كيف أنقذ بوتين سوريا وتركيا من حرب شاملة

28.11.2016

بمبادرة من أنقرة، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكالمتين هاتفيتين مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وبحسب الرواية الرسمية، شمل الحوار خلال الاتصالين "تبادل وجهات النظر بشأن الوضع في سوريا"؛ لكن مصدرا عسكريا دبلوماسيا صرح لـ "نيزافيسيمايا غازيتا" بأن لاتصالي أردوغان علاقة بحادثة إغارة طائرات مجهولة الهوية 23 – 25 نوفمبر /تشرين الثاني الجاري على مواقع القوات التركية في منطقة مدينة الباب، موقعة خسائر جسيمة فيها.

وكانت هيئة الأركان التركية قد اتهمت في البداية الطيران السوري؛ لكن دمشق فندت ذلك. ومع ذلك فقد تطور هذا الصراع، حيث أوردت صحيفة "حريت" التركية تصريح رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم بأن مقتل الجنود الأتراك "بالطبع، لن يبقى من دون عواقب". كما أُعلن أن يلدريم يتفق مع رئيس هيئة الأركان الجنرال خلوصي أقار الذي اتهم الطيران السوري بقتل الجنود.

وعقب ذلك، بدأت وسائل الاعلام التركية تتحدث عن إمكان بدء حرب واسعة النطاق بين تركيا وسوريا.

وتشير المصادر إلى أن الرئيس بوتين خلال الاتصالين الهاتفيين "تمكن من إقناع الرئيس أردوغان بعدم وجود علاقة لموسكو أو لدمشق بالغارات الجوية في منطقة الباب". ولا يستبعد أن تكون هذه الهجمات محاولة من جانب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ولها علاقة بالذكرى السنوية لإسقاط الطائرات التركية قاذفة القنابل الروسية "سوخوي–24" في الأجواء السورية. وأضاف المصدر أنه "بعد اعتذار أردوغان عن هذه الحادثة، لم يعد لروسيا حاجة إلى "عمل انتقامي". كما أنه ليس من مصلحة دمشق مفاقمة الوضع".

وكان الكرملين قد أعلن يوم 25 من الشهر الجاري بأنه جرى خلال أحد هذين الاتصالين "تبادل الآراء بشأن تسوية الأزمة السورية. كما تم الاتفاق على استمرار الحوار النشط بين وزراء الخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية في البلدين بهدف تنسيق الجهود في محاربة الإرهاب الدولي".

من جانبه، أضاف دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، أن "بوتين قدم خلال المكالمة تعازيه بمقتل الجنود الأتراك في سوريا".

وتجدر الإشارة إلى إن انفجارا هائلا وقع، بعد عدة ساعات من الاتصال الهاتفي بين أردوغان وبوتين مساء يوم السبت، في قاعدة تدريب عسكرية يشرف عليها البنتاغون بالقرب من مدينة تل تمر في محافظة الحسكة بالقرب من الحدود التركية؛ حيث تقوم منذ سنوات القوات الأمريكية والبريطانية الخاصة بتدريب مقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردي، التي تعدُّها أنقرة إرهابية وأنها مرتبطة بـ "حزب العمال الكردستاني" المحظور في تركيا. وبحسب وسائل الإعلام التركية، فقد تسبب الانفجار بسقوط ضحايا عديدة بين القوات الأمريكية والبريطانية والمتدربين. ووفق رواية وسائل الإعلام التركية، كان هذا الانفجار في القاعدة الأمريكية انتقاما من الكرد بسبب مهاجمتهم مواقع القوات التركية في حلب.

ومن الواضح أن التعاون بين موسكو وأنقرة رغم اختلاف المواقف سيكون أوثق في سوريا في مجال محاربة الإرهاب. كما أن نجاح قوات الحكومة السورية في شرق حلب يساعد في ذلك.

كذلك، فإن الميليشيات الشيعية الإيرانية واللبنانية تساهم في نجاح محاربة الإرهابيين. وقد أصبح معلوما أن طهران أعلنت رسميا عن رغبتها في توسيع مساهمتها في هذه العملية.

فقد ذكرت وكالة "تسنيم" أن وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان أعلن أن بلاده تنوي السماح لروسيا باستخدام قاعدة همدان الجوية في محاربة الإرهابيين في سوريا. جاء هذا التصريح في سياق الحديث عن رغبة لإيران بشراء طائرات "سوخوي–30" من روسيا، حيث أكد دهقان أن "تنفيذ الصفقة ممكن مع نقل التكنولوجيا وإنشاء مؤسسات مشتركة لصناعة هذه الطائرات". وبحسب قوله، لقد تم إبلاغ الجانب الروسي بهذه المسألة وأنه "قد أعلن عن استعداده لتوقيع الصفقة".

وفي حين أن الجانب الروسي لم يعلق بشيء على ذلك، أشار موقع "إيران. رو" إلى أن لطهران أهدافا جيوسياسية أخرى في الشرق الأوسط. فقد أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية الجنرال محمد حسين بكري أن القوات البحرية الإيرانية ستكون "مع مرور الوقت بحاجة إلى قواعد بحرية في اليمن وسوريا". ووفق رأيه فإن "إنشاء هذه القواعد البعيدة عن الحدود الإيرانية، سيكون له تأثير رادع شبيه بالقنبلة الذرية، ولكنه أقوى بكثير".

وفيما يبقى رد موسكو على هذا الأمر غير واضح، يبقى غير معلوم – هل ستوافق دمشق على ذلك؟ إضافة إلى أن اسرائيل والولايات المتحدة وبلدانا أخرى من الصعب أن ترضى بهذا الأمر.

"نيزافيسيمايا غازيتا"