نتنياهو من كازاخستان وأذربيجان.. تهديد لإيران ومساعي لدخول مجلس الأمن

15.12.2016

استمد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الجرأة من زيارته السياسية والاقتصادية لكل من أذربيجان وكازاخستان على الحدود مع إيران، ليُهدد طهران بالويل إن تحرشت بالدولة العبرية. ولم يكتف نتنياهو، الذي يُسّجل زيارتيه هاتين في خانة التأكيد على عدم وجود إسرائيل في عزلةٍ سياسية، بذلك، بل أعلن نية حكومته المطالبة بمقعدٍ لها في مجلس الأمن الدولي في العام 2019. يذكر أن رئيس أذربيجان إلهام علييف أعلن أن حكومته استوردت من إسرائيل في السنوات الأخيرة معدات عسكرية بقيمة تصل إلى خمسة مليارات دولار.

ويحاول نتنياهو الذي تواجه حكومته مصاعب جمّة في علاقاتها مع الأسرة الدولية عموماً، والاتحاد الأوروبي خصوصاً، بسبب معارضته لأي تقدم في العملية السلمية مع الفلسطينيين وتوسيعه الاستيطان، اثبات أن ذلك لا يُعرقل أبداً علاقات إسرائيل العربية والإسلامية. وكشف في زيارته لكازاخستان أنه طلب تأييد رئيسها نور سلطان نزارباييف لتولي إسرائيل عضوية مجلس الأمن الدولي في العام 2019.

وقال إن «إسرائيل مثلما سبَق وأيدت تنافس كازاخستان على مقعد في مجلس الأمن، فإن الرئيس نزارباييف سيؤيد ترشيح إسرائيل في العام 2019. وإذا حدث ذلك، وأنا أؤمن أنه يمكن أن يحدث، فإن معنى ذلك تغيير حقيقي في موقف الأمم المتحدة من إسرائيل». وشدد نتنياهو على أن تغييرات مثيرة تحدث في علاقات إسرائيل مع العالم العربي، رغم أنها مستترة عن الأعين، وأن العلاقات مع كازاخستان تشكل نموذجاً يُحتذى به للعلاقة بين إسرائيل ودولة مسلمة. وقال: «لقد رأيتم اليوم زعيما دولة مسلمة ودولة يهودية يتصافحان».

وتعتبر إشارة نتنياهو إلى عضوية مجلس الأمن الدولي استمراراً مباشراً للخطاب الذي ألقاه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول الماضي حين قال إن «لإسرائيل مستقبل وردي في الأمم المتحدة. وبالتأكيد يفاجئكم أن تسمعوا هذا الكلام مني، بعدما كنت أكيل الاتهامات عاماً بعد عام للأمم المتحدة، وعن حق».

وبحسب مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، طلب نتنياهو من الرئيس الكازاخي نزارباييف أن ينقل للرئيس الإيراني حسن روحاني رسالة مفادها أن النظام الإيراني «يضع نفسه في خطرٍ كبير»، بمواصلته تهديد إسرائيل بالدمار. وقالت مصادر إسرائيلية إن هذه الرسالة تأتي في نطاق التصعيد التدريجي في تصريحات نتنياهو ضد إيران منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومعلوم أن روحاني سيزور كازاخستان قريباً، ولذلك سأل نزارباييف نتنياهو إن كان يريد منه إيصال رسالة له. وقال نتنياهو لنزارباييف في هذا السياق إن «إسرائيل ليست أرنباً. إنها نمر. وإسرائيل ليست دولة صغيرة عاجزة. والإيرانيون لا يعرفون مع من يتعاملون، وإيران تضع نفسها في خطر كبير». وطلب نتنياهو من نزارباييف أن يوضح لروحاني أنه إذا غيرت إيران تعاملها مع إسرائيل، فإن إسرائيل أيضا ستغير تعاملها مع إيران.

وكان نتنياهو كرر في الأسابيع الماضية مواقفه الحادة ضد إيران حيث قال في مقابلة مع شبكة «سي بي اس» إنه في لقائه الأول مع ترامب بعد توليه الحكم ينوي أن يطلب منه إلغاء الاتفاق النووي مع إيران. كما أنه في كلمته أمام منتدى «سابان» في واشنطن قال إنه ينوي الحديث مع ترامب في أمر «الصفقة السيئة مع إيران» التي بعد إبرامها الاتفاق «صارت أشد عدوانية». وحينها، ورداً على سؤال بشأن احتمالات الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، قال: «عندما أقول إننا ملتزمون بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فإنني أقصد ذلك».

ومن اللافت أن أقوال نتنياهو الوقحة هذه تأتي في أول زيارة يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي لكازاخستان. وقد وقّع نتنياهو مع نزارباييف على اتفاقيات تعاون عدة في مجالات تكنولوجية وأمنية وزراعية مختلفة، وفي مجال الطيران المدني. وقال نتنياهو إنه «شرف لي أن أكون أول رئيس حكومة إسرائيلي يزور كازخستان. وبوسعنا التعاون لتعزيز الاقتصاد ودفعه إلى الأمام. نحن نريد أن نكون هنا، وأن نكون شركاء لكم».

وبعدما أشار إلى تسامح كازاخستان مع يهودها واعتبر ذلك نموذجاً للتعايش بين اليهود والمسلمين، قال إنه «تعمل في كازخستان 200 شركة إسرائيلية، وأنا أفهم أنه أبرمت صفقات عدة. وهذا هو الأمر الأهم أن ندفع الأمور للتقدم بسرعة لأن الأمور تتراكم بسرعة في العالم بأسره، لذلك أريد رحلات جوية مباشرة ومنطقة تجارة حرة مع كازاخستان وأربع دول أخرى». وتفاخر نتنياهو بانجازات الشركات التكنولوجية الإسرائيلية، وأن الدولة العبرية دولة تجديد، وهو يريد إشراك كازاخستان في هذه الإنجازات.

وكان نتنياهو زار أذربيجان قبل كازاخستان حيث أعلن هناك أن إسرائيل تفحص سبل الارتباط بأنبوب الغاز الأذري على أمل ضمان استقرار الطاقة في العقود المقبلة. وشدد نتنياهو على أن إسرائيل تركز في علاقاتها مع أذربيجان ليس فقط على الجوانب الاقتصادية وإنما «نوثق أيضاً علاقات أمنية هامة جداً لدولة إسرائيل».

وقال نتنياهو إن «نموذج دولة مسلمة شيعية تتبنى بدفء الطائفة اليهودية ودولة إسرائيل تثبت أن بالوسع التعامل بشكل مغاير، وهذا يمثل في منطقتنا رسالة هامة للمنطقة والعالم». وأضاف أن «جذر الانقلاب هو التغير في مكانة إسرائيل بين الأمم وهذا الميل يزداد توسعاً. وهذه أيام نعزز فيها العلاقات وننتج فيها تظهيراً لأمور تحدث وهي العلاقات التي تتوثق بيننا وبين العالم الإسلامي».

وأكد نتنياهو أن إحدى الغايات الأساسية لزيارة أذربيجان وكازاخستان «النية لتغيير وتحطيم الأغلبية التلقائية ضد إسرائيل في المحافل الدولية. أنا أريد إحداث انقلاب في العالم الإسلامي. العالم العربي يتأثر، كما قال لي زعماء عرب نشأوا على ثقافة الدعاية ضد إسرائيل».

وكان الرئيس الأذري إلهام علييف قد استقبل نتنياهو بإعلانه أن بلاده وقعت على عقود بعيدة المدى لشراء أسلحة وأعتدة أمنية من إسرائيل بحوالي خمسة مليارات دولار. ولمثل هذا الإعلان أهمية كبيرة نظراً لوقوع أذربيجان على حدود إيران التي تعتبرها إسرائيل العدو الأكبر. وكانت تراكمت أنباء في الماضي عن إنشاء إسرائيل قاعدة عسكرية استخبارية لها في أذربيجان للتحضير لضربة عسكرية ضد إيران. واعترف نتنياهو بالعلاقات الأمنية المميزة مع أذربيجان معلناً أنها «جوهرية وبالغة الأهمية لإسرائيل».

من المهم الإشارة هنا إلى أن أذربيجان تزود إسرائيل بحوالي نصف احتياجاتها من النفط، في حين أن كازاخستان توفر لإسرائيل 20 في المئة من احتياجاتها النفطية.

المصدر: السفير