الاتحاد الأوروبي: السلاسل والستائر

25.05.2016

كثيرا ما نسمع أن الاتحاد الأوروبي يكرر أخطاء الاتحاد السوفييتي: البيروقراطية الشديدة من المسؤولين واستحالة اتخاذ قرارات حول القضايا الملحة بسرعة، والهيمنة على التركيبة الأيديولوجية لثقافات وتقاليد الدول. كل من هذه الاتجاهات يمكن أن تسبب ليس فقط أزمة عميقة، ولكن أيضا تفكك الهياكل الهامة في الدولة. واحد من الأعراض الخطيرة هي سياسة المواجهة ضد روسيا، والتي يمكن أن تؤثر على العلاقات الثنائية الرسمية وغير الرسمية .
في الواقع، الاتحاد الأوروبي يبني "جدار برلين" جديد، وضعت الستارة من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، ولكن في نفس الوقت، كتلة الناتو تعسكر بلدان أوروبا الشرقية. وهذا من المفارقات، ولكن رأي الناس العاديين لا يلعب أي دور في اتخاذ القرارات. من ناحية أخرى، تم انتهاك المنطق الجيوسياسي أيضا. كل شيء يتم الآن في صالح اللاعب الخارجي.
 

التعاون الجديد
قامت المفوضية الأوروبية عمليا باغتصاب حقوق وحريات المواطنين الأوروبيين، وفرض قراراتها السياسية الخاصة بها. وغالبا ما يتم الاتفاق على هذه الإجراءات مع مركز القوة العالمية الغير أوروبي - الولايات المتحدة الأمريكية. إذا كنا نسمي هؤلاء الذين تعاونوا مع ألمانيا النازية خلال احتلالها بعض الدول الأوروبية "المتعاونون" ،، كيف يمكننا تسمية هؤلاء الذين يعملون ضد مصالح وسيادة دولتهم، لصالح المجموعات الغير وطنية وخدمة مشاريع واشنطن؟.
معسكر التركيز الإيديولوجي 
تهدف الاستراتيجية الليبرالية الحديثة إلى إضعاف أي فكرة سياسية لا تتناسب مع إطار الليبرالية. إذا وجدت حركة من المستحيل أن تشترك مع الهيكل الليبيرالي، على سبيل المثال، الاشتراكيين الديمقراطيين، فإنها سوف تطلق عليهم "أتباع الشمولية". وإذا كان من المستحيل أن تجعل الأحزاب الوطنية المحافظة، وحتى تلك الشعبوية، أن تواليها، فسوف تدعوهم بالفاشية والعنصرية.
وبأي حال، إذا كانت أي حركة أو حزب ليست يمينية ولا يسارية، ولكن تنتقد الليبرالية، فإنهم يحاولون انتقادها بشدة و(إذا لزم الأمر) معاقبتها.
احتمال واحد فقط مقبول بالنسبة للاتحاد الأوروبي هي التعددية الثقافية، والتي، فشلت بالنسبة للزعماء الأوروبيين أنفسهم.

القيد الجيوسياسي
المعركة مع الخصوم السياسيين هي موازية لمحاولات تعزيز العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. يدعى هذا المشروع "الأورو-أطلنطي".
ظهر مفهوم "الأورو-أطلنطي" في إيطاليا في عام 1957. ويعتبر المؤسسين له الرئيس جيوفاني غرونتشي، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي أمينتوري فانفاني، ورئيس كتلة (ENI) انريكو ماتيي. على الرغم من أنها في السابق كانت فكرة ذات طابع محدود، ولكن منذ تلك اللحظة مفهوم "الأورو-أطلنطي" قد تغير إلى حد كبير، وليس في صالح أوروبا. في عام 1990، تم التوقيع على بيان "عبر الأطلسي" وتأسيس نظام التشاور بين رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، ورئيس المفوضية الأوروبية، ورئيس الولايات المتحدة مرة واحدة كل عامين.
بدأ تفعيل مفهوم "الأورو-أطلنطي"  في فبراير/شباط 2005، عندما تم التوقيع على اتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. فيليب غوردون (مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية منذ عام 2009،  خبير بارز في معهد بروكينغز، عمل في مجلس الأمن القومي حول قضايا الإرهاب العالمية في الشرق الأوسط) وتشارلز غرانت (رئيس مركز الإصلاح الأوروبي) في صحيفة "انترناشونال هيرالد تريبيون" شاركا في إنشاء الاتفاقية.
في 26 مارس/آذار 2010، في بروكسل ألقى رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو خطابه الشهير حول "الأطلسية الجديدة" في القرن الـ21. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي راض عن تطوير التعاون مع الولايات المتحدة، ولكن "في عالم من التهديدات والتحديات الجديدة، ومع توزيع عالمي أكثر توازنا في القوة، نحن بحاجة إلى شراكة أكثر ديناميكية بين جانبي الأطلسي ".
وقدم ستة سبل للعمل المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي:
إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية والسياسية بين أوروبا وأمريكا.
جعل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر تطلعا إلى الخارج، وتبذل جهدا واعيا للاشتراك مع أطراف ثالثة - بما في ذلك القوى الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل.
الجمع بين الجهود لإصلاح هيكل التعاون الدولي.
العمل المشترك للتخفيف من تغير المناخ من خلال تحقيق قدر أكبر من الأمن في مجال الطاقة.
الانضمام إلى الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
إنشاء منطقة أمان مشتركة عبر الأطلسي.
على الرغم من أن بعض هذه الأفكار تبدو وكأنها عبارات رسمية، فالنقطة الأولة والثانية هي في حالة تنفيذ. يحدث ذلك من خلال تعزيز الشراكة عبر المحيط الأطلسي في مجال التجارة والاستثمار، فضلا عن توقيع اتفاقيات للتعاون وتبادل البيانات الجنائية. وعلاوة على ذلك، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يطبق نفس الوسائل العقابية المستخدمة في الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مواطنيها.
النهاية المنطقية لهذه العملية ليست فقط إنشاء هيكل سياسي بيروقراطي تحت سيطرة واشنطن، ولكن أيضا إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، والتي تستخدم في الولايات المتحدة الآن. وهذه  ليست النتيجة الإضافية الوحيدة التي يمكن أن  تواجهها الدول الأوروبية. يجب أن نأخذ في الاعتبار بجدية عملية "الأطلسة" في الفضاء الأوروبي وتوقع أسوأ السيناريوهات. بطبيعة الحال، هي تؤثر على جميع المناطق الأخرى، وكذلك سيفقد الاتحاد الأوروبي أي شرعية وثقة كاتحاد مكون من دول ديمقراطية.