طرق واشنطن في اغراق مناطق الصراعات بالأسلحة

30.09.2016

جميع الصراعات الإقليمية والمحلية في العقد الحالي لها سمة واحدة مشتركة بغض النظر عن العوامل الجغرافية والوطنية والدينية، فجميع هذه الصراعات تحصل على الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية. يستند هذا التكتيك إلى رغبة "سلطات" الولايات المتحدة بتطبيق ذلك التكتيك المفضل في المناطق التي تريد الولايات المتحدة أن تزعزع الاستقرار فيها وتخلق الفوضى ليتم السيطرة عليها فيما بعد. باستخدام الأساليب القانونية وشبه القانونية وحتى الأساليب غير الشرعية، فهم يؤمنون الأسلحة إلى المنطقة المقصودة كهدف لهم ومن ثم زعزعة استقرارها الاجتماعي والسياسي بشكل يؤدي إلى ظهور الاشتباكات المسلحة. وهكذا، تبدأ الحرب عندما يكون هناك عدد كاف من الأسلحة في منطقة الصراع.

السوق السوداء
نشرت مؤخرا إحدى وسائل الإعلام الأمريكية الرائدة مادة تتحدث بصراحة عن استحالة تتبع الأسلحة المرسلة بشكل قانوني إلى منطقة الشرق الأوسط من قبل الولايات المتحدة. وهكذا يتحدث الكاتب عن قصة حسين محيافي من العراق، الذين استخدم الفيسبوك وشبكات التواصل  الاجتماعية لبيع بندقية "كارابين م 4" التي تستخدمها القوات المسلحة الأمريكية. في نفس الوقت، كانت علامة البندقية لا تتميز عن الأسلحة العسكرية الأمريكية، بما في ذلك الرمز وبيانات المخزون لأسلحة فريدة من نوعها.  وعلى الرغم من هذه الحقيقة فقد استجابت إدارة شبكة التواصل الاجتماعي لشكاوى المستخدمين، وحجبت صفحة المحيافي. 

سوق الأسلحة السوداء تنمو بسرعة في الشرق الأوسط، وشبكة الإنترنت هي واحدة من منصات التداول الأكثر ملائمة. وتنتشر الأسعار لكل نوع من الأسلحة بانتظام. على سبيل المثال، في بعض المناطق، سعر "M4 كارابين" يمكن أن يصل إلى 6000 دولار، ومن المهم أن نفهم أن مراقبة عمليات السلاح في الجيش الأمريكي هو أمر بسيط وسريع، وهذا يعني أن السلاح من غير المرجح أن يكون قد "فقد" ببساطة ثم ظهر في السوق السوداء.

غيض من فيض
يمكن أن نجد التأكيد على هذه الحقيقة من مجموعة من تحقيقات الصحفيين وتقارير منظمات المراقبة: مثل منظمة العمل ضد العنف المسلح. وفقا للخبراء فقد قامت وزارة الدفاع الأمريكية في نصف العقد الماضي، من خلال إنفاذ قانون أفغانستان والعراق بضخ حوالي  1.45مليون قطعة سلاح، بما في ذلك أكثر من 978000 بندقية  و266000 مسدس وحوالي 112000 مدفع. وقد لاحظت المنظمة أن هذا مجرد غيض من فيض، منذ أن نشرت المراسلات التي تم توثيقها رسميا بين واشنطن وبغداد وكابول فقط، إذ لا تؤخذ الإمدادات إلى الجماعات المحلية في العراق وسوريا ودول أخرى في الاعتبار. علينا ألا ننسى أنه، بالإضافة إلى الولايات المتحدة فإن إسرائيل والمملكة العربية السعودية هما من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، لذا فقد كانا يشاركان في توريد الأسلحة إلى الجماعات المتورطة في النزاعات العسكرية.

المداخل الحصرية
ومن المهم أن نلاحظ أن الإرهابيين يتلقون الأسلحة الموردة مبدئيا للوكالات الحكومية. وهكذا، وعلى سبيل المثال، يقول أحد التقارير الرسمية أنه فقط في عام 2007 تم شراء 110000  بندقية كلاشنيكوف و80000 مسدس  من الولايات المتحدة من قبل الحكومة العراقية لصالح قوات الأمن وقد اختفت جميعها. ولم يمض وقت طويل حتى اختفى قسم كامل من الجيش العراقي من أماكن العمليات القتالية بعد احتلال داعش لتكريت والموصل. ومن الممكن أن تكون هذه المجموعات قد  انضمت إلى المنظمات الإرهابية أو توزعت على مجموعات صغيرة عدة. على أية حال فقدت وزارة الدفاع الأمريكية في سنة واحدة فقط ما يقارب 200000 قطعة سلاح مستوردة قانونيا في العراق. هذه الحالة هي بالتأكيد ليست وحيدة.

نيران صديقة
بالإضافة إلى الأسلحة النارية العادية تقوم وزارة الدفاع الأمريكية منذ فترة طويلة بإرسال أسلحة ثقيلة إلى مناطق الصراع في العراق وأفغانستان،: مثل قاذفات RPG-7، والبنادق عديمة الارتداد عيار SPG-9، وغيرها من الأسلحة المصممة لتدمير معدات العدو المدرعة. في السنوات الأولى من الصراع، كان لدى الجانب الأمريكي فقط مثل هذه التقنية. هذه المعلومات ليست مشبوهة فقط بالنسبة للصحفيين والمحللين، بل من الجيش الأمريكي نفسه. الذي يعتقد أن هذا يتم عن قصد لزيادة الخسائر البشرية وبالتالي الحصول على ذريعة لتوسيع العمليات العسكرية. مقولة أخرى تؤكد أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تساعد مباشرة داعش من أجل إغراق المنطقة في حالة من الفوضى الكاملة.

أكبر صفقة في التاريخ
تشير عدة تقارير بأن واشنطن تريد ملء منطقة الشرق الأوسط بجميع أنواع الأسلحة وإلى أقصى حد ممكن. ويشمل هذا التوقيع مؤخرا على اتفاقية مع إسرائيل بشأن المساعدات العسكرية بقيمة 38 مليار دولار. وهذا يمثل أكبر صفقة في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية. دولة صغيرة مثل إسرائيل يبلغ عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة هي الأولى على رأس  قائمة الدول ذات معدلات الإنفاق العسكري الأعلى بالنسبة للفرد الواحد في السنوات الأخيرة. في نفس الوقت، فإن موقع إسرائيل الجغرافي ووجود حدود مع سوريا، وعلاقات إسرائيل الوثيقة مع وزارة الدفاع الأمريكية تسمح لواشنطن باستخدام إسرائيل كنقطة انطلاق للمزيد من عسكرة المنطقة بأكملها.

توجه جديد
بالإضافة إلى منطقة الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة سوف تبدأ بتوريد الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا في المستقبل القريب. وافق الكونغرس على وثيقة تسمح بنقل منظومات أسلحة دفاعية فتاكة إلى كييف. وتشير العديد من المنشورات إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بالفعل في تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالأسلحة، وتشير بعض الآراء أن القانون الجديد سيكون فعالا ومفتوحا. وهذا يمكن أن يؤدي إلى نفس الوضع كما هو الحال في الشرق الأوسط. فالفساد الهائل على جميع مستويات الحكومة الأوكرانية، بما في ذلك القوات المسلحة وقوات الأمن، والتشتت في ما يسمى ب "كتائب المتطوعين" سيساعد في نهاية المطاف على ضمان  أن تصل أسلحة الولايات المتحدة إلى السوق السوداء أو إلى أيدي المتطرفين والمنظمات الإرهابية.