أسباب الانهيار السريع للمسلحين في حلب
بات واضحاً أنّ سرعة انهيار المسلحين الذين يسيطرون على الأحياء الشرقية من حلب، شكّل مفاجأة للجميع، ولا سيما للجيش السوري الذي كان يتوقع أن تستمرّ معركة تحرير الأحياء فترة أطول بكثير مما حدث، أولاً بسبب كثافة وجود المدنيين خرج حتى الآن أكثر من مئة ألف مدني من هذه الأحياء ، وثانياً بفعل التحصينات التي أقامها المسلحون على امتداد السنوات الأربعة من سيطرتهم على الأحياء الشرقية، لقد وضع الجيش السوري وحلفاؤه خطة محكمة لتجنّب وقوع أيّ خطأ يسيء للعملية العسكرية لجهة إصابة المدنيين، وقد نجحت الخطة نجاحاً كبيراً إلى درجة أنّ تحرير الأحياء الشرقية تمّ وكأنّ المعركة دارت في ساحة قتال لا وجود فيها إلا للمتحاربين، وهذا إنجاز عظيم يسجل للجيش السوري وحلفائه.
لكن لماذا لم يدافع المسلحون الذين رفضوا عرض الانسحاب عن معاقلهم، على الرغم من الوقائع التي تكشفت بعد تحرير الأحياء الشرقية أظهرت أنّ المسلحين يحوزون على تحصينات لا مثيل لها على الإطلاق، وهذه التحصينات كان من الصعب على الطيران وعلى سلاح المدفعية إصابة المتحصّنين فيها، كما أنّ الوقائع أظهرت أنّ المسلحين يمتلكون معدات عسكرية كبيرة وأسلحة متطوّرة ولديهم مخزون يكفيهم للقتال لمدة أشهر، كما أنّ التقديرات تشير إلى أنّ عديد المسلحين يصل إلى أكثر من سبعة آلاف، أيّ أنهم لا يعانون من نقص العديد، إضافة إلى ذلك أظهرت الوقائع أنّ مخزون المواد الغذائية الذي كان بحوزة المسلحين يؤهّلهم أيضاً للصمود ولأشهر، ومع ذلك ورغم كلّ هذه الوقائع والحقائق إلا أنّ المسلحين لم يصمدوا وتمكّن الجيش السوري من تحرير الأحياء الشرقية في أقلّ من أسبوعين.
لا شك أنّ السبب الرئيسي الذي قاد إلى انهيار المسلحين وعدم مقاومتهم زحف الجيش السوري وحلفائه، أو على الأقلّ لم تكن مقاومتهم بمستوى ما لديهم من قدرات في العديد والعتاد والتموين، غياب إرادة القتال عند غالبية المسلحين، واقتصار هذه الإرادة على عدد قليل من قادة وكوادر الجماعات الأكثر تطرفاً ولا سيما الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة… وغياب إرادة القتال سببه غياب وجود قضية عادلة تبرّر التضحية في قتال لا طائل منه.