المشروع الأطلسي الجديد لهيكلة أوروبا الشرقية
جميع المشاريع التي تهدف إلى تحقيق التكامل بين بلدان رابطة الدول المستقلة مع البلدان الأطلسية يمكن الحكم عليها بأنها تدخل في إطار مشاريع تشكيل "أوروبا الشرقية الجديدة". الصورة الأكثر اكتمالا لمشروع "أوروبا الشرقية الجديدة" صدرت عن مركز العلاقات عبر الأطلسي في واشنطن. العنوان الكامل لهذه الدراسة يشير إلى أن أوروبا الشرقية الجديدة هي أوكرانيا وروسيا البيضاء ومولدافيا، والتي تعتبر بحد ذاتها منطقة خاضعة لتوسيع الحوار حول "أوروبا الشرقية"، التي تشمل الجانب الغربي من رابطة الدول المستقلة، أي البلدان التي تعتبر تقليديا بالنسبة لروسيا منطقة نفوذ خاصة، وهذه المنطقة تؤثر بشكل خطير على مصالح روسيا الوطنية. هذه الدول، جنبا إلى جنب مع أعضاء رابطة الدول المستقلة الأخرى، تعتبر "العالم الخارجي القريب" لروسيا وفقا للصكوك الأساسية للسياسة الخارجية الروسية، المشار إليها في مفهوم السياسة الخارجية الروسية (2008 و2013) وإستراتيجية الأمن القومي حتى عام 2020 ، وهذه الدول تشكل أولوية قصوى لروسيا الاتحادية.
أصحاب هذا الفكر حول أوروبا الشرقية الجديدة التي تتألف من أوكرانيا وروسيا البيضاء ومولدافيا هم هاملتون ومانغوت، لأن هذه البلدان تفتقر إلى هوية وطنية مستقرة (لا يوجد إجماع في أي من هذه الدول حول موضوع الهوية الوطنية) ولا توجد تقاليد خاصة يمكنها أن تؤثر على عملية بناء دولة في هذه المنطقة. الأهم من ذلك أن مانغوت يعتبر أن "أوروبا الشرقية الجديدة" لا وجود لها، والتغلب على حالة عدم الاستقرار الحالي لهذه الدول، يتطلب في رأيه أن تبعية "أوروبا الشرقية الجديدة" لنفس المسار الذي تتبعه دول أوروبا الشرقية "الأصلية" منذ بعض الوقت، أي اعتماد القيم الليبرالية الغربية، تقليد النظم القانونية والسياسية الأوروبية النموذجية بالكامل، وتكييف اقتصاداتها مع مبادئ السوق الحرة. في هذا المنظور، يجب على الأوكرانيين والبيلاروس، والمولدافيين أن يصبحوا أوروبيين بالمعنى الاجتماعي والثقافي والقانوني والسياسي والاقتصادي. ولكن يتم تجاهل حقيقة أن كل من هذه الدول (باستثناء روسيا البيضاء) لم تحقق أي نجاح كبير في هذا الاتجاه منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991، حسب خبراء غربيين. ويحث مانغوت بلدان رابطة الدول المستقلة على المضي قدما في استنساخ معايير المؤسسات الغربية، حتى دون أمل بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بحكم "حقيقة" بسيطة هي أن هذه المؤسسات الغربية أكثر فعالية. وغني عن القول، أن هذا الموقف أيديولوجي للغاية من وجهة نظر الجغرافيا السياسية، نظرا لأن الجيوسياسة تعتبر تصدير القيم أحد أساليب بسط السيطرة. يهدف هذا الموقف لبسط السيطرة الأطلسية على هذه الدول بنفس الطريقة وتحت نفس الشعارات التي نفذت في أوروبا الشرقية.
من وجهة النظر الاجتماعية، كما يلاحظ ألكسندر دوغين، "الأطلسية تعني القيم الغربية والتحديث وتغريب الثقافة والليبرالية والديمقراطية (أو ديكتاتورية الليبرالية إذا كان هناك خطر من أن تؤدي الديمقراطية إلى نموذج غير غربي في المجتمع) والسوق الحرة والفردية والتسامح والفردية فوق المواطنة والكونية والتغييرات في الجنس وحرية التنقل والصحافة والتجمع والمظاهرات".
من وجهة نظر الكاتب، إن توسع الناتو إلى "أوروبا الشرقية الجديدة" يفيد أمن هذه الدول ويعزز اختيارها الحضاري. والاستثناء الوحيد هو إدراج أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، كما يلاحظ الكاتب، لأن الغالبية العظمى من السكان تقف ضد مثل هذا الاحتمال، على الرغم من جهود النخبة الحاكمة، وينظر لضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي على أنه إشكالية بالنسبة للغرب، نظرا لموقف روسيا السلبي تجاه مثل هذا الاحتمال، وضرورة حل مشكلة أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول، وفي الوقت نفسه، هم يصرون على أن يبقى "باب الناتو مفتوحا لأوكرانيا، على ضرورة تشجيع كييف على إجراء الإصلاحات اللازمة للتأهل للعضوية". يحافظ الكاتب في الوقت نفسه على رأيه بأن "أوروبا الشرقية الجديدة" لا ينبغي أن "تصبح الحدود الشرقية الجديدة للمؤسسات الأوروبية الأطلسية أو الحدود الغربية لمنطقة الهيمنة الروسية من جديد". بدلا من اختيار الهوية الشرقية أو الغربية، فإن اختيار ما بعد الحداثة يسمح لهذه المجتمعات بأن تكون ذات "هويات متعددة، أقرت بأغلبية واسعة من هذه المجتمعات، التي ستعتاد في هذه المنطقة على عدم التوجه بشكل حصري نحو الغرب أو الشرق".
قد يبدو مثل هذا الموقف مقبولا لكل من روسيا ودول أوروبا الشرقية. ومع ذلك لا ينبغي لنا أن ننسى أن هذا الموقف يقوم على افتراض الحقيقة المطلقة للمعايير الغربية والنظام الاجتماعي والثقافي الغربي الذي يتحدى روسيا. مثل هذه الخطوة ستكون محفوفة بالمخاطر. وفقدان السيادة الجيوسياسية وتجربة السياسة الخارجية لروسيا في العام 1990، وخصوصا خلال إدارة كوزيريف في وزارة الشؤون الخارجية، تؤكد هذا التقييم. ويمكن أن يقال نفس الشيء عن تجارب السياسة الخارجية في معظم بلدان أوروبا الشرقية بعد عام 1989. الموقف الفعلي للكاتب هو موقف أطلسي، ولو خفف من التحفظات وأخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية. "الخطاب المؤيد لحلف شمال الأطلسي هو دليل إضافي على هذا بالنظر إلى أن حلف شمال الأطلسي هو احد المنظمات الأطلسية الأهم. وعلاوة على ذلك فإن الكاتب غير مستعد لقبول أية محاولات من جانب روسيا لتمثيل نفسها كقوة رائدة في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي.
رئيس معهد "الديمقراطيات الانتقالية"، بروس جاكسون، يظهر موقف أكثر صرامة، بالنظر إلى أراضي الاتحاد السوفييتي السابق كمجال للصراع بين قوى روسيا، من جهة، و"الديمقراطيات الغربية" من جهة أخرى. في تقييم جاكسون، هذا الصراع هو من أجل التوجه السياسي لدول شرق أوروبا، ومن أجل النفوذ الاقتصادي في هذه المناطق، ومن أجل توسيع التحالفات لدى كلا الطرفين. ووفقا له، هو صراع من أجل الديمقراطية ضد "الاستبداد الروسي". حتى أن جاكسون يطالب بتعديل "جيوسياسي"، ما يعني الضغط على روسيا، وخفض وجودها العسكري في المنطقة بشكل أساسي. وبالتالي، ليس من المستغرب أن جاكسون ومعهده يروجون لفكرة تشكيل كتلة من الدول المعادية لمواجهة روسيا، التي تعتمد في المقام الأول على دول من أوروبا الشرقية وبقيادة بولندا والقوقاز، بالإضافة إلى ذلك، وفقا للمحللين الغربيين، يجب أن تنضم تركيا إلى هذه الكتلة أيضا.
بالمحافظة على التفكير الذي سبق أعلاه، من الضروري أيضا أن نستعرض باهتمام برنامج شراكة الاتحاد الأوروبي مع دول أوروبا الشرقية كمشروع يهدف إلى توسيع مفهوم أوروبا الشرقية. الداعم الأكثر ثباتا لفكرة "الشراكة مع دول أوروبا الشرقية" في ما يخص بلدان رابطة الدول المستقلة (من دون روسيا)، هو بولندا. كوستكوفا أشارت إلى تقسيم غريب للمسؤوليات بين دول أوروبا الشرقية: "هدف بولندا، أولا وقبل كل شيء يتركز في أوكرانيا، وهدف جمهورية التشيك يتركز في غرب البلقان، أما هدف ليتوانيا فيتركز في روسيا البيضاء. لا بد من الإشارة هنا إلى أن برنامج الشراكة الأوروبية مع الدول الشرقية لا يشمل الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، هو يعني إضفاء الطابع المؤسسي لقانون الاتحاد الأوروبي بما في ذلك اعتماد النظم المتعلقة بأنواع المنتجات التي يتم إنتاجها، ما سيؤثر بشكل مباشر على المصالح الاقتصادية، فضلا عن الحد من فعالية الأنظمة السياسية والاجتماعية "سيادة الدول المشاركة" وفقا لـ"الحكم الرشيد". في المقابل، سيكون بإمكان دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الشراكة، الدخول في "المناطق الحرة الأربع" الخاصة بالسلع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال.
وشدد الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية رومانو برودي، على طبيعة هذه الشراكة فيما يتعلق بـ"كل شيء ما عدا المؤسسات". وهكذا فإن الدول الأعضاء في هذه الشراكة الشرقية، في الواقع مدرجة في الاتحاد الأوروبي من النواحي الاقتصادية والقانونية والسياسية والاجتماعية، ولكن لديها حقوق أقل بكثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. المطلوب أن تعمل هذه الدول تحت قواعد الاتحاد الأوروبي، ولكنها لا تستطيع السيطرة قانونيا كما يعمل الاتحاد الأوروبي في حالة "الوكالة الدولية للطاقة" و"السلطة الإشرافية" التي تنتقد تصرفات هذه الدول. هذه العوامل وغيرها تجعل من هذه "الشراكة الشرقية" مشروعا إمبرياليا، في الواقع يجعل بلدان رابطة الدول المستقلة الغربية تعتمد اعتمادا مباشرا على إمبراطورية جديدة، ليس فقط من الناحية الإقليمية ولكن أيضا في نطاق الطموحات العالمية.
توسيع الاتحاد الأوروبي يرتبط باستخدام الخطاب المعادي لروسيا في السياسة الخارجية الأوروبية. السياسات الداخلية والخارجية لروسيا الاتحادية، "تفهم في نفس السياق الذي يهدف إلى خلق صورة لروسيا باسم معاداة أوروبا" باعتبارها الجزء الرئيسي من هيكلة توسيع الاتحاد الأوروبي.
في التقييم الصارم للتنفيذ الجيوسياسي لهذا المشروع والصعوبات العملية المرافقة، ينبغي أن ننظر إلى موقف القيادة المعاصرة في الاتحاد الأوروبي. حتى قبل التوقيع على الإعلان عبر الأطلسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في عام 1990، فإن موقف أنصار هذا المشروع في أوروبا، أي الفلسفة الجيوسياسية لهذا المشروع، كانت مبنية على فكرة الشمال الأوروبي الأمريكي والتقارب على أساس القيم المشتركة للديمقراطية الليبرالية والاعتراف بالوحدة التاريخية والثقافية بين جانبي شمال المحيط الأطلسي، والذي كان قويا جدا ولا يزال قويا حتى يومنا هذا.
ويمكن التعرف على هذا التوجه الأطلسي نحو البيروقراطية الأوروبية الحديثة من خلال تحليل خطاب رئيس المفوضية الأوروبية باروسو في منتدى بروكسل يوم 26 مارس عام 2011، بعنوان "الأطلسية الجديدة للقرن الواحد والعشرين". كما لاحظ الباحث الروسي ليونيد سافين، إن خطاب السيد باروسو يدل على معارضته لمفهوم عالم متعدد الأقطاب، كما انتقد الرأي القائل بأنه ينبغي أن ينظر إلى العلاقات عبر الأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة من قبل أوروبا على أساس أن قوة جديدة قد ظهرت في العالم. ولكن وفقا لمفهوم التعددية القطبية، ينبغي في الواقع أن تعتبر هذه العلاقة بأنها ليست أكثر من مجرد علاقة بين قطبين في نظام متعدد الأقطاب. ومع ذلك، رفض رئيس المفوضية الأوروبية مثل هذا الفهم، وبدلا من ذلك أشار إلى وحدة القيم بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ردا على المنادين بضرورة تطوير سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية. الولايات المتحدة وأوروبا حسب باروسو، هي محركات العولمة، ويجب أن تتعاون. وأكد رئيس المفوضية الأوروبية الحاجة إلى التعاون عبر الأطلسي بشكل أكثر ديناميكية، واقترح مخططا من ست نقاط من أجل العمل المشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يؤكد أولا وقبل كل شيء على الجهود المشتركة لتغيير هيكلية التعاون الدولي وإنشاء أمن مشترك بين ضفتي الأطلسي.
في المقابل، ينبغي أن نلاحظ أن شراكة الاتحاد الأوروبي مع دول أوروبا الشرقية كانت أكثر نجاحا من محاولات الولايات المتحدة نفسها لإشراك أوروبا الشرقية في هياكل الحلف الأطلسي مباشرة. الصراع الذي لم يحل في "ترانسنيستريا"، ورفض المعارضة النشطة انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، ووجود نظام استبدادي مع سياسة خارجية مستقلة في بيلاروسيا، جعلت آفاق انضمام هذه الدول لحلف شمالي الأطلسي في المستقبل القريب مستبعدة جدا.
تلاحظ خوتكوفا فشل سياسة الولايات المتحدة في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق في مجموعة "فيزيغراد". أول هذا الفشل يمكن ملاحظته من خلال تباطؤ مشروع "جوام" (جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولدافيا). في ضوء ذلك، ينبغي النظر في إنشاء رابطة "الكومنوويلث" كمحاولة لدمج عدة بلدان من رابطة الدول المستقلة مع بلدان أوروبا الشرقية في منظمة واحدة، والتي تأسست مباشرة بعد "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا بناء على مبادرة من الرئيسين الأوكراني والجورجي فيكتور يوشينكو وميخائيل ساكاشفيلي، والتي عقدت أول قمة لها في كييف عام 2005. كان الهدف الحقيقي هو التحريض على "ثورة الخزامى" في قرغيزستان بعد اتخاذ القرار المناسب، واستنادا على الأحداث في أوكرانيا وجورجيا، العمل على دعم المعارضة الليبرالية في بلدان رابطة الدول المستقلة الأخرى. على الرغم من أن قيرغيزستان سرعان ما سقطت من قائمة المرشحين المحتملين لعضوية المنظمة، فيما تركزت الجهود الأطلسية على نشر الديمقراطية عبر "الثورات الملونة" في بلدان رابطة الدول المستقلة كمبرر لهذه المنظمة. حضر القمة التأسيسية لمنظمة رابطة دول الكومنولث كبار المسؤولين من أوكرانيا وجورجيا واستونيا وسلوفينيا ومقدونيا ولاتفيا ومولدافيا وليتوانيا ورومانيا وبلغاريا وبولندا. كما ذكر في جدول أعمال المشاركين أن منظمة "الكومنولث" الجديدة تهدف إلى خلق أداة قوية لتحرير منطقة بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر قزوين من المواجهات والصراعات المجمدة وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي سوف تكون بداية لعصر جديد من الديمقراطية والأمن والاستقرار والسلام في أوروبا، من المحيط الأطلسي إلى بحر قزوين. "وقد تم إيلاء اهتمام خاص لمشاكل" التكامل في منطقة بحري البلطيق والأسود، بحر قزوين ومنطقة البلقان في الهياكل الأوروبية الأطلسية. (منذ تأسيسها، كانت هناك ثلاثة مؤتمرات للكومنولث، عقد آخرها في فيلنيوس في عام 2006. وهي منظمة غير نشطة حاليا).
بعد توقف نشاط دول "جوام" كرابطة خيار ديمقراطي، بدأت كل دولة من أوروبا الشرقية بلعب دورها في نطاق تحول سياسة الولايات المتحدة في المنطقة على مستوى فردي. وهكذا، في جمهورية التشيك تم إنشاء قسم حقوق الإنسان وسياسة "الترويج الانتقالية" في وزارة الشؤون الخارجية في عام 2004. وبالتنسيق مع (وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية) USAID، كانت وزارة الخارجية التشيكية تعمل على الترويج للديمقراطية في البوسنة والهرسك ومولدوفا وصربيا والجبل الأسود، وروسيا البيضاء. في صربيا، تم تفعيل "مركز استراتيجيات وأنشطة اللاعنف" (كانفاس)، والذي تشمل مجموعة مؤسسيه قادة سابقين لمنظمة الشباب الصربية "أوتبور" التي أطلقت "الثورة الملونة" الأولى، التي أدت للإطاحة بالرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش. قام مركز "كانفاس" بإعداد نشطاء من الحركات الشبابية المختلفة للعب أدوار في "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا، و"ثورة الورود" في جورجيا، وفي أحداث فبراير/شباط 2011 في مصر، وتعمل الآن على إعداد "الثوار" لروسيا البيضاء وروسيا، وميانمار وفنزويلا وزيمبابوي، في حين تتفاعل بنشاط مع نشطاء من أكثر من 50 بلدا في جميع أنحاء العالم. وهكذا، فإن مركز" كانفاس"، أصبح مركزا عالميا لتصدير "الثورات الملونة".
أما بالنسبة لهنغاريا، تأسس "المركز الدولي للتحول الديمقراطي" في العاصمة بودابست، بمساعدة من السفير الأمريكي السابق في البلد، السيد بالمر. أنشطة المنظمات امتدت ليس فقط في جميع أنحاء أوروبا ولكن أيضا إلى آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا. بودابست هي أيضا موطن للجامعة الأوروبية المركزية للشهير والممول الأمريكي جورج سوروس، الذي شارك في إعداد النخبة المثقفة في أوروبا الشرقية وبلدان رابطة الدول المستقلة، بما في ذلك روسيا.
وفي الوقت نفسه، فإن نطاق المشاريع الأطلسية لإعادة التنظيم الجيوسياسي في أوروبا الشرقية، والمتضمنة توسيع الصورة السياسية والجغرافية لـ"أوروبا الشرقية" والممارسات الحكومية المرافقة لذلك تجاه بلدان رابطة الدول المستقلة، تشمل أكبر دولتين في المنطقة على طول الحدود مع دول رابطة الدول المستقلة وصاحبتي أعظم الطموحات الجيوسياسية التي تدعمها تجارب تاريخية معينة: بولندا ورومانيا.
تسعى هذه المشاريع الأطلسية لإنشاء صورة كاريكاتيرية عن أوروبا الشرقية بطرق كثيرة تستند على "سياسات الذاكرة" و"سياسات التاريخ" التي، مرة أخرى، تعود بنا إلى مشكلة الصورة السياسية والجغرافية، والخطابات ذات الصلة، ومحتواها، والممارسات الاستطرادية. من ناحية أخرى، من المطلوب علينا أن نستخدم أدوات التحليل الجيوسياسي التقليدي. وبالتالي، هذه المشاريع، فضلا عن تنفيذها، تحتاج إلى دراسة بطريقة منفصلة أخرى.