الدفاع الروسي.. قوات العمليات الخاصة
وحدات العمليات الخاصة الروسية (سبيتسناز)، هي وحدات لديها تاريخ طويل من الإنجازات التي يرجع تاريخها حتى إلى مناطق بعيدة مثل الحرب الأهلية الإسبانية. وكان دورها الأساسي حتى وقت قريب يقتصر على توفير الدعم للقوات البرية من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية وتدمير المنشآت الرئيسية العملياتية والإستراتيجية خلف خطوط العدو.
مع نهاية الحرب الباردة تضاءل احتمال حدوث حملات برية كبرى تستخدم جيوشا ضخمة، لأن خطر التصعيد النووي يرجح عدم خوض القوات المسلحة للدول الكبرى نزاعات أو مواجهات كتلك التي تنفذها القوى الأخرى على أرض المعركة. إن ضعف النظام العالمي ما بعد الحرب الباردة يعني تحول المزيد من البلدان إلى دول فاشلة نتيجة الوقوع تحت إرهاب جهات متطرفة تستخدم الإرهاب وغيره من أشكال الحرب غير التقليدية ضد القوات التقليدية كأداة إكراه مثالية وأقل تكلفة. كذلك فإن التكاليف السياسية والمالية لوضع تشكيلات برية واسعة في القتال يعني ببساطة أن القوة الجوية أصبحت الأداة العسكرية لمفضلة، ويعود الفضل في جزء كبير من هذا إلى الخيال القانوني للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الذي يعتبر أن الضربات الجوية لا تمثل انتهاكا لسيادة البلد المستهدف.
التطورات المذكورة أعلاه عززت من أهمية قوات العمليات الخاصة في جميع أنحاء العالم، وروسيا ليست استثناء في ذلك. حيث أنه لا يمكن استخدام القوات التقليدية بسبب عدم قدرتها على العمل بشكل سري، وأيضا بسبب مخاطر التصعيد السياسي والعسكري بما يشكله مثل هذا التصعيد من تكاليف مرهقة من الناحية العسكرية أو السياسية، لذلك أصبحت قوات العمليات الخاصة اختيارا جذابا. وقد أظهرت قوات العمليات الخاصة الروسية قدرة عالية وتحت وصف "الرجال المهذبين" في شبه جزيرة القرم، ضمنت حق الناس بممارسة حقهم في التصويت في مناطقهم لاختيار مستقبلهم. إن وجود قوة كبيرة من الخبراء المدربين تدريبا عاليا كان كافيا لردع محاولات القوميين الأوكرانيين "لعرقلة العملية السياسية السلمية من خلال الطريقة التي تمكنوا فيها من السيطرة على الوضع في أوديسا في مقر بيت النقابات. كما مكنتهم المهنية العالية من السيطرة على كل موقف عرضي مع القوات الأوكرانية في شبه الجزيرة وحله وديا وبالحد الأدنى من الخسائر البشرية.
صعود الإرهاب الدولي أبقى قوات العمليات الخاصة الروسية في عمل نشط منذ العام 1990، وبالتحديد أثناء الصراعات في الشيشان وداغستان. حيث اكتسبت هذه القوات خبرات عالية في مكافحة التمرد، والتي ستثبت كما نأمل القدرة الكافية لردع عمليات تسلل "الدولة الإسلامية" إلى أراضي الاتحاد الروسي أو أراضي حلفائه، وخاصة وأد عمليات الدولة الإسلامية بشكل فعال في مهدها.
الشركات الروسية الخاصة أثبتت أيضا براعتها في تحقيق فعالية عالية للقوة الجوية الروسية في سوريا من خلال تحديد أماكن الإرهابيين بدقة عالية، حيث استطاعت الطائرات والذخائر إصابة أهدافها بدقة تامة. ضابط العمليات الخاصة ألكسندر بروخيرنكو، الذي أدى مهمة مراقب لتحديد الأهداف الجوية في سوريا والذي قتل في المعركة، يوضح أهمية وخطورة هذه المهمة.
نفذت هذه المهمات وحدات "سبيتسناز" التابعة لمديرية المخابرات الرئيسية التابعة لهيئة الأركان العامة الروسية (GRU). وتقديرا لأهمية العمليات الخاصة في الصراعات المستقبلية، شكل الاتحاد الروسي قيادة قوات العمليات الخاصة (KSSO)، الذي بدأ العمل فيها في عام 2012 في الوقت المناسب للتأثير على الوضع الدولي سريع التدهور. والمقصود من إنشاء قيادة قوات العمليات الخاصة KSSO هو إنشاء كادر من كبار الضباط من ذوي الخبرة الذين سيشاركون في التخطيط العملياتي على المستوى الاستراتيجي، وتعزيز المعايير الموحدة في العقيدة والتدريب، وبصفة عامة تسليط الضوء على قوات العمليات الخاصة في الجيش الروسي.
اعتبارا من مطلع عام 2016، كان في قيادة قوات العمليات الخاصة KSSO، 7 ألوية "سبيتسناز"، وفي كل منها من 4 إلى 6 مفارز سبيتسناز، وبلغ مجموعها العام حوالي 1000 عنصر. سيتم تشكيل لواءين إضافيين بحلول عام 2020، وسوف يزداد عدد قوات العمليات الخاصة المخصصة للمناطق العسكرية المختلفة، على الرغم من أن سيطرة قيادة قوات العمليات الخاصة KSSO لن تمتد إلى الحرس الوطني لكنها ستخصص مفارز من القوات الخاصة البحرية.
بسبب المطالب العالية لمهامهم، فإن قوات "سبيتسناز" تخضع لعملية اختبار وتدريب طويلة. نظرا للتدريب المظلي والتدريب على الأنواع المختلفة من العربات المدرعة الخفيفة ذات العجلات مثل TIGR أو BTR-82A، وكذلك سيارات الدفع الرباعي الخفيفة وسيارات الطرق الوعرة، لتستطيع هذه الوحدات أن تمتلك قدرة التنقل الاستراتيجي والتشغيلي العالية، وبسبب عدم وجود الدعم المدفعي فإن هذه القوات لا يمكنها البقاء في معارك طويلة دون دعم من قبل الميليشيات أو الجيوش الصديقة، أو القوات المحمولة جوا والتي تمثل المستوى التالي من التصعيد.