حرية التعبير "التركية"

تعقد المحكمة الدستورية التركية يوم 25 آذار/مارس،  أول جلسة لها للنظر في قضية الصحافيين جان ديوندار وارديم غول، المتهمين بالتجسس، بسبب فضحهما لعلاقة السلطات التركية بالإسلاميين المتطرفين في سورية.

فضح أعمال أردوغان الإجرامية

جان دوندار رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" المعارضة ،وارديم غول مدير مكتب الصحيفة في أنقرة، أعدا تحقيقا صحافيا عن علاقة الجهاديين السوريين بوكالات الاستخبارات التركية، وبالتحديد، عن إمدادات الأسلحة السرية من تركيا للمتمردين السوريين. وتم إلقاء القبض عليهما في اشرين الثاني/نوفمبر، ويطالب المدعي العام في اسطنبول، بفرض أكثر العقوبات صرامة على الصحافيين، ومعاقبتهما بالسجن المؤبد، بناء على اتهامات التجسس وإفشاء أسرار الدولة.
في تحقيقاتهما، نشر الصحافيان صورا وتسجيلات فيديو لتفتيش شاحنات تحمل "مساعدات إنسانية" من قبل منظمة الاستخبارات الوطنية، كانت في طريقها إلى الحدود التركية السورية. الصور ومقاطع الفيديو تعرض بوضوح، صناديق ما يسمى بـ"المساعدات الإنسانية" - في الواقع هي صناديق ذخيرة وألغام وقذائف. وقال الصحافيان أن تركيا تزود المتمردين السوريين بالأسلحة والذخائر.

المسار الجيوسياسي للقيادة التركية

تميز العام الماضي بالتدهور الحاد في العلاقات بين تركيا وروسيا: إسقاط الطائرة الروسية، ووقف التعاون الاقتصادي وهلم جرا. تركيا، كعضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، تتبع نهج السياسة الأمريكية.
ومع ذلك، ينبغي النظر إلى عدة عوامل عند محاولة تحديد الاستراتيجية الجيوسياسية للقيادة التركية.
1. ضد الأكراد وداعش والأسد؟ تشن الطائرات التركية بذريعة محاربة منظمة "داعش"، غارات جوية على الأكراد السوريين. في نفس الوقت، الأكراد يحصلون على دعم من الولايات المتحدة. أمريكا ليست مهتمة بحل مشكلة الشرق الأوسط، وتعتبر أنه من الضروري بقاء الشرق الأوسط في مستنقع "الفوضى المنظمة" تحت سيطرة واشنطن. تركيا، على العكس من ذلك، مهتمة بحل النزاعات والسيطرة على الأكراد و"داعش". الولايات المتحدة ليست مهتمة بحل مشكلة "الفوضى في الشرق الأوسط"، ولذلك، هي تقوم: أ) بتحريض أنقرة ضد الأسد، ما يؤدي الى مواجهة مع روسيا. ب) دعم النزعة الانفصالية الكردية ضد تركيا، ما يشكل تهديدا كبيرا لوحدة الأراضي التركية.
2. تركيا والاتحاد الأوروبي: لا تزال طبيعة التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي غير واضحة، فالإتحاد الأوروبي يرفض انضمام تركيا إليه. إذ أن ضم البلد المسلم تركيا، للاتحاد الأوروبي، سيعني نهاية أوروبا كحضارة مسيحية. داخل تركيا، تزداد اتهامات القوميين ضد السياسة الليبرالية لأردوغان، والذين يعتقدون أن الرئيس أردوغان، تراجع عن النهج الجيوسياسي لكمال أتاتورك، ويعتبرونه خائنا للهوية على الصعيد الوطني. مسألة التعاون والعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي غير مفهومة ومعلقة.
اليوم، تركيا تعاني من أزمة سياسية عميقة. قد يكون الخلاص الوحيد منها، تأكيد الهوية الوطنية، والتوجه نحو عالم متعدد الأقطاب، واستعادة التعاون مع روسيا (بناء المحور الأوراسي أنقرة وموسكو).