بلغاريا واللعب على حبلي روسيا والناتو
اقترح رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف يوم الأحد، إعلان البحر الأسود منطقة منزوعة السلاح، حيث لن يسمح للسفن الحربية والغواصات بالدخول إليه:
منطقة منزوعة السلاح
قال بوريسوف أيضا أنه ستمنع العمليات العسكرية أو تركيب منظومات صواريخ في منطقة البحر الأسود. بدلا من ذلك يجب أن تكون هناك فرص لتطوير إمدادات الغاز الطبيعي واستخراج النفط والسياحة والصيد والتجارة.
وأوضح المسؤول البلغاري أن الصواريخ والسفن الحربية والغواصات المنتشرة في البحر الأسود لن تجلب أي شيء إيجابي إلى الدول المجاورة. وأوضح بويكو بوريسوف، الذي سبق أن قدم خطته لزعماء الدول الذين زاروا البلاد، والتي ستتم مناقشتها لاحقا مع نظرائه الأوروبيين.
وقال رئيس الوزراء إن زيادة الوجود العسكري لأحد الأطراف ستؤدي إلى إجراءات متبادلة من الطرف الآخر. لهذا فمن المستحسن أن تسعى دول المنطقة لبناء جسور التعاون بدلا من إشعال الصراع.
في الواقع، لا يستفيد من هذا الحل الجذري في البحر الأسود سوى بلغاريا ورومانيا اللتان لا تملكان عمليا أساطيل ذات قدرة قتالية في البحر الأسود. أسطول البحر الأسود الروسي هو المجموعة البحرية القتالية الوحيدة التي لديها سفن قتالية في الجنوب. تركيا لديها أسطول قتالي في البحر لتوسيع منطقة نفوذها الجيوسياسي، وهي غالبا لن تستطيع تحقيق ذلك. جاء هذا البيان ليس لتنفيذ الخطة، ولكن للدلالة على الموقف البلغاري نحو خطة الناتو التي تهدف لزيادة الوجود العسكري في المنطقة. ويأتي هذا البيان في تناقض مع خطط حلف شمال الأطلسي لتعزيز وجوده العسكري في البحر الأسود، وليبين أن بلغاريا مستعدة للدخول في لعبة بين الناتو وروسيا.
صوفيا تريد تطبيع العلاقات مع روسيا
صرح بوريسوف بهذ البيان خلال زيارته لقرية بلغارية، في حين حضر الرئيس البلغاري روسن بليفنيليف قمة حلف شمال الأطلسي في العاصمة البولندية كما ذكرت وكالة "ميديافاكس".
وطلب رئيس الوزراء البلغاري، الذي أعلن مؤخرا أنه يسعى لتخفيف حدة التوتر وتطبيع العلاقات بين بلاده العضو في حلف الناتو وبين الاتحاد الأوروبي من جهة وبين روسيا من جهة ثانية في تعليقه على دعوات قادة الاتحاد الأوروبي لفرض مزيد من العقوبات ضد روسيا.
وقال رئيس الوزراء البلغاري: "حسنا، إذا كان هذا ما يريدونه، والعقوبات سوف تستمر، فنحن نفقد الكثير من المال في مجال الزراعة".
في عام 2015، عانت بلغاريا من خسائر بلغت 80 مليون يورو بسبب التدابير المضادة لروسيا. بلغاريا غير مهتمة بالانجرار إلى صراع جديد مع روسيا، وخاصة أنها ترتبط بعلاقات دينية وعرقية وثيقة مع بلغاريا.
في الآونة الأخيرة كان لبلغاريا ردة فعل مرتبكة حول الاقتراح بوجود بحري دائم للناتو في البحر الأسود على شواطئ رومانيا، تركيا أيدت المبادرة في البداية، ولكن السلطات في صوفيا نأت بنفسها عن هذه المبادرة، على الرغم من أنها بدت مواتية في البداية. ثم تراجعت عنها تركيا بهدف التقارب مع روسيا.
وقال بوريسوف في ذلك الوقت "لقد قلنا دائما إننا بلد مسالم. لا نريد للبحر الأسود أن يصبح منطقة نزاع عسكري"، نرفض فكرة أسطول مشترك لحلف شمال الأطلسي في البحر الأسود. وفقا لاتفاقية مونترو، التي تحظر وجود دائم للسفن الحربية لغير دول منطقة البحر الأسود. إنها يمكن أن تتكون فقط من أساطيل بلغاريا ورومانيا وتركيا.
خطة الناتو في البحر الأسود والغموض البلغاري
يأتي بيان بوريسوف وسط قادة الناتو الموافقين على توسيع الوجود العسكري للحلف في البحر الأسود. ولكن سيتم اتخاذ القرار النهائي في القمة المقرر عقدها في أكتوبر.
ويقول البيان الختامي لقمة وارسو:
نحن أيضا نسعى لتطوير الخطط الموضوعة للجزء الجنوبي الشرقي من أراضي الحلف. ستتخذ التدابير المناسبة الموضوعة خصيصا لمنطقة البحر الأسود ومنها المبادرة الرومانية لإنشاء لواء متعدد الجنسيات للمساعدة في تحسين التدريب المتكامل لوحدات الحلفاء تحت مقر الفرقة متعددة الجنسيات في الجنوب الشرقي، سيسهم هذا بشكل عام في تعزيز التحالف من ناحية الردع والدفاع، ويسهل عمل حلف الناتو دون قيود. كما سيوفر هذا إشارة قوية لدعم الأمن الإقليمي. وسيتم تقييم الخيارات لتعزيز القدرات الجوية والبحرية للناتو.
وقال الرئيس بليفنيليف، الذي قاد الوفد البلغاري في قمة الحلفاء مؤيدا الموقف البلغاري حول وجود الناتو في منطقة البحر الأسود. ورفض في الوقت نفسه فكرة تشكيل منظمة حلف شمال الأطلسي لأسطول مشترك في البحر الأسود:
وشدد على أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال، ولن يعلق أحد على الموضوع ولن تستخدم كلمة أسطول، والتي آمل أننا نسيناها منذ فترة طويلة ... ولا يوجد شيء من هذا القبيل، ولن يكون هناك شيء من هذا القبيل.
التناقض بين رومانيا وبلغاريا على الأمن في البحر الأسود سيؤثر على نشاط اللواء المشترك متعدد الجنسيات الذي سينشأ وفقا لقرار قمة حلف شمال الأطلسي في وارسو.
غير جاهز للتصعيد
في أبريل 2016، نشرت دراسة لمعهد "غالوب" في جميع أنحاء أوروبا الشرقية حول التصورات عن التهديدات الأمنية الوطنية للرأي العام. روسيا لا تعتبر تهديدا للأمن القومي في بلغاريا، على عكس رومانيا، حيث نشرت منظمة حلف شمال الأطلسي دعاية مثيرة للحرب أظهرت أن 52٪ يعتبرون روسيا التهديد الرئيسي للأمن القومي، على الرغم من أن روسيا لم تظهر أي اهتمام خاص نحو رومانيا.
مسعى رئيس الوزراء البلغاري يظهر أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أقل سيطرة على النخب السياسية في بلغاريا قياسا برومانيا. وهم يفضلون إستراتيجية اللعب على الحبلين بهدف الحصول على تفضيلات من كل من الولايات المتحدة وروسيا. وكان بوريسوف الشخص الذي دمر في الواقع كل المشاريع المشتركة بين بلغاريا وروسيا، بما في ذلك خط أنابيب "ساوث ستريم" لنقل الغاز، ودفع الشراكة العسكرية إلى الأمام مع الولايات المتحدة (بما في ذلك القواعد العسكرية). إذا عارض مثل هذا اللاعب خطط حلف شمال الأطلسي، فهذا يؤشر إلى الكثير، فالمصالحة الأخيرة بين روسيا وتركيا قد تؤثر على تغيير سلوك القيادة البلغارية (أو على الأقل الجزء الذي يمثله رئيس الوزراء)، ربما بسبب النفوذ التركي الضخم في البلاد. أن مثل هذه الإشارات ستكون بلا شك ملحوظة من قبل السلطات الروسية.