وسط ترحيب أمريكي وقلق أممي.. إنطلاق معركة تحرير الموصل
على وقع اختتام التحضيرات لمعركة تحرير الموصل من تنظيم "داعش"، بدأ الجيش العراقي قصف تمهيدي لأطراف المدينة، في حين نشطت الطائرات في إلقاء المناشير التوجيهية على الأهالي، قبيل أن يعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إنطلاق المعركة
وأعلن العبادي انطلاق عمليات تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، مشيرا إلى أن القوات التي ستدخل الموصل هي "الجيش العراقي والشرطة الوطنية" حصرا، ودعا العبادي أهالي مدينة الموصل والشرقاط والقيارة إلى التعاون مع القوات الأمنية، لافتا إلى أن العملية تجري قيادتها من قبل الجيش العراقي والشرطة الوطنية وليس أي جهة أخرى.
وقال العبادي في كلمة ألقاها عبر التلفزيون الرسمي في الساعات الأولى من صباح الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول، من داخل مقر العمليات المشتركة برفقة عدد من القادة العسكريين، "يا أبناء شعب العراق العزيز، يا أبناء نينوى الأحبة، لقد دقت ساعة التحرير واقتربت لحظة الانتصار الكبير، بإرادة وعزيمة وسواعد العراقيين، وبالاتكال على الله العزيز القدير، أعلن اليوم انطلاق عملية تحرير محافظة نينوى، قريبا جدا سنكون بينكم لنرفع راية العراق وسط الموصل الحدباء وفي كل مدينة وقرية".
وأضاف العبادي "أنه كانت هناك محاولات خلال الأيام الماضية لمنع انطلاق عملية تحرير الموصل لكن تم إفشالها كما تم إفشال محاولة عرقلة تحرير مدينة الفلوجة"، متعهدا بأن "يكون عام 2016 عام الخلاص من الإرهاب ومن تنظيم داعش".
وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني أكد أنه تم الاتفاق بين قوات البشمركة وقوات الجيش العراقي على المعركة "وحُدِّدَت مهام كل المشاركين فيها بدقة"، كما قال إن الاستعدادات العسكرية اكتملت و"حان وقت بدء عملية تحرير الموصل".
وذكر مصدر عراقي أن العمليات العسكرية ستنطلق من أربعة محاور "بمشاركة قوات الجيش والبشمركة ومكافحة الارهاب والحشد الشعبي والعشائري والشرطة الاتحادية، إضافة الى إسناد جوي من طيران الجيش العراقي والتحالف الدولي".
وأشارت معلومات من داخل المدينة إلى أن التنظيم أطلق نداءات عبر مكبرات صوت أحد المساجد في الجانب الأيسر من الموصل يدعو فيها عناصره إلى الانسحاب، موضحة أنه لم يتم الكشف عن الجهة التي سينسحبون إليها خوفاً من ضربات الطائرات العراقية و"التحالف الدولي".
بدوره، أكد العبادي من جديد أن بغداد لن تسمح بمشاركة قوات تركية في المعركة تحت أي عنوان، إذ ان العراقيين "ليسوا بحاجة لقوات عسكرية اجنبية لتقاتل بالنيابة" عنهم.
ترحيب أمريكي وقلق أممي
من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة ترحيبها بالإعلان عن بدء العملية، وقال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إن هجوم الموصل لحظة مفصلية في حملة العراق لإلحاق "هزيمة شاملة" بتنظيم داعش مؤكدا أن الولايات المتحدة وباقي دول التحالف مستعدة لدعم قوات الأمن العراقية ومقاتلي البيشمركة في "المعركة الصعبة المقبلة".... "نحن واثقون بأن شركاءنا العراقيين سيهزمون عدونا المشترك ويحررون الموصل وبقية العراق من وحشية وعداء داعش".
كما رحب المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى التحالف الدولي بيرت ماكغرك بإعلان العراق بدء عمليات تحرير الموصل.
وقال ماكغرك في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) الاثنين، "نتمنى التوفيق للقوات العراقية الباسلة وقوات البيشمركة والمتطوعين من نينوى".... "نحن فخورون بأن نقف إلى جانبكم في هذه العملية التاريخية".
في حين أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن مصير 1.5 مليون مدني في الموصل.
وقال ستيفن أوبراين نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ "أشعر بقلق بالغ بشأن سلامة نحو 1,5 مليون شخص يعيشون في الموصل قد يتأثرون من جراء العمليات العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة من داعش".
وأضاف أن "العائلات معرضة لخطر شديد" إذ أنها قد تجد نفسها ضحية "لتبادل إطلاق النار، أو مستهدفة من جانب قناصة".
داعش وظهور "النفاق في أرض الخلافة"
من جهة أخرى نقل تلفزيون السومرية عن مصدر محلي داخل محافظة نينوى، أن تنظيم "داعش" دعا عناصره مساء الأحد، عبر مكبرات الصوت للانسحاب من الجانب الأيسر من مدينة الموصل، وذلك بسبب ما وصفه التنظيم بظهور "النفاق في أرض الخلافة".
وأعلنت عدة فصائل مشاركتها في عملية استعادة الموصل إلى جانب القوات العراقية وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من عدة محاور.
ويشارك "الحشد الوطني" بزعامة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي في العملية. وكانت قوات البيشمركة قد عززت وجودها الميداني في جميع المحاور المحيطة بمدينة الموصل مع اقتراب موعد انطلاق معركة تحرير المدينة، كما أبدى حزب العمال الكردستاني جاهزيته للمعركة.
وحسب مصادر عسكرية، فإن عدد القوات التي تشارك في عملية الموصل يبلغ ستين ألفا، وتشن هجوما من أربعة محاور: "محوران شماليان عبر تلعفر وسهل نينوى، وستوكل المهمة في هذا الجانب لقوات البيشمركة، ومحور جنوبي عبر القيارة للقوات المشتركة من جيش وشرطة اتحادية، أما المحور الرابع غربي مدينة الموصل فيهدف لمنع تسلل عناصر داعش إلى سوريا".
من جهته أكد قائد عملية "العزم التام" التي ينفذها التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الجنرال ستيفن تاونسند، أن جميع القوات البرية التي تشارك في معركة الموصل هي "عراقية"، موضحا أن التحالف جهز العراقيين لخوض معركة صعبة ويقف الى جانبهم، "بدأت قوات الأمن العراقية عملية تحرير الموصل من داعش، ومن المرجح استمرار المعركة لاستعادة السيطرة على ثاني أكبر مدينة في العراق لأسابيع وربما لفترة أطول"، وتابع تاونسند "على مدار السنوات الماضية، اتحد تحالف يضم أكثر من 60 دولة لهزيمة داعش، وأجرينا عشرات الآلاف من الضربات الدقيقة لدعم العمليات العراقية، ودربنا أكثر من 54 ألفا من القوات العراقية، ودعمنا شركاءنا العراقيين في حربهم لتحرير دولتهم".
ويتلقى العراق الدعم من قبل مجموعة واسعة من قوات التحالف، والتي تشمل الدعم الجوي والمدفعي والمخابرات والمستشارين والمراقبين الجويين..
الوضع على الأرض
وعلى صعيد ميداني، أفاد مصدر أمني عراقي، بتحرير مركز قضاء بعشيقة شمال شرق مدينة الموصل، من سيطرة تنظيم "داعش"، بتقدم قوات الفرقة الذهبية وبإسناد من الجيش العراقي والبيشمركة.
كما قصفت القوات الأمريكية بصورايخ ذكية مواقع لداعش في الموصل انطلاقا من قاعدة القيارة، في الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية قصفا بريا لمعاقل التنظيم الإرهابي، مدعوما بغطاء جوي وغارات تشنها قوات التحالف لاستعادة المدينة.
وأفادت مصادر إعلامية بأن قوات البيشمركة التي تشارك في عملية استعادة الموصل قصفت معاقل المسلحين في المحاور الشمالية الشرقية للمدينة.