الرد الجوي السوري يحيّر إسرائيل
للمرة الأولى منذ زمن طويل رد الجيش السوري على الاعتداءات الجوية الإسرائيلية بإطلاق صواريخ أرض جو. وشكل هذا الرد الذي جاء إثر اعتداءات على مواقع للجيش السوري بذريعة سقوط قذائف هاون على الأراضي المحتلة في هضبة الجولان مفاجأة لإسرائيل التي اعتادت على شن غاراتها من دون أي رد فعل مضاد. وذهب معلقون إسرائيليون إلى اعتبار أن الرد السوري أظهر الاحتمالات الكبيرة لازدياد تورط إسرائيل في «الحرب الأهلية» في سوريا.
وقد أطلق الجيش السوري صاروخي أرض جو ضد طائرتين إسرائيليتين فوق منطقة القنيطرة. وفيما تحدثت أنباء سورية عن إسقاط طائرة حربية وأخرى من دون طيار إسرائيليتين، نفى الجيش الإسرائيلي أن تكون أي من طائراته قد أسقطت. ورغم تشديد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي على أن الطائرات كانت بعيدة عن مصدر الخطر من الصواريخ، إلا أن القلق ظهر على القيادة الإسرائيلية التي صارت تنتظر ردود أفعال سورية على استباحة الأجواء.
وأشار المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت» رون بن يشاي إلى أنه سبق للسوريين أن أطلقوا صواريخ مضادة للطائرات على طائرات إسرائيلية وأن القصد من ذلك كان إثبات عدم خضوعهم لإسرائيل. وقال إن الطائرات الإسرائيلية في الغالب تقصف أهدافا في سوريا من دون أن تدخل الأجواء السورية. ومع ذلك كان الرد هذه المرة دافعا للإسرائيليين للتفكير.
فقد كان الموقف الإسرائيلي يقول بضرورة الرد على كل قذيفة تتسرب إلى الأراضي المحتلة. ولكن بعد الإعلان السوري عن إطلاق صاروخي أرض جو سقطت ثلاث قذائف سورية في الجولان ولم ترد إسرائيل عليها كما كان في الماضي.
وأشار معلق في موقع «والا» إلى أن محاولة السوريين استهداف طائرات إسرائيلية هاجمت أهدافا تابعة لهم تشهد «إلى أي مدى يمكن للتصعيد في القتال داخل الدولة المتفسخة أن يقود إلى عواقب خطيرة أيضا في الجانب الإسرائيلي. وبالوسع فقط التكهن بما كان سيحدث لو أفلح الجيش السوري في إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، حيث تزداد الحدود بين الدولتين اشتعالا في الأسبوع الأخير».
ولمّح المعلق إلى أن تسرب قذائف إلى الجانب الإسرائيلي جراء القتال بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة، يمكن أن يتوقف بسبب الرد الإسرائيلي. لكن إسرائيل تريد التوضيح للجيش السوري بأن عليه بذل أقصى جهده لمنع سقوط القذائف على الجانب المحتل حتى لو كان مصدرها مدافع المعارضين.
وكتب أساف غابور أن إسرائيل تنتهج سياسة الرد على الجيش السوري جراء تسرب أي قذائف حتى لو كان المعارضون هم من أطلقوها. وأشار إلى أن ذلك يمثل في نظر السوريين دعماً إسرائيلياً للمعارضة، ما يعني في نهاية المطاف انجرار إسرائيل للمشاركة في الحرب الدائرة هناك. وأضاف أن إسرائيل تبذل جهدا للبقاء خارج دائرة القتال في سوريا، لكن لبنان وسوريا يبذلان الجهد لجرها إلى مستنقع الحرب. وأوضح أن الحدود القريبة من الجولان غدت مؤخرا قطاعا ساخنا في الحرب في سوريا، وهذا وضع سيؤثر على إسرائيل لفترة طويلة.
في كل حال، فإن فرضية العمل الإسرائيلية ترى أنه في كل مكان يتواجد فيه الجيش السوري توجد قوات مساندة له، وخصوصا قادة ومقاتلين من «حزب الله»، كما مراتب قيادية من «الحرس الثوري» الإيراني. وحسب معلقين فإن هذا واقع مقلق حتى أكثر من وجود منظمات المعارضة السورية التي يرون أنها منشغلة فقط بمقاتلة النظام السوري.
وتعمل إسرائيل على الاستعداد في الجبهة الشمالية لمواجهة أسوأ السيناريوهات. وهكذا أجرى الجيش الإسرائيلي أمس مناورة موسعة تضمنت إخلاء جزء من مستوطني الشمال وخصوصا من الجليل الأعلى ومن المنطقة القريبة من جبل الشيخ. وتضمنت المناورة الاستعداد لإخلاء السكان تحت صليات من الصواريخ وإصابة صاروخ لحافلة وأيضا إصابة بيت وانهياره على رؤوس قاطنيه. وأغلق الجيش الإسرائيلي شوارع فيما استُخدم الكثير من جنوده بدور نازحين مدنيين. وحسب تقدير قائد المناورة فإنه في أي حرب فإن 40 في المئة من سكان تلك المناطق سيخلون أماكنهم بأنفسهم وهنا يأتي دور الجيش لإخلاء آخرين.
وكان قد تقرر إجراء هذه المناورة قبل شهرين في إطار الاستعداد لمواجهة «حزب الله»، على أساس أن يتم الإخلاء بشكل لا يظهر وكأنه هروب جماعي للسكان.
وفي كل حال، فإن المناورة هذه جزء من مناورة أوسع بدأت يوم السبت الماضي واستندت إلى سيناريو يقتحم فيه «حزب الله» الحدود في عدد من المواضع. وفي إطار الاستعداد للمناورة أقام الجيش الإسرائيلي مؤخرا العديد من العوائق الهندسية لمنع تسلل قوات وبينها نصب جدران عالية. ولكن ثمة مخاوف من وجود أنفاق، ما يدفع الجيش الإسرائيلي إلى إبداء يقظة كبيرة تجاه هذه المسألة.
"السفير"