خط "السيل التركي" ثمرة بعد التقارب الروسي التركي
يعتبر الغاز الروسي موردا استراتيجيا هاما لروسيا، ويشكل أحد أعمدة الاقتصاد الروسي حيث تعتبر روسيا المصدر الأكبر للغاز في العالم، وتشكل أوروبا السوق الرئيسية لتصريف هذا الغاز، عبر شبكة ضخمة ومعقدة من خطوط الأنابيب تمتد من روسيا مرورا بأوكرانيا وبيلاروسيا إلى مجمل أوروبا الشرقية سابقاً، وصولاً إلى ألمانيا وبلجيكا بواسطة شركة "غاز بروم" الروسية التي تأسّست في العام 1996.
وبعد ظهور فكرة مشروع خط غاز عبر بحر قزوين من آسيا الوسطى إلى أوروبا، االذي يهدف إلى ربط احتياطيات الغاز في آسيا الوسطى عبر بحر قزوين بأوروبا دون المرور بأراضي دولة روسيا، لكسر حاجة الاعتماد على الغاز الروسي في أوروبا، قامت روسيا بتكثيف الجهود لبناء خطوط غاز جديدة ، والتي يعتبر خط "السيل الركي" أهمها، وهو مشروع خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى تركيا ودول أوروبية، مرورا بالبحر الأسود إلى البر التركي، لينتهي عند الحدود التركية اليونانية، حيث يفترض إقامة مستودعات ضخمة للغاز، ومن ثم توريده للمستهلكين في شرق ووسط أوروبا.
وأعلن عن "السيل التركي" رسميا في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2014 من طرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء قيامه بزيارة إلى تركيا.
ويتألف المشروع من أربعة خطوط تبلغ قدرتها الإمدادية الإجمالية 63 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، وتقتصر المرحلة الأولى من المشروع على مد خط وحيد من الخطوط الأربعة بطاقة استيعابية تناهز 16 مليار متر مكعب سوف تذهب كلها لسد احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي.
في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 2015 أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك تعليق المفاوضات بخصوص تنفيذ المشروع بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وأنقرة عقب إسقاط الجيش التركي مقاتلة روسية قرب الحدود التركية مع سوريا.
بالنسبة لتركيا، فمن المعروف أن مرور أنابيب الغاز الطبيعي عبر أراضي بلد ما يكتسي أهمية بالغة، فبالإضافة إلى تأمين هذا البلد إمدادات ثابتة ومنتظمة من هذه المادة الطاقية بأسعار تفضيلية، وتحقيق مكاسب اقتصادية تتمثل في تنمية مداخيل الدولة من خلال العائدات المتأتية من عبور الأنابيب بالأراضي الوطنية، ينطوي الأمر أيضا على بعد إستراتيجي وجيوسياسي، حيث يكتسب البلد قيمة وقدرة تفاوضية أكبر أمام جيرانه وأمام البلد المورد وباقي البلدان المستهلكة للغاز المار عبر أراضيه.
وصادق مجلس الوزراء الروسي على مشروع قانون يتعلق باتفاقية خط أنابيب الغاز "السيل التركي"، الذي يهدف لنقل الغاز الروسي عبر البحر إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.
وقال موقع الحكومة الرسمي، الجمعة 16 ديسمبر/كانون الأول: "إن مجلس الوزراء أقر خلال اجتماعه، في 15 ديسمبر/كانون الأول، مشروع قانون فدرالي للمصادقة على اتفاقية بين روسيا وتركيا بشأن خط أنابيب الغاز "السيل التركي" وأحال مشروع القانون إلى مجلس النواب".
ويأتي ذلك، بعدما وقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في وقت سابق من الشهر الجاري مرسوما صادق من خلاله على الاتفاق مع روسيا بشأن مشروع "السيل التركي".
وكانت موسكو وأنقرة وقعتا، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتفاقا حكوميا لتنفيذ مشروع "السيل التركي"، الذي يتضمن مد أنبوبين عبر قاع البحر الأسود من روسيا إلى تركيا باستطاعة إجمالية تصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.
أحد هذين الأنبوبين، لتلبية احتياجات السوق التركية، أما الآخر فمخصص للمشترين في جنوب أوروبا.، لكن موسكو تريد الحصول على ضمانات أوروبية قبل بناء الخط الثاني.