطلسي" على أنقرة، منعت استكمال الصفقة.

في بروكسيل، أكد الأمين العام لـ"الأطلسي" ينس ستولتنبرغ، أن ضباطاً أتراكاً "عاملين في هياكل قيادة الحلف، طلبوا اللجوء في الدول التي يخدمون فيها" بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز الماضي". وأشار إلى أن "تلك الدول ستبتّ في الأمر".

ستولتنبرغ، الذي سيشارك في إسطنبول غداً في الجلسة السنوية للجمعية البرلمانية للحلف، ذكّر بأن "الأطلسي" يرتكز إلى "القيم الأساسية" للديموقراطية وحكم القانون، مضيفا "أتوقّع من جميع الحلفاء التزام هذه القيم".

تزامن ذلك مع إعلان ناطق باسم مكتب الهجرة واللاجئين في ألمانيا، ارتفاع طلبات اللجوء من الرعايا الأتراك، إذ بلغت 4437 بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2016، في مقابل 1767 طلباً عام 2015، و1806 عام 2014.