داعش يستخدم دروعا بشرية والحشد الشعبي يشارك في معركة الموصل
قال سكان في مدينة الموصل العراقية إن تنظيم "داعش" يستخدم المدنيين دروعا بشرية فيما سيطرت القوات العراقية والكردية على القرى المحيطة أثناء تقدمهم صوب المدينة.
ووردت أنباء عن أن زعيم التنظيم المتشدد بين آلاف المتشددين الذين لا يزالون في المدينة في مؤشر على أن التنظيم لن يدخر جهدا في صد هجوم التحالف.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه القوات المهاجمة على بعد ما بين 20 و50 كيلومترا من المدينة قال سكان جرى التواصل معهم عبر الهاتف إن أكثر من مئة أسرة بدأت تتحرك من الضواحي الجنوبية والشرقية الأكثر عرضة لخطر الهجوم إلى الضواحي التي تقع في وسط المدينة.
وذكروا أن متشددي التنظيم يمنعون الناس من الهرب من الموصل وقال أحدهم إنهم وجهوا البعض صوب مبان كانوا قد استخدموها أنفسهم في الآونة الأخيرة.
وقال أبو ماهر الذي يعيش قرب جامعة المدينة "من الواضح أن داعش بدأت تستخدم المدنيين دروعا بشرية بالسماح للأسر بالبقاء في المباني التي من المرجح أن تستهدف في ضربات جوية."
ومثل سكان آخرين جرى التواصل معهم في المدينة رفض أبو ماهر أن يذكر اسمه بالكامل لكن عبد الرحمن الوكاع عضو مجلس محافظة نينوى التي عاصمتها الموصل أيد روايته لرويترز.
وسيكون سقوط الموصل مؤشرا على هزيمة المتشددين السنة في العراق لكن ربما يتبعه استيلاء على الأراضي واقتتال طائفي بين جماعات تقاتلت فيما بينها بعد الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين عام 2003.
وفي واشنطن قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) كابتن جيف ديفيز للصحفيين إنه من المعروف أن المدنيين يُستخدمون دروعا بشرية.
وقال "هذا يحدث منذ عدة أسابيع حيث شهدنا احتجاز المدنيين قسرا ومنع تحركاتهم بحيث لا يمكنهم الخروج من الموصل. إنهم محتجزون رغما عن إرادتهم."
ووصف ديفيز العملية لاستعادة الموصل بأنها "معركة قبيحة" وأضاف "لكنني سأقول لكم إننا شهدنا تقدما جيدا للغاية. إنه اليوم الأول. لا ترفعوا آمالكم فالأمر سيستغرق وقتا."
ومع وجود نحو 1.5 مليون شخص في الموصل قالت المنظمة الدولية للهجرة إن التنظيم قد يستخدم عشرات الآلاف من السكان دروعا بشرية للتمسك بآخر معقل لهم في العراق.
وقالت المنظمة إن من المرجح لجوء الجهاديين للهجمات الكيماوية والتي سبق واستخدموها ضد القوات الكردية العراقية.
*معركة صعبة
قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إنه جرى توفير ممرات آمنة للمدنيين الذين يريدون الخروج من الموصل وإن من واجب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة منع مقاتلي الدولة الإسلامية من الهروب إلى سوريا المجاورة.
ومن ناحية أخرى اتهم الجيش السوري التحالف بالتخطيط للسماح لمتشددي الدولة الإسلامية بعبور الحدود.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن المعركة ستكون صعبة لكن التنظيم "سيُهزم في الموصل".
ويأمل أوباما في تعزيز ميراثه باستعادة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي من التنظيم قبل أن يغادر منصبه في يناير كانون الثاني.
وبدأ الجيش العراقي بمعاونة قوات البشمركة -من إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق- في التقدم صوب المدينة فجر الاثنين تحت غطاء جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي تشكل بعد أن دخل تنظيم الدولة الإسلامية العراق قادما من سوريا عام 2014.
وقال هوشيار زيباري المسؤول الكردي الكبير إن العمليات الأولى نجحت بفضل التعاون الوثيق بين الحكومة العراقية ومقاتلي البشمركة مما سمح بخروج مقاتلي التنظيم من تسع أو 10 قرى شرقي الموصل.
وقال زيباري في حديث لرويترز "إن داعش مشوشة ويتوقع الهجوم عليها من الشرق أو الغرب أو الشمال" في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف أن القوات المهاجمة دخلت يوم الثلاثاء مرحلة جديدة. وقال "لن يكون هجوما مثيرا على (مدينة) الموصل ذاتها بل سيكون حذرا للغاية. إنها عملية تنطوي على مخاطرة كبيرة لكل الأطراف."
وقال زيباري إنه وفقا لتقارير مخابراتية "جديرة بالثقة" فإن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي وخبير المتفجرات فوزي علي ما زالا داخل المدينة.
وأفادت بيانات صدرت من الجيش العراقي وقوات البشمركة- وهما يقاتلان جنبا إلى جنب للمرة الأولى- بأن 20 قرية جرى استعادتها شرقي وجنوبي وجنوب شرقي الموصل بحلول الساعات الأولى من يوم الثلاثاء.
*تفجيرات انتحارية
قال تنظيم الدولة الإسلامية يوم الاثنين إن مقاتليه استهدفوا القوات المعادية لهم بعشر هجمات انتحارية وإن تلك القوات حاصرت خمس قرى فقط دون أن تتمكن من السيطرة عليها. ولم يتسن التأكد من مصدر مستقل من صحة أي من التقارير التي أوردها الجانبان.
وأعلن العبادي هذه العملية يوم الاثنين بعد مرور ما يقرب من عامين على سقوط ثاني أكبر المدن العراقية في يد المتشددين الذين استغلوا الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا عام 2011 للاستيلاء على مساحات من الأراضي.
وجرى التخطيط للعملية منذ شهر يوليو تموز. وأعلنت الولايات المتحدة وشركاؤها في قوات التحالف ومسؤولون غربيون وعراقيون -من المتابعين للحرب الأهلية التي اندلعت بعد سقوط الرئيس السابق صدام حسين- أن الخطط يجري وضعها لاستعادة السيطرة على المدينة ذات الأغلبية السنية وتوفير أماكن بديلة لمن سيفرون هربا من القتال.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو مليون شخص ربما يفرون من المدينة متوقعة أن الموجة الأولى من الهجرة ستكون خلال الأيام الخمسة أو الستة الأولى من العملية في مؤشر على أن المعارك ستصل إلى المدينة بحلول هذا الوقت.
لكن بعض السكان قالوا إن التنظيم يحرص على عدم مغادرة الناس. وقال أحدهم اكتفى بذكر اسمه الأول وهو أنور إنه هرب من حي السومر قرب مطار الموصل خوفا من القوات البرية والقصف الجوي.
وقال "أبلغت مقاتلي داعش عند نقطة تفتيش بأنني سأقيم في منزل شقيقتي. قام أحد مقاتلي داعش باتصالات من خلال جهاز الراديو ليتأكد من أنني لا أكذب وعندما سمعت الصوت على الجانب الأخر يقول له ‘دعه يذهب‘ تنفست الصعداء."
ويُتوقع أن يستمر القتال عدة أسابيع -إن لم تكن شهورا- يحاصر خلالها المدينة في خطوة أولى نحو 30 ألف مقاتل من قوات الحكومة والقبائل السنية والبشمركة الكردية ثم تبدأ عملية طرد عدد يتراوح بين 4000 و8000 مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية.
ولدعم معركة الموصل تم نشر أكثر من 5000 جندي أمريكي إضافة إلى قوات من فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرها من دول الغرب.
وبينما يهاجم الجيش العراقي مدينة الموصل من الجبهات الجنوبية والجنوبية الشرقية تهاجم قوات البشمركة من الشرق.
وقالت قوات البشمركة التي نُشرت كذلك شمالي وشمال غربي المدينة إنها سيطرت على "مساحة كبيرة" تصل إلى 80 كيلومترا من الطريق بين أربيل والموصل غربا.
وبحسب بيان للقوات الكردية ضربت طائرات قوات التحالف 17 موقعا لتنظيم الدولة الإسلامية دعما لقوات البشمركة في منطقة زرعت فيها الألغام بكثافة. وأضاف البيان أنه تم تدمير أربع مركبات ملغومة على الأقل.
ولم تشر أي من البيانات الصادرة عن القوات العراقية أو الكردية إلى خسائر في الأرواح سواء بين المقاتلين أو المدنيين.
وقالت فرنسا إنها ستستضيف اجتماعا متعدد الجنسيات مع العراق يوم 20 أكتوبر تشرين الثاني لمناقشة كيفية إرساء الاستقرار في الموصل والمناطق المحيطة بها بمجرد هزيمة الدولة الإسلامية.
وقال وزير الخارجية جان مارك أيرو إن المتشددين سينسحبون على الأرجح إلى معقلهم في مدينة الرقة السورية لذا من الضروري التفكير في استعادة تلك المدينة أيضا.
الحشد الشعبي يعلن مشاركته في الحملة
وقال الحشد الشعبي وهو ائتلاف لفصائل دربتها في الأغلب إيران إنه سيدعم القوات الحكومية المتقدمة صوب تلعفر الواقعة على بعد نحو 55 كيلومترا غربي الموصل.
وكان يقطن تلعفر خليط من السنة والشيعة التركمان إلى أن فر الشيعة من البلدة بعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة في 2014 معلنا إقامة "خلافة" في أجزاء من العراق وسوريا المجاورة.
وقال الحشد الشعبي أيضا إنه سيدعم القوات المسلحة التي تتقدم إلى الموصل من الغرب.
وقال بيان على موقع الحشد الشعبي على الانترنت إن الحشد الشعبي "سيكون ظهيرا للقوات الأمنية من المحاور الغربية ..وهو بشقين أولهما تلعفر والثاني إسناد القوات المتجهة لمركز الموصل."
وجاء هذا الإعلان على الرغم من تحذيرات من جماعات لحقوق الإنسان بأن مشاركة الحشد الشعبي قد تشعل أعمال عنف طائفية. ويتبع الحشد الشعبي رسميا حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي والتي أعلنت يوم الاثنين بدء الهجوم على الموصل ثاني أكبر مدن العراق.
وحاول العبادي تهدئة مخاوف من حدوث إراقة دماء على أساس طائفي قائلا إن قوات الجيش والشرطة ستكون الوحيدة التي يُسمح لها بدخول المدينة.
وأنشئ الحشد الشعبي عام 2014 للمساعدة في وقف تقدم تنظيم الدولة الإسلامية عبر المحافظات الشمالية والغربية.ونشرت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء تقريرا قال إن فصائل شيعية ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من بينها جرائم حرب" ضد المدنيين الفارين من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت الأمم المتحدة في يوليو تموز إن لديها قائمة بأسماء أكثر من 640 رجلا وطفلا من السنة قالت تقارير إن فصيلا شيعيا خطفهم في الفلوجة وهي معقل سابق لتنظيم الدولة الإسلامية غربي بغداد وإن نحو 50 آخرين أُعدموا بلا محاكمة أو عُذبوا حتى الموت.
وتقول الحكومة والحشد الشعبي إن عددا محدودا من الانتهاكات وقع ويجري التحقيق فيها ولكنهما ينفيان وقوع انتهاكات على نطاق واسع وبشكل ممنهج
المصدر: رويترز