ماذا قال الأسد عن الصراع السوري وتحرير الرقة؟
أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن كل شيء في العالم يتغير الآن فيما يتعلق بسورية وعلى كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية ومهمتنا طبقا للدستور والقوانين أن نحرر كل شبر من الأرض السورية.
وقال الرئيس الأسد في تصريح لعدد من وسائل الإعلام الفرنسية “نحن نأمل أن يرى أي وفد يأتي لزيارتنا حقيقة ما حدث ويحدث في سورية على مدى السنوات الأخيرة وأن يكون هناك في الدولة الفرنسية من يريد أن يصغي لهذه الوفود والحقائق”.
وفيما يلي النص الكامل:
السؤال الأول:
سيادة الرئيس لقد التقيتم وفداً من البرلمانيين الفرنسيين.. هل تعتقد أنه سيكون لهذه الزيارة تأثير في الموقف الفرنسي حيال سورية؟
الرئيس الأسد:
هذا سؤال يطرح على الفرنسيين.. نحن نأمل أن يرى أي وفد يأتي لزيارتنا حقيقة ما حدث ويحدث في سورية على مدى السنوات الأخيرة منذ بداية الحرب قبل ست سنوات.. المشكلة الآن.. فيما يتعلق بفرنسا بوجه خاص.. هي أن لا سفارة لها هنا.. ولا يقيم الفرنسيون أي علاقات مع سورية على الإطلاق.. وبالتالي يمكن القول إنها دولة عمياء.. كيف يمكنك وضع سياسة حيال منطقة معينة إذا لم تكن ترى ما يحدث فيها.. أو كنت أعمى؟ إذن ينبغي أن ترى.. تكمن أهمية هذه الوفود في أنها تمثل عيون الدول.. لكن ذلك يعتمد أيضاً على الدولة.. هل تريد هذه الدول أن ترى.. أم أنها تريد الاستمرار في تبني سياسة النعامة ولا تريد أن تقول الحقيقة.. أقول هذا لأن كل شيء في العالم يتغير الآن فيما يتعلق بسورية.. وعلى كل المستويات.. المحلية والإقليمية والدولية.. حتى هذه اللحظة.. لم تغير الإدارة الفرنسية موقفها.. ما زالوا يتحدثون نفس اللغة القديمة المنفصلة عن واقعنا.. لهذا نأمل أن يكون هناك في الدولة الفرنسية من يريد أن يصغي لهذه الوفود وللحقائق.. أنا لا أتحدث عن رأيي بل عن الواقع في سورية.. وبالتالي لدينا أمل.
السؤال الثاني:
سيادة الرئيس.. قلتم إن حلب تمثل انتصاراً رئيسياً لسورية وتحولاً رئيسياً في الأزمة.. ما شعورك عندما ترى صور مئات المدنيين الذين قتلوا في عمليات القصف.. والدمار الذي حل بالمدينة؟
الرئيس الأسد:
بالطبع: من المؤلم جداً لنا كسوريين أن نرى أي جزء من بلادنا يدمر.. أو أي دماء تراق في أي مكان.. هذا بدهي من الناحية العاطفية.. لكن بالنسبة لي كرئيس أو كمسؤول.. فإن السؤال بالنسبة للشعب السوري هو.. ماذا يجب أن أفعل حيال ذلك.. لا يتعلق الأمر بالمشاعر فقط فهي بدهية كما قلت.. السؤال هو كيف سنعيد بناء مدننا.
السؤال الثالث:
لكن هل كان قصف شرق حلب الحل الوحيد لاستعادة السيطرة على المدينة مع وفاة المدنيين وهم مواطنوك؟
الرئيس الأسد:
الأمر يعتمد على نوع الحرب التي تبحث عنها.. هل تبحث عن حرب هادئة.. حرب دون دمار؟ لم أسمع أن هناك حرباً جيدة على مدى التاريخ.. فكل حرب سيئة.. لماذا سيئة؟ لأن كل حرب تنطوي على دمار.. وكل حرب تنطوي على القتل ولذلك فكل حرب سيئة.. لا تستطيع القول.. “هذه حرب جيدة” حتى لو كانت لسبب جيد أو نبيل وهو الدفاع عن وطنك فهي تبقى سيئة.. لهذا فهي ليست حلاً لو كان هناك أي حل آخر.. لكن السؤال هو.. كيف يمكنك تحرير المدنيين في تلك المناطق من الإرهابيين؟ هل من الأفضل تركهم تحت سيطرتهم وقمعهم وتركهم لقدر يحدده أولئك الإرهابيون بقطع الرؤوس والقتل وكل شيء في ظل عدم وجود دولة؟ هل هذا دور الدولة أن تجلس وتراقب؟ عليك أن تحررهم.. وهذا هو الثمن أحياناً.. لكن في النهاية يتم تحرير الناس من الإرهابيين.. هذا هو السؤال الآن.. هل تحرروا أم لا؟ إذا كان الجواب نعم.. فإن هذا ما ينبغي أن نفعله.
السؤال الرابع:
سيادة الرئيس.. لقد تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الثلاثين من كانون الأول.. لماذا لا يزال الجيش السوري يقاتل قرب دمشق في منطقة وادي بردى؟
الرئيس الأسد:
أولاً.. وقف إطلاق النار يرتبط بأطراف مختلفة ولهذا يمكنك القول إن هناك وقف إطلاق نار قابل للحياة عندما تتوقف كل الأطراف عن القتال وإطلاق النار.. وهذا ما لم يحدث في العديد من المناطق في سورية.. وهذا ما أورده مركز المراقبة الروسي لوقف إطلاق النار.. ثمة انتهاكات لوقف إطلاق النار يومياً في سورية.. بما في ذلك في دمشق.. وهذا يحدث في دمشق بشكل رئيسي لأن الإرهابيين يحتلون المصدر الرئيسي للمياه لدمشق حيث يحرم أكثر من خمسة ملايين مدني من المياه منذ ثلاثة أسابيع.. ودور الجيش السوري هو تحرير تلك المنطقة لمنع أولئك الإرهابيين من استخدام المياه لخنق العاصمة.. هذا هو السبب.
السؤال الخامس:
سيادة الرئيس.. “داعش” ليس جزءاً من وقف إطلاق النار.
الرئيس الأسد:
لا.
الصحفي:
هل تخططون لاستعادة الرقة.. ومتى؟
الرئيس الأسد:
دعني أكمل الجزء الثاني من السؤال الأول.. وقف إطلاق النار لا يشمل “النصرة وداعش”.. والمنطقة التي نقاتل لتحريرها مؤخراً والتي تشمل الموارد المائية للعاصمة دمشق تحتلها “النصرة” وقد أعلنت “النصرة” رسمياً أنها تحتل تلك المنطقة.. وبالتالي فهي ليست جزءاً من وقف إطلاق النار.. فيما يتعلق بالرقة.. مهمتنا طبقاً للدستور والقوانين أن نحرر كل شبر من الأرض السورية.. هذا أمر لا شك فيه وليس موضوع نقاش.. لكن المسألة تتعلق بـ “متى”.. ما أولوياتنا.. وهذا أمر عسكري يرتبط بالتخطيط العسكري والأولويات العسكرية.. لكن وطنياً.. ليست هناك أولويات فكل شبر من سورية هو أرض سورية وينبغي أن يكون خاضعاً لسيطرة الحكومة.
السؤال السادس:
ستجرى محادثات مهمة في أستانة نهاية الشهر وستضم العديد من الأطراف السورية بما في ذلك بعض المجموعات المعارضة.. هل أنتم مستعدون للتفاوض معهم مباشرة؟ وهل أنتم مستعدون للتفاوض للمساعدة في استعادة السلام إلى سورية.
الرئيس الأسد:
طبعاً.. نحن مستعدون وقد أعلنا أن وفدنا إلى ذلك المؤتمر مستعد للذهاب عندما يتم تحديد وقت المؤتمر.. نحن مستعدون للتفاوض حول كل شيء.. عندما تتحدث عن التفاوض حول إنهاء الصراع في سورية أو حول مستقبل سورية فكل شيء متاح وليست هناك حدود لتلك المفاوضات.. لكن من سيكون هناك من الطرف الآخر؟ لا نعرف حتى الآن.. هل ستكون معارضة سورية حقيقية؟ وعندما أقول “حقيقية” فإن ذلك يعني أن لها قواعد شعبية في سورية.. وليست قواعد سعودية أو فرنسية أو بريطانية.. ينبغي أن تكون معارضة سورية كي تناقش القضايا السورية وبالتالي فإن نجاح ذلك المؤتمر أو قابليته للحياة ستعتمد على تلك النقطة.
السؤال السابع:
هل أنتم مستعدون حتى لمناقشة منصبك كرئيس؟ لقد كان هناك جدل حيال ذلك.
الرئيس الأسد:
نعم.. لكن منصبي يتعلق بالدستور.. والدستور واضح جداً حول الآلية التي يتم بموجبها وصول الرئيس إلى السلطة أو ذهابه وبالتالي.. إذا أرادوا مناقشة هذه النقطة فعليهم مناقشة الدستور.. والدستور ليس ملكاً للحكومة أو الرئيس أو المعارضة.. ينبغي أن يكون ملكاً للشعب السوري ولذلك ينبغي أن يكون هناك استفتاء على كل دستور.. هذه إحدى النقاط التي تمكن مناقشتها في ذلك الاجتماع بالطبع لكن لا يستطيعون القول “نريد ذلك الرئيس” أو “لا نريد هذا الرئيس” لأن الرئيس يصل إلى السلطة عبر صندوق الاقتراع.. إذا كانوا لا يريدونه.. فلنذهب إلى صندوق الاقتراع.. الشعب السوري كله ينبغي أن يختار الرئيس.. وليس جزء من الشعب السوري.
السؤال الثامن:
في هذه المفاوضات.. ما مصير مقاتلي المعارضة؟
الرئيس الأسد:
انطلاقاً مما نفذناه على مدى السنوات الثلاث الماضية ومن رغبتنا الحقيقية في تحقيق السلام في سورية فقد عرضت الحكومة العفو عن كل مسلح يسلم أسلحته وقد نجح ذلك ولا يزال الخيار نفسه متاحاً لهم إذا أرادوا العودة إلى حياتهم الطبيعية هذا أقصى ما نستطيع تقديمه.. أي العفو.
السؤال التاسع:
سيادة الرئيس.. كما تعرفون ستجرى انتخابات رئاسية فرنسية.. هل تفضلون أياً من المرشحين للرئاسة؟
الرئيس الأسد:
لا.. لأنه ليست لدينا أي اتصالات مع أي منهم ولا نستطيع الاعتماد كثيراً على التصريحات والخطابات التي يطلقونها خلال حملاتهم الانتخابية.. ولذلك فإننا نقول دائماً.. لننتظر ونر ما السياسة التي سيتبنونها بعد أن يستلموا منصبهم.. لكننا نأمل دائماً أن تكون لدى الإدارة القادمة أو الحكومة أو الرئيس الرغبة بالتعامل مع الواقع وفصل أنفسهم عن السياسات المنفصلة عن واقعنا.. هذا ما نأمله.. كما نأمل أن يعملوا لمصلحة الشعب الفرنسي لأن السؤال الآن.. بعد ست سنوات.. بالنسبة لك كمواطن فرنسي هو.. هل تشعر بأنك أكثر أماناً؟ لا أعتقد أن الجواب سيكون نعم.. ما يتعلق بمشكلة الهجرة.. هل جعلت الوضع في بلادكم أفضل؟ أعتقد أن الجواب هو لا.. سواء في فرنسا أو في أوروبا عموماً.. السؤال الآن.. ما السبب؟ هذا هو النقاش الذي ينبغي على الإدارة القادمة.. أو الحكومة أو الرئيس أن يخوضه كي يتعامل مع واقعنا.. وليس كما يتخيلونه هم كما كان يحدث على مدى السنوات الست الماضية.
السؤال العاشر:
لكن أحد المرشحين وهو فرانسوا فيون لا يتبنى الموقف الرسمي نفسه.. فهو يريد أن يعيد تأسيس الحوار مع سورية.. هل تعتقدون أن انتخابه.. إذا انتخب.. من شأنه أن يغير موقف فرنسا حيال سورية؟
الرئيس الأسد:
إن خطابه فيما يتعلق بالإرهابيين أو لنقل إعطاءه الأولوية لمحاربة الإرهابيين وعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى موضع ترحيب.. لكن علينا أن نكون حذرين.. لأن ما تعلمناه في هذه المنطقة على مدى السنوات القليلة الماضية هو أن العديد من المسؤولين يقولون شيئاً ويفعلون عكسه.. لن أقول إن السيد فيون سيفعل هذا.. آمل ألا يفعل هذا.. لكن علينا أن ننتظر ونرى.. لأنه ليس هناك أي اتصال.. لكن حتى الآن.. إذا نفذ ما يقوله.. فإن ذلك سيكون جيداً جداً.
السؤال الحادي عشر:
هل تقدرون فرانسوا فيون كسياسي؟
الرئيس الأسد:
لم يكن لي معه أي تواصل أو تعاون ولذلك فإن أي شيء أقوله الآن لن يكون ذا مصداقية كبيرة.. كي أكون صريحاً معك.
السؤال الثاني عشر:
هل هناك رسالة تريدون توجيهها إلى فرنسا؟
الرئيس الأسد:
أعتقد أني إذا أردت توجيهها إلى السياسيين فسأقول الشيء البدهي.. عليكم أن تعملوا لمصلحة المواطنين الفرنسيين.. وعلى مدى السنوات الست الماضية.. تسير الأوضاع في الاتجاه المعاكس لأن السياسة الفرنسية ألحقت الضرر بالمصالح الفرنسية وبالتالي.. سأقول للشعب الفرنسي.. إن وسائل الإعلام الرئيسية قد أخفقت في معظم الدول الغربية.. وقد ناقض الواقع روايتها.. وهناك وسائل الإعلام البديلة فعليكم أن تبحثوا عن الحقيقة.. لقد كانت الحقيقة هي الضحية الرئيسية للأحداث في الشرق الأوسط بما في ذلك سورية.. سأطلب من كل مواطن فرنسي أن يبحث عن الواقع.. عن المعلومات الحقيقية من خلال وسائل الإعلام البديلة.. عندما يبحثون عن هذه المعلومات يمكنهم أن يكونوا أكثر فعالية في التعامل مع حكومتهم.. أو على الأقل عدم السماح لبعض السياسيين ببناء سياساتهم على الأكاذيب.. هذا ما نعتقد أنه الأمر الأكثر أهمية على مدى السنوات الست الماضية.
السؤال الثالث عشر:
سيادة الرئيس.. لقد كان والدكم رئيساً لسورية مدى الحياة.. هل تفكرون في خيار التخلي عن الرئاسة يوماً ما؟
الرئيس الأسد:
نعم.. وذلك يعتمد على أمرين.. الأول هو إرادة الشعب السوري.. وما إذا كان يريد أن يكون ذلك الشخص رئيساً أم لا.. إذا أردت أن أكون رئيساً بينما الشعب السوري لا يريدني فحتى لو فزت في الانتخابات لن أتمتع بدعم قوي ولن أستطيع تحقيق شيء وخصوصاً في منطقة معقدة كسورية.. لا يكفي أن تنتخب رئيساً.. بل ينبغي أن تتمتع بالدعم الشعبي.. دون ذلك لا يمكن أن أكون ناجحاً.. عندها لن يكون هناك معنى لكوني رئيساً.. الأمر الثاني.. إذا كان لدي الشعور بأني أريد أن أكون رئيساً فسأرشح نفسي لكن ذلك يعتمد على العامل الأول.. إذا شعرت بأن الشعب السوري لا يريدني فلن أكون رئيساً بالطبع.. وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بي بشكل رئيسي بل بالشعب السوري وما إذا كان يريدني أم لا.
السؤال الرابع عشر:
السؤال الأخير: سيستلم دونالد ترامب مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة خلال أقل من أسبوعين.. وقد كان واضحاً في أنه يريد تحسين علاقاته مع روسيا.. وهي أحد حلفائكم الرئيسيين.
الرئيس الأسد:
نعم.. تماماً.
الصحفي:
هل تتوقعون أن يغير ذلك موقف الولايات المتحدة حيال سورية؟
الرئيس الأسد:
نعم.. إذا أردت أن تتحدث واقعياً.. لأن المشكلة السورية ليست منعزلة.. وليست سوريةً-سوريةً.. في الواقع فإن الجزء الأكبر أو لنقل الجزء الرئيسي من الصراع السوري ذو طبيعة إقليمية ودولية.. الجزء الأبسط الذي يمكن التعامل معه هو الجزء السوري-السوري.. أما الجزء الإقليمي والدولي فيعتمد بشكل رئيسي على العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا.. ما أعلنه ترامب بالأمس كان واعداً جداً.. إذا كانت هناك مقاربة أو مبادرة صادقة لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا فإن ذلك سينعكس على كل مشكلة في العالم بما في ذلك سورية.. ولذلك أقول نعم نعتقد أن ذلك إيجابي فيما يتصل بالصراع السوري.
الصحفي:
ما الإيجابي؟
الرئيس الأسد:
أعني العلاقة أو تحسين العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا سينعكس إيجاباً على الصراع السوري.