هل تستطيع صناعة الطيران الروسية المنافسة عالميا؟
أطلقت الحكومة الروسية خططا طموحة لإعادة بناء صناعة الطيران في البلاد. وعلى الرغم من الدعم الحكومي للشركات المصنعة وشركات التأجير، والمشترين، إلا أن الطائرات الروسية المدنية لا تباع في الخارج، حتى في دول مثل إيران، التي لديها علاقات سياسية قوية مع موسكو.
في الأسبوع الماضي، اجتمعت صناعات الطيران في العالم في فارنبورو، وهي بلدة صغيرة تفع على بعد 35 ميلا غرب لندن، في واحد من أكبر المعارض الجوية في العالم. وعلى الرغم من أن الوفد الروسي الرسمي لم يحضر معرض فارنبورو الدولي للطيران، إلا أن شركة الطيران المتحدة الروسية (UAC) عرضت عدة طائرات، بما في ذلك طائرة سوخوي "سوبرجت 100" و "ايركوت MC-21".
كانت طائرة MC-21 نجمة العرض الروسي: الخبراء الروس يتوقعون أن الطائرة، والتي من المتوقع أن تطير لأول مرة في عام 2017 وسيتم تسليمها في نهاية عام 2018، سوف تكون قادرة على المنافسة مع ايرباص 320 و بوينغ 737. وطائرة MC-21 لديها بالفعل العديد من المزايا التنافسية: ليها قدرة على التحميل أكبر ب 10% وهي أخف وزنا في الهواء.
ومع ذلك، فإنه لن يكون من السهل أن تحل محل A320 و 737، والتي لديها حاليا حصة كبيرة في سوق الطائرات. الجيل الرابع من بوينغ 737 أطلقت في يناير/ كانون الثاني، ومن المتوقع أن يبدأ تسليمها العام المقبل. أما ايرباص 320 الجديدة فقد أصبحت الآن جزءا من أسطول "لوفتهانزا"، ومن شهر مايو/ أيار جمعت ايرباص 4568 طلب شراء للطائرة من 65 شركة عالمية.
سوف تتنافس MC-21 أيضا مع طائرة C919 الصينية و "بومباردييه سي سيريه" الكندية. منذ أن دخلت C919 حيز التداول في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015، جمعت شركة الطائرات التجارية الصينية 517 طلب شراء.
المخاوف السياسية قد تقوض في نهاية المطاف القدرة التنافسية للMC-21. لأن صناعة الطيران تحتاج لكثافة رأسمالية عالية، وكانت العقوبات الأوروبية والأمريكية كابوسا لمشروع MC-21، التي لديها ما يقرب من 40 من الشركاء الرئيسيين اللذين أكثر من نصفهم من الأجانب.
ولأنه غير قادر على جذب الاستثمار الأجنبي، تم دعم المشروع بالكامل تقريبا من قبل الحكومة الروسية. 80% من ال100 مليار روبل المستثمر في المشروع جاء من الميزانية الاتحادية. وساهمت شركة الطيران المتحدة الروسية UAC والتي تسيطر عليها الدولة بنسبة 96% بالنسبة الباقية من المشروع. وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيتطلب استثمار 90 مليار روبل أخرى.
عندما بدأت روسيا برنامج إحلال الواردات في عام 2015، تذمر رئيس الوزراء دميتري مدفيديف من الحصة الكبيرة للواردات الأجنبية في تصنيع الطيران المدني الروسي والبالغة 80%. على الرغم من أن هذه الصناعة قد عملت على تطوير التقنيات المحلية، إلا أنها لم تكن قادرة على استبدال الواردات الأجنبية تماما: حيث تحوي طائرة MC-21 محرك من انتاج برات آند ويتني، وهو أميركي الصنع.
ولكن حتى العلاقات السياسية القوية لا تضمن مبيعات قوية: في ديسمبر/ كان الأول 2010، اجتمع بوتين مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، الذي أعلن أن "إيطاليا مستعدة لشراء عدد كبير من طائرات الركاب "سوخوي سوبرجت 100" من روسيا." ، وبعد اسبوعين من ذلك وقعت شركة "اليتاليا" الوطنية عقدا مع شركة "امبراير" البرازيلية.
وراء السياسة، هناك عدد من العوامل الأخرى التي تحول دون الطيران الروسي. عند شراء الطائرات، شركات الطيران تهتم بتكلفة الرحلة في الساعة الواحدة، والذي يحدد ليس فقط بالخصائص التقنية للطائرة، ولكن أيضا بإمكانية الوصول وتوافر قطع الغيار، وسرعة الإصلاح، وما إلى ذلك. وثد بدأت روسيا بناء البنية التحتية اللازمة لدعم صناعة طيران فعالة.
مسؤولون كثر قاموا برثاء انهيار صناعة الطيران السوفيتية، التي كانت تضع كل منتجاتها الهائلة ضمن اقتصاد مخطط ومغلق. ويبدو أن الحكومة الحالية على استعداد للعودة إلى إنتاج النمط السوفيتي وعلى استعداد لتمويل كل شيء: سوف يكلف برنامج الدولة لتطوير صناعة الطيران من 2013-2025 حوالي تريليون روبل، وثلثي هذا المبلغ سوف يأتي من الميزانية الاتحادية .
من سيشتري طائرات الMC-21؟
تلقت ايركوت 175 طلبية لشراء MC-21 . شركات "اليوشن المالية المحدودة التي تسيطر عليها الدولة وشركة VEB-التأجير، وشركة روستيك Rostec قدموا كل الطلبيات. بعض الطائرات التي أمرت، التي كانت مخصصة لشركة "ترانسايرو" الروسية التي تقدمت بطلب للإفلاس، وألتاير، الذي بالكاد نجا من الإفلاس بسبب تقليص ملحوظ لشركات أخرى، بما في ذلك شركة سبيربنك للتأجير، التي وقعت اتفاقيات مؤقتة فقط.
ايروفلوت، شركة الطيران الرائدة في البلاد، من المقرر أن تحصل على 50 طائرة MC-21S. ومع ذلك، فإن شركة S7، وهي ثاني أكبر شركة طيران في روسيا لم تبد أي اهتمام في MC-21. منذ ما يقرب من عشر سنوات، أجاب فلاديسلاف فيليف، صاحب الشركة، على سؤال حول أسباب عدم شراء شركته للطائرات الروسية: " كنت أحب أن أشترى [طائرة مقاتلة] من طراز ميغ 29، لكنها لا تحمل الناس".
الطلب منخفض جزئيا وتتأثر شركات الطيران بسبب آثار العقوبات الغربية وأسعار النفط المنخفضة: انخفضت حركة الركاب بنسبة 1.2 في المائة بين عامي 2014-2015 وتهاوت بنسبة 3.6% في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2016.
قد يكون هناك خيار واحد لبيع MC-21 إلى البلدان التي لديها عقود لشراء معدات عسكرية روسية. وكان هذا التكتيك السوفيتي ناجحا في مصر، التي وافقت على شراء ست طائرات MC-21S.
حتى في إيران، التي تمتلك روسيا وضع جيد فيها إيجابي لبيع طائرات للإيرانيين، فإن طهران وقعت مؤخرا اتفاقا لشراء 118 طائرة من ايرباص ومذكرة لشراء 100 طائرة من شركة بوينغ.
روسيا لديها تطلعات متفائلة لصناعة الطيران فيها على الرغم من هذه العقبات: كتبت شركة الطيران المتحدة "UAC " في تقرير 2015 أنها تأمل في عودة الانتاج في هذه الصناعة إلى مستويات الاتحاد السوفياتي، عندما كان يتم إنتاج 244 طائرة ركاب سنويا في المتوسط. روسيا تأمل في أن تكون ثالث أكبر مصنع للطائرات في العالم بحلول عام 2025.