حول مقترح ومصير تسوية حلب
لا يزال المقترح الروسي الأميركي الخاص بتسوية أزمة حلب، والذي تسرب إلى وسائل الإعلام، قيد التطوير والتشاور. فبينما نفت موسكو أن تكون محادثات الخبراء في مدينة جنيف السويسرية قد أسفرت عن نتائج بعد، ساد صمت في واشنطن حيال المقترح المسرب.
وأوحى الرد الروسي على تسريب المسلحين أنباء عن تلقيهم مقترحاً مشتركاً أميركياً روسياً للخروج المشرف من الخمس بالمئة من الأراضي الخاضعة لسيطرتهم في مدينة حلب، بإصرار روسيا على إجلاء المدنيين والمسلحين من هذه المنطقة فقط من دون توسيع الاتفاق ليشمل إعادة العمل بنظام وقف إطلاق النار.
وحاولت فرنسا التشويش على محادثات جنيف عبر اتهام الروس "بتعمد الخداع والكذب المستمر" بشأن استعدادها للتفاوض على وقف إطلاق النار في حلب.
ونفت الدبلوماسية الروسية وجود مثل هذا الاتفاق، وقالت إنها لم تتوصل إلى أي اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مقترح لانسحاب المقاتلين من حلب، لكنها بينت أن محادثات جنيف مستمرة. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف «الولايات المتحدة تصر في محادثاتها مع روسيا على شروط غير مقبولة، مثل الهدنة التي من شأنها، في الواقع، أن تمنح حرية الحركة للمسلحين الذين تقاتلهم القوات السورية» وبين أن أهداف روسيا أكثر تحديداً إذ «تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لخروج آمن للناس من حلب».
وربما فضلت موسكو التريث في الإعلان عن المقترح حتى يتسنى لها التأكد من مروره في مؤسسات السلطة الأميركية المتنافسة.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان الولايات المتحدة تدعو لوقف القتال في حلب إلا انها لم تفعل شيئا من أجل ذلك ولم تتمكن من فصل الارهابيين الموالين لها عن غيرهم. وخلال مؤتمر صحافي في بلغراد عقب اجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي في البحر الاسود، أكد لافروف أن الاتهامات التي توجهها دول الغرب الى روسيا بزعم أنها تعيق ايصال المساعدات الانسانية الى سوريا غير صحيحة، وقال إن الحديث عن منعنا الحكومة السورية من إعطاء الموافقة على خطة الامم المتحدة الانسانية هو أيضا غير صحيح، فالحكومة السورية قدمت موافقتها على الخطة.
وعلى وقائع انتصار الجيش السوري وحلفائه في حلب، أوقفت الإدارة الأميركية ما بدا استعداداً لدعم قوات "غضب الفرات" من عرب وكرد في معركة الرقة. وفي محاولة لدعم الجماعات المسلّحة ورفع معنوياتها بعد هزيمة حلب، تصرّ واشنطن في مباحثات سيرغي لافروف ــ جون كيري على وقف اطلاق النار في كل الأراضي السورية أملاً بإعادة تنظيم هذه المجموعات ودعمها بالعديد والعتاد. وفي هذا السياق تراهن واشنطن على إجهاض انتصار حلب مضحية بما تبقى من مدنيين وجماعات مسلّحة محاصرة يمكن توظيفها في إذكاء نار "الثأر لحلب". لكن هذه المناورة تخدم رفع معنويات "داعش" في انتقاله من الدفاع في الموصل إلى التمدد من الرقة ودير الزور. وفي خلفية هذا التمدد تعويل على متغيرات أميركية في سوريا أكثر تأثيراً في دعم المسلحين والرعاية بالسلاح الذي يصل إلى "داعش" مواربة أو مباشرة.
بموازاة المساعي الأميركية لتقليل حجم الخسائر في حلب بما يصب في طاحونة النصرة و"داعش"، تسعى أنقرة من جهتها إلى الدفع في المجرى نفسه. وذلك عبر محاولة تجاوز الخطوط الحمراء الروسية والسورية في مدينة الباب. ومن غير المستبعد انسحاب "داعش" من الباب كما انسحب من جرابلس التي دخلتها القوات التركية من دون قتال. وقد لا يكون انسحاب "داعش" من دون مقابل في المراهنة على عودة الأمور بينه وبين أنقرة إلى سابق عهدها في اطمئنانه إلى التمدد محمي الظهر، بينما تحتل تركيا خاصرة حلب في الباب وريفها الشرقي وهي أكثر من حجز مقعد على طاولات المفاوضات المزمعة أن ترسم مستقبل سوريا.
وتناقلت أمس الاثنين وسائل التواصل الاجتماعي أنباء وصور عن سيطرة الجيش السوري على كامل أحياء حلب الشرقية بعد دخوله أحياء بستان القصر و الكلاسة والمشهد، وهذا يعني أن مهمة أي اتفاق روسي أمريكي مقبل بعد اليوم ستكون حول رسم الصورة اليت ستعطي المشهد المقبل في سوريا، ولن يكون بالأهمية التي كان يمكن أن يأخذها فيما لو تم قبل سيطرة الجيش السوري على الأحياء الشرقية في حلب.