بدء محاكمة صحفيين شهيرين في تركيا
بدأت الجمعة في اسطنبول محاكمة صحافيين بتهمة نشر مقال عن اعتراض قوات الأمن التركية شاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين اسلاميين في سوريا، على خلفية انتقادات متنامية لتسلط الرئيس رجب طيب اردوغان.
ويتهم رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" جان دوندار ومدير مكتب الصحيفة في أنقرة أردم غول، المعارضان الشرسان للحكومة التركية منذ وقت طويل، بالتجسس وكشف اسرار دولة والسعي إلى قلب نظام الحكم ومساعدة منظمة ارهابية.
وصل الصحافيان المعرضان لعقوبة السجن المؤبد في حال ادانتهما، الى قصر العدل حيث تجمع حوالى 200 من انصارهم وزملائهم ونواب المعارضة او مواطنين عاديين واكبوهم الى المحكمة وسط التصفيق وصيحات "لن تسكتوا حرية الصحافة".
وقال جان دوندار قبل بداية الجلسة "نحن هنا للدفاع عن الصحافة" واضاف زميله أردم غول "أنا هنا للتاكيد ان العمل الصحافي ليس جريمة".
نشر الصحافيان في ايار/مايو 2014 مقالا مسندا بصور وشريط فيديو التقط على الحدود السورية في كانون الثاني/يناير 2014 يظهر اعتراض قوات الأمن التركية لشاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين اسلاميين في سوريا. ووضع الرجلان في الحجز الاحتياطي لثلاثة اشهر.
اثار المقال غضب اردوغان الذي نفى باستمرار دعمه لحركات اسلامية سورية متطرفة مناهضة للنظام السوري.
وتوعد اردوغان بلهجة غاضبة قائلا "ان من نشر هذه المعلومة سيدفع ثمنا غاليا، لن ادعه يفلت" من العقاب.
وبامر من النيابة وضع الصحافيان في الحجز الاحتياطي في تشرين الثاني/نوفمبر وطلب المدعي العام معاقبتهما بالسجن المؤبد.
لكن في 26 شباط/فبراير امرت المحكمة الدستورية، احدى اخر المؤسسات التركية التي لا تزال خارج هيمنة حزب الرئيس بعد 14 عاما من توليه الحكم، بالافراج عنهما معتبرة ان حقوقهما انتهكت.
- "ضغوط" -
واكد اردوغان حينذاك في خطاب نقلته القنوات التلفزيونية "آمل ألا تعيد المحكمة الدستورية الكرة بطريقة من شأنها أن تضع مسألة وجودها وشرعيتها على المحك"، مهددا بحلها.
وقال دوندار "لقد تعرضنا لضغوط سياسية وقضائية واقتصادية". واضاف "اعلن الرئيس انه لن يعترف ولن يحترم قرار المحكمة الدستورية". وتابع "خلال لحظات سنخوض معركة قضائية وسنرى من سيخرج منتصرا القضاء او القصر (الرئاسي)".
واثار اعتقال الصحافيين والاتهامات الموجهة اليهما من القضاء والنظام في تركيا غضبا في صفوف المعارضة والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن الحريات وعواصم اجنبية عديدة التي تنتقد منذ سنوات تسلط اردوغان.
وقبل بدء الجلسة الجمعة اعلن الامين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار "ما نتوقعه من هذه المحاكمة هو بالطبع تبرئة ساحة الصحافيين بكل بساطة".
واضاف "انهما صحافيان وليسا ارهابيين خطيرين. هناك ما يكفي من التهديدات التي تحدق بهذا البلد وباستقراره وبالديموقراطية لكي يهدر القضاة وقتهم في اختراع تهديدات زائفة".
تأتي تركيا في المرتبة 149 من 180 دولة في التصنيف العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة. وشن النظام التركي هجوما غير مسبوق على وسائل الاعلام تحت غطاء التصدي "للدعاية الارهابية".
وكانت مجموعة "زمان" القريبة من الداعية فتح الله غولن عدو اردوغان الاول، اخر ضحاياه بعد وضعها تحت الوصاية القضائية مطلع الشهر الماضي.
وعشية المحاكمة كتب مئة من مشاهير الكتاب بينهم حائز نوبل للسلام ماريو فارغاس ايلوزا (البيرو) والجنوب افريقي جاي ام كوتزي رسالة الى اردوغان ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو "لتغيير القوانين التي تضيق بلا موجب على حرية التعبير".
ووسط موجة الاعتداءات لا يتوقع ان تجد هذه الدعوة صدى. والثلاثاء ندد داود اوغلو ب"تحالف الشر" الذي شكله جامعيون وسياسيون وبعض وسائل الاعلام الذين اتهمه بانهم "يدعمون الهجمات على تركيا".
المصدر: اف ب