الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط إلى أين
لم يعد امن الشرق الأوسط مشكلة إقليمية، مع التشابك في العلاقات الدولية نتيجة تزعزع الاستقرار في المنطقة، كنتيجة للصراعات الجديدة والقديمة، بما فيها المزيد من العمل المنسق (بما في ذلك العمل العسكري) من قبل القوى الإقليمية والجهات الفاعلة غير الحكومية. المنطقة، كما كانت من قبل، تنقسم داخليا وهي خالية من الضوابط والتوازنات، وليس هناك نظام أمني قادر على تحويل المواجهات العسكرية إلى ترتيبات سياسية.
كما أنه من الصعب الى حد ما تحديد الوضع الحالي في الشرق الأوسط، والذي اتخذ شكله تحت تأثير العلاقات الدولية المتزايد التعقيد والفوضى. خطورة عدم الاستقرار قابلة للمقارنة مع الوضع في أوروبا خلال حرب السنوات الثلاثين أو الحربين العالميتين. كما يمكن تشبيه الحرب الباردة الجديدة، والتي تحولت في مناطق مختلفة من العالم إلى مرحلة المواجهة بين القوى العظمى لأنها سعت إلى تجنب الصدام العالمي على حساب جدول الأعمال الإقليمي. لم تكن الأطراف دائما ناجحة، وقدم الشرق الأوسط الكثير من الأمثلة على أن الوكلاء في المنطقة يقومون باستخدام اللاعبين العالميين لتحقيق مصالحهم الخاصة، ويدفعون بالقوى الكبرى الى حافة الحرب. في وقت سابق، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي وسيلة للخروج من رعاية عملية السلام العربية الإسرائيلية في أحد أطول الصراعات الجارية في العالم.
القدرة على إثارة التوتر هي واحدة من السمات المميزة للجهات الفاعلة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. في السنوات الأخيرة، اتخذت الصراعات على نحو متزايد شكلا من أشكال الحرب الهجينة، وأصبحت الأعمال العدائية بين الدول تجمع بين الجيوش النظامية والحروب الأهلية. العديد من الصراعات غير متكافئة بين المتحاربين الذين يمتلكون قدرات وإمكانات مختلفة. وتقوم الدول بمواجهة الجماعات أو الحركات التي تستخدم أساليب خاصة بها بما في ذلك الإرهاب مما يتسبب في التدمير،. التدخل العسكري الأجنبي، الذي يتم غالبا خارج حدود القانون الدولي هو حالة خاصة.
أبرزت العمليات الجارية في الشرق الأوسط في العقد الثاني من القرن ال21 العجز الأمني بشكل كبير، في حين أن المباشرة في تغييرات مؤلمة على الصعيدين الوطني والإقليمي والدولي أصبح ضرورة.
لقد أدى وجود أنظمة ومؤسسات ضعيفة إلى انتاج مجتمعات وحكومات غير منظمة وغير قادرة على أداء الوظائف الأساسية، وبالتالي خلق صراعات جديدة نتيجة لذلك. وتشمل هذه الصراعات المختلطة وغير المتكافئة بؤر الصراع الأخيرة (سوريا والعراق وليبيا واليمن) والصراعات التي هي إرث للعالم ثنائي القطبية، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والصراع حول الصحراء الغربية .
كل نزاع "جديد" هو تهديد أمني لدول الجوار، وفي كثير من الحالات، والتهديد يبدأ بالفعل بالتحقق. مركز زلزال الصراع الإقليمي هو الحروب في سوريا واليمن وليبيا وهي تؤدي الى اضطراب التوازن في الشرق الأوسط بأكمله.
لا يزال الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المتعثر إيجاد حل له هو حجر عثرة في طريق إنشاء نظام أمني إقليمي. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يزال مصدر إلهام للقوى السياسية المتطرفة المناهضة للغرب في المنطقة.
أطراف هذه الصراعات تعمل على تطوير البنى التحتية للشبكات من خلال تحسين أوضاعها المالية والإعلامية واللوجستية، وهذه مسألة تثير قلقا خاصا. على سبيل المثال، حالما ضعف داعش في سوريا والعراق، بدأ على الفور في النمو في شكل أقوى في ليبيا.
وعلى الرغم من ارتفاع مستوى التوتر، فإنه لا يزال السؤال مطروحا، متى تدرك النخب المحلية مدى خطورة تصاعد أعمال العنف، الذي يظهر في أشكال مختلفة (منها ارتكاب القوات المسلحة الوطنية رد فعل عنيف ضد الجماعات الإرهابية)؛ وكم تتأثر مصالحها، وعما إذا كانت تنظر إلى الوضع الحالي مواتيا لأولوياتها. والقوى الخارجية تتخذ نهجا أكثر توازنا حيال التطورات والتحديات على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر، ولكن لا يزال السؤال مفتوحا، إلى أي مدى تدرك النخب المحلية خطورة تصاعد الارهاب الذي يمس الجميع وتتمكن من توحيد مواقفها وترسيخ وجودها في المنطقة.
المادة جزء من وثائق منتدى فالداي خريف 2015