الحرب بين روسيا وإسرائيل في سوريا.. تهديد جديد قد يحرق المنطقة
ما احتمالات اندلاع حرب بين إسرائيل وروسيا؟ في الأيام الأخيرة، أشارت الأنباء إلى استهداف الصواريخ الإسرائيلية أحد المطارات العسكرية خارج دمشق، في الوقت الذي تتمركز فيه القوات الروسية في سوريا لمحاربة التنظيمات الإرهابية ودعما للحكومة السورية.
هذه الأخبار تشير إلى أن إسرائيل هاجمت أهدافًا في سوريا، والأمر ليس بجديد، إذ لطالما هاجم سلاح الجو الإسرائيلي سوريا لسنوات بانتظام، سواء بقصف القوافل التي تنقل الأسلحة إلى "حزب الله"، أو تدمير المفاعل النووي السوري عام 2007.
ولكن الجديد هذه المرة، هو أن إسرائيل أطلقت عدة صواريخ أرض-أرض على مطار عسكري، ولم تستخدم طائراتها كالمعتاد، رغم حقيقة أن المطار المستهدف يقع خارج دمشق، ويبعد حوالي 40 كم عن الحدود الإسرائيلية.
من الواضح أن الصاروخ الذي يمكن أن يصل إلى دمشق ليس صاروخًا مضادًا للدبابات كالذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على بعض مقاتلي "حزب الله"، أو تنظيم "داعش" على الحدود. أغلب الظن أنه كان صاروخًا متوسط المدى، أو صاروخًا موجهًا لم يُستخدم من قبل. يفترض أن تل أبيب ليست غبية بما يكفي لاستخدام الصواريخ الباليستية النووية ذات القدرة العالية.
ولكن السؤال هو لماذا استخدمت إسرائيل صواريخا بدلًا من الطائرات كما تفعل عادة؟
من المعروف أن إسقاط القنابل عادة ما يكون أرخص من إطلاق صواريخ أرض-أرض. فتكلفة الصواريخ أعلى من تكلفة الذخيرة الجوية، حتى إذا ما أخذنا في الاعتبار تكلفة تشغيل الطائرة والطيار. ومن المعقول أن نفترض، أنه إذا استخدمت إسرائيل صواريخ أرض-أرض، كما قالت وسائل الإعلام السورية، فإنه كان لديها سبب وجيه للقيام بذلك.
وهذا السبب الوجيه، هو بالتأكيد الرادار الروسي في سوريا. فلو استخدمت إسرائيل طائرات لتنفيذ المهمة، لما كان عليهم دخول الأراضي السورية لضرب القاعدة الجوية، وكان يمكنها ببساطة الطيران فوق البحر أو على الأراضي اللبنانية. لكن الرادارات الحساسة وبعيدة المدى، التي جلبها الروس إلى سوريا عندما دخلوا حلبة الصراع، قادرة على كشف وجود طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة.
حتى إنه كان من الممكن أن يحذر الروس حلفائهم السوريين لاستخدام بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات، التي حاولت بالفعل ضرب الطائرات الإسرائيلية سابقا؛ حين اخترقت المجال الجوي السوري تحت ذريعة منع قوات "حزب الله" من تسليح نفسها.
هناك سبب آخر يمكن أن يكون قد شكل رادعًا أمام استخدام إسرائيل للطائرات، وهو وجود الصواريخ أرض-جو من طراز S-400، وS-300 وSA-23، التي نشرتها روسيا في سوريا، ووجود هذه البطاريات المتطورة، ربما يكون قد ردع الطائرات الإسرائيلية عن العمل في المجال الجوي السوري.
ومع ذلك، هناك احتمال آخر، وهو أن تدخل الطائرات الإسرائيلية والروسية في صراع مفتوح. المقاتلات الروسية كانت قد واجهت بالفعل الطائرات الأمريكية في سوريا. وفي حال قصفت الطائرات الإسرائيلية بطريق الخطأ القوات الروسية، فإن الروس لن يتوانوا عن إطلاق النار عليها، ومن ثم ستنشر إسرائيل المزيد من المقاتلين لإنقاذ الطائرات، وهو ما من شأنه أن يكون أمرا سيئًا للغاية لإسرائيل.
وبينما تم شحن أول طائرتين من طراز "الشبح" F-35S من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، يبرز سؤال جديد، هل سيشجع وجود الطائرات الأمريكية وصواريخ سام، إسرائيل على استخدام طائرات الشبح في سوريا، وفي المقابل هل سيستفز ذلك روسيا لنشر أسلحة الدفاع الجوي الأكثر تطورًا؟
ألجنرالات الروس أعلنوا في وقت سابق، أن قدرات أجهزة الرصد العسكري والرادارات الروسية، ستحمل "مفاجآت" للأسلحة والطائرات الأمريكية المتطورة، في إشارة إلى أنها قادرة على كشف طائرات "الشبح" الأمريكية والتصدي لها، ومن غير المرجح أن تقوم إسرائيل بأي أعمال عسكرية للتحقق من القدرات العسكرية الروسية.
ومن المحتمل مستقبلا أن تواصل إسرائيل تنفيذ عملياتها العسكرية في سوريا عن بعد، أي دون دخول طائراتها المجال الجوي السوري، أو أن تحاول التوصل إلى تنسيق مع روسيا يسمح لها بتنفيذ عملياتها في سوريا، الأمر المستبعد في ظل حالة التحالف القوية بين موسكو ودمشق و"حزب الله". ومن الواضح أن روسيا لن تمنع إسرائيل من تنفيذ أي مهام، طالما كانت هذه العمليات بعيدة عن مجال السيطرة الروسي، ولا تسبب خسائر عسكرية أو سياسية أو إحراجات للروس.
غير أن إطلاق إسرائيل صواريخ أرض-أرض، يسبب مشكلة وحالة من التوتر، إذ أن هذه للصواريخ والقذائف، تظهر فجأة على الرادارات وأجهزة الإستشعار، ومن الصعب تحديد هويتها وهدفها، وهل هي مجرد قذيفة، أم صاروخ نووي، ما يثير نوعًا من العصبية لدى كافة الأطراف، وخاصة بالنسبة لدول مثل إسرائيل وإيران التي لديها، أو قد يكون لديها أسلحة نووية.
ومن المؤكد، ضرورة عدم تجاهل هذا العامل، إذ أن خطأً بسيطا في التقدير، قد يشعل حربا إقليمية أو حتى عالمية، خاصة في ظل مواصلة إسرائيل تدخلها في شؤون الدول المجاورة، واستهداف جهات ودول دون أي احترام لسيادتها، بمبرر "تحييد التهديدات المحتملة قبل أن تصبح تهديدات فعلية"، الأمر الذي قد يجر المنطقة إلى تهديد حقيقي يفجر حربا ساحقة.