قدرات بكين على صد واشنطن عسكريا في بحر الصين

27.01.2017

صعدت الإدارة الأميركية الجديدة لهجتها تجاه الصين قائلة: إنها تريد منعها من الوصول إلى جزر في بحر الصين الجنوبي، لكن بكين تملك القدرة على صد أكبر قوة عسكرية في العالم، حسب خبراء. وتتسم المنطقة البحرية التي تطالب بها الصين في مواجهة دول أخرى (الفيليبين وفيتنام وبروناي وماليزيا) بحساسية. وقامت الصين فيها بتكبير جزر تسيطر عليها لتأكيد سيادتها عليها. في المقابل تسير الولايات المتحدة فيها بانتظام بوارجها الحربية تحديا للصين.
وحذر سين سبايسر المتحدث الجديد باسم الرئاسة الأميركية من أنه «إذا كانت هذه الجزر في المياه الدولية وليست جزءا من الصين، فسنعمل على الدفاع عن (المصالح) الدولية حتى لا يقوضها بلد آخر». وفي بداية كانون الثاني أكد المرشح لوزارة الخارجية ريكس تيليرسون أن وصول بكين إلى هذه الجزر لن «يعود مسموحا به». لكن الجيش الصيني يعول على تأثير الردع.
وتقول فاليري نيكي الباحثة في مؤسسة البحث الإستراتيجي بباريس: «تدرك الصين أنه لا يمكنها الانتصار في نزاع تقليدي مباشر مع الولايات المتحدة» مضيفة: «إن بكين تسعى بالتالي لتطوير قدراتها التي يمكن أن تمنحها حرية مناورة بدفع واشنطن إلى التردد أمام تدخل مكلف على الأرجح في آسيا».
وتملك الصين في ترسانتها بالخصوص 61 غواصة، بينها أربع نووية وقاذفة، و19 مدمرة و54 فرقاطة، حسب المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن.
وإزاء التحذيرات الأميركية تستعرض بكين عضلاتها. وأعلنت بحريتها الإثنين بدء خدمة المدمرة شينينغ الملقبة «قاتلة حاملة الطائرات» وهي قادرة على استهداف السفن والغواصات والطائرات المطاردة. وتملك الصين أيضاً صواريخ مضادة للسفن دي إف- 21ودي إف-26) التي تتيح «منع وصول حقيقي» للبحرية الأميركية، حسب مصدر قريب من الأنشطة العسكرية الصينية.
وإزاء حاملات الطائرات العشر الأميركية، لا تملك الصين إلا واحدة «لياونينغ» وهي نموذج قديم سوفييتي. اما حاملة الطائرات الثانية الصينية مئة بالمئة فهي قيد الصنع. ونفذت لياونينغ أول تمرين لها بإطلاق نار حقيقي في كانون الأول 2016 أمام بحر الصين الجنوبي. وقال نوبورو ياماغوشي من جامعة اليابان الدولية: «كل هذا غير كاف لتدمير بحرية حديثة معادية. لكنه كاف لحد ما لمنعها من الوصول». ومع أن الصين أحرزت تقدما واضحاً في عقدين فإنها متأخرة بوضوح أمام الولايات المتحدة التي تخصص ميزانية عسكرية تبلغ ثلاثة أضعاف ميزانية بكين (أي نحو 600 مليار دولار) حسب خبراء. وقال جيمس شار من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: «إن معظم المحللين يقدرون (تأخر بكين عن واشنطن) بما بين 20 و30 عاماً والأميركيون يزيدون باستمرار قدراتهم». المشكلة الأخرى للجيش الصيني تتمثل في أنه لم يقاتل فعليا منذ 1979 (الحرب الصينية الفيتنامية) ولا يسيطر بشكل كاف على التكنولوجيات الحديثة، حسب العديد من الخبراء الغربيين. من جهة أخرى إذا كان الغرب يملك الحلف الأطلسي لتقاسم الخبرات بين جيوشه، فإن الصين لا تملك ذلك.
والجيش الصيني الذي يبلغ تعداده 2.3 مليون عسكري يتعرض لتقليص مستمر منذ 30 عاماً. والهدف هو «جيش أقل عدداً لكن أكثر تقنية»، حسب فاليري نيكي.
وتم إحداث «قوة صواريخ» جديدة في 2016 بهدف إدارة الترسانة النووية. وأهم أسلحتها هو الصاروخ العابر للقارات دي إف-41 ويبلغ مداه 14 ألف كلم ويمكنه حمل 12 رأسا نووياً. وهو حالياً موضع اختبار لكن صوراً لنشر مزعوم له تسربت عبر الانترنت في الأيام الأخيرة.
ولاحظت فاليري نيكي أن «كل ذلك يفرض على بكين لعبة توازن دقيقة جداً حتى لا تمضي أكثر من اللازم في التهديد والتسبب في تدخل أميركي» مجهول العواقب.

وكانت لجنة أمريكية خاصة بالعلاقات مع الصين قد حذرت الكونغرس من أن تعزيز قدرات بكين العسكرية سيشكل تهديدا للأمن الأمريكي ودعته إلى تقييم "مخاطر ومكاسب" التي قد تنجم عن تدخلها في المنطقة.

وأوصت اللجنة في تقرير، الكونغرس بمطالبة وزارة الدفاع بـ"إجراء تحليل لوضع استراتيجية من شأنها تحييد قدرات جيش التحرير الشعبي الصيني المتزايدة على شن عمليات خارجية" وذلك "للمساعدة على تحقيق الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال أزمات أو مواجهة التهديدات المشتركة كانتشار الإرهاب في جنوب شرق آسيا".

واعتبر التقرير أن تعزيز الصين قدراتها العسكرية سيدفعها إلى استخدام القوة أكثر للدفاع عن مصالحها، مشيرا إلى "ميول عدوانية أظهرتها بكين في بحري الصين الشرقي والجنوبي، تزيد المخاوف القائمة من صعود الصين، بين حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في منطقة آسيا الكبرى".