الأردن على برميل بارود.. هل تلحق المملكة بركب الصراعات؟
شهدت المملكة الأردنية انتخابات تشريعية أواخر سبتمبر/أيلول الماضي. وقد رحب الملك عبد الله بهذه الإنتخابات من على منبر الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة بالقول "إنه نصر حقيقي على القمع". غير أن عدد المشاركين في هذه الإنتخابات لم يتجاوز 37% من مجمل الناخبين. وشهدت العاصمة عمّان أقل معدلات المشاركة مقارنة ببقية مناطق المملكة.
وبالنظر إلى أسباب ضعف المشاركة في الانتخابات. يتضح أن الأردنيين ما عادوا مقتنعين بجدوى العملية الانتخابية، فالحكومات هي نفسها التي اعتاد الملك على تعيينها، فضلًا عن أن بعض المراسيم التي أصدرتها الحكومة أثارت جدلًا كبيرًا، منها مرسوما استيراد الغاز من إسرائيل، وتعديل في منهج التربية الدينية في المدارس.
وقد أشعلت صفقة الغاز مع إسرائيل غضبًا شعبيًا أتى في صورة احتجاجات شارك فيها الآلاف. وقد أصبحت الاحتجاجات هي سبيل الأردنيين للتعبير عن غضبهم.
من المعروف أن الأردن حليف رئيسي للغرب منذ عشرات العقود. لكن المملكة الأردنية تواجه تحديات صعبة في سبيلها نحو التحول من صحراء جرداء إلى دولة متقدمة، في ظل انعدام الموارد والحروب والنزاعات التي تعم الدول المحيطة بها.
وفي غياب أية معارضة حقيقية، أصبح الشباب يبحث عن منابر متشددة للتعبير عن أرائه، فقد شوهدت أعلام "الدولة الإسلامية" ترفرف في أعمال شغب وقعت في مدينة السلط غربي عمّان أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري. كما جرى اغتيال الصحافي المعروف ناهض حتر، وقد شهدت الانتخابات في المناطق القبلية أعمال عنف وسرقة لصناديق الانتخابات من قبل موالين للحكومة، وفق ما قالت المرشحة الخاسرة في الانتخابات هند الفايز.
لجأت الفايز إلى القضاء للطعن في نتائج الإنتخابات "المزورة"، حسب وصفها، لكنها ترى أن الاحتجاجات في الشوارع لها وقع أكبر من كراسي البرلمان.
وتسعى أطراف داخل الأردن إلى إحداث تغيير في بنية النظام السياسي القائم؛ إذ أطلق مروان المعشر، وزير الخارجية الأردني السابق، حملة للدفاع عن حقوق المواطنين. في حين يطالب آخرون ببناء ملكية دستورية حقيقية.
الأردن الذي صمد أمام عاصفة "الربيع العربي"، يعاني اقتصاديًا بشدة؛ فقد انخفض معدل النمو إلى 2%، ووصل الدين العام إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي. وارتفعت أسعار الخدمات الأساسية وجرى فرض المزيد من الضرائب، كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما أن تدفق اللاجئين السوريين بسبب الحرب الأهلية في بلادهم، وانخفاض المساعدات الدولية والإقليمية أثر بشدة على الاقتصاد الأردني.
يجلس الأردن حاليًا على برميل من البارود. فمع الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي جعلت العاصمة عمّان أغلى عاصمة على مستوى العالم وتآكلت بسببها الطبقة الوسطى، والطبيعة المحافظة للمجتمع الأردني، يخشى المراقبون من اتجاه الشباب الأردني ناحية التطرف. فقد لاقى اغتيال حتر تأييد كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن أن الآلاف من الأردنيين ينخرطون في الحرب السورية، وفي صفوف جماعات جهادية، وربما يعودون إلى وطنهم لإشعال حرب فيه.
المصدر: وسائل إعلام، الإكونوميست