عوامل قد تقوض إتفاق الهدنة الروسية الأمريكية في سوريا

11.09.2016

يواجه وقف إطلاق النار المعقد الذي اتفقت عليه روسيا والولايات المتحدة في سوريا العديد من التحديات بينها انعدام الثقة بين فصائل المعارضة السورية والحكومة، وشبكة الأطراف الضالعة في الحرب المدمرة.

وأعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بعد محادثات ماراثونية عن الاتفاق في وقت متأخر من الجمعة في جنيف.

سنوات من انعدام الثقة
وقد يكون أبرز العوائق أمام تطبيق الاتفاق هو انعدام الثقة العميق بين قوات الحكومة السورية وحلفائها والفصائل المسلحة.

فبعد 5 سنوات من الحرب الطاحنة، يشكك كل طرف في استعداد الطرف الآخر في الالتزام بوقف إطلاق النار، لاسيما في ظل فشل اتفاقات هدنة وتهدئة سابقة عديدة. وكان آخرها في فبراير/شباط الماضي بعد أن تم بوساطة واشنطن وموسكو. وأدت الهدنة آنذاك الى انخفاض العنف على الجبهات الرئيسية، لكنها انهارت بعد أسابيع. واستؤنفت عمليات القصف العشوائية اليومية على المدنيين خصوصاً في مدينة حلب في شمال سوريا.

وتصف الحكومة السورية جميع الفصائل المعادية له بـ"الإرهابية". وانتقد لافروف المعارضة بسبب إصدارها "إنذارات، ورفضها التعاون، وما الى ذلك" عند إعلانه عن الاتفاق في حينه.

وحذر الباحث في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر من أن المسلحين "لا يثقون كثيراً بصمود وقف إطلاق النار على المدى الطويل".

من ناحية أخرى، شككت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية السبت في التزام الهدنة بدون ضغط روسي.

وصرحت بسمة قضماني العضو في الهيئة التي تشمل أبرز ممثلي المعارضة والفصائل المقاتلة في سوريا: "ننتظر أن تقنع روسيا النظام بضرورة الالتزام بالاتفاق، ولا نتوقع أن يقوم النظام بذلك بملء إرادته".

وقالت: "نحن لا نعول على النظام إطلاقاً"، بل "نعول فقط على روسيا التي في يدها كل الأوراق".

تحالف المسلحين والجهاديين
ويتعين في إطار الاتفاق على فصائل المعارضة الانفصال عن جبهة "فتح الشام" الإسلامية القوية التي كانت تعرف حتى وقت قريب باسم "جبهة النصرة" المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وفي مواجهة النظام، وحدت الفصائل المقاتلة والإسلامية صفوفها مع "فتح الشام" خصوصاً في محافظتي إدلب وحلب الشماليتين.

وقالت قضماني إن الفصائل المسلحة أُجبرت على التحالف مع الجهاديين بسبب استخدام النظام أسلوب الحصار، إلا أنها ستنفصل عن هذا التحالف في حال صمدت الهدنة.

وأضافت: "الجماعات المعتدلة ستعيد ترتيب صفوفها وتنفصل عن الجماعات المتطرفة. وسنقوم بدورنا". إلا أن الخبراء يشككون في ذلك.

وقال ليستر إن المسلحين لم يشيروا الى استعدادهم الانفصال عن التحالف الذي يعتبرونه "ضرورة عسكرية".

وأضاف أن "القيام بذلك يعني بالنسبة لهم التخلي عن مناطق لصالح النظام سيكون من الصعب تغيير هذا التفكير".

شبكة من الأطراف الضالعة
وأدّت الحرب السورية الى تقسيم البلاد الى مناطق تسيطر عليها قوى متقاتلة هي: الحكومة وحلفاؤها والفصائل المعارضة، والأكراد، والجهاديون.

كما أنها جرّت إليها عدداً من القوى الإقليمية والدولية وقفت الى جانب هذا أو ذاك من أطراف النزاع.

ورحبت تركيا السبت بالاتفاق. وتدعم أنقرة بشكل كبير الفصائل المسلحة، إلا أنها أصلحت علاقاتها مؤخراً مع روسيا.

ولم يصدر بعد رد فعل من إيران، المؤيد الرئيسي والثابت للحكومة السورية.

وقال ليستر: "في النهاية، يمكنني أن أقول إننا نحتاج الى موافقة إيران العلنية بقدر حاجتنا الى موافقة أي طرف آخر".

وعند إعلانه عن الاتفاق، أقرّ لافروف بوجود "العديد من الأطراف المعنية من داخل وخارج سوريا، وأن ذلك كله بالطبع لا يساعد". وقال كيري إن الأزمة السورية "معقدة لأسباب نعرفها جميعاً - عدد الأطراف الضالعة فيها والتي لها أجندات مختلفة، والجروح التي تركتها سنوات القتال، والانقسامات الايديولوجية والطائفية، ومناطق الحرب في المدن والضواحي، ووحشية المتطرفين، والأفعال التي لا تساعد التي تقوم بها بعض القوى الخارجية".

توزيع بعض الفصائل في سوريا
كذلك، فإن أماكن انتشار الفصائل السورية المختلفة على الأرض قد يشكل واحدا من أهم التحديات، خصوصا بسبب التداخل والتشابك في المواقع، ناهيك عن التحالفات القائمة بينها.

في محافظة إدلب وريفها يسيطر ما يسمى بـ"جيش الفتح" على معظم مناطق المحافظة، وصولا إلى الساحل السوري من خلال سيطرته على بلدة جورين القريبة من الساحل السوري في ريف حماة الشمالي.

يتألف جيش الفتح من 8 فصائل مسلحة هي: جبهة النصرة وأحرار الشام وجند الأقصى وجيش السنة وفيلق الشام وصقور الشام ولواء الحق وأجناد الشام، ويبلغ قوام الجيش ما يزيد على 20 ألف مقاتل، وهو مزود بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة.

وإلى جانب جيش الفتح، بفصائله الثمانية، هناك "الفرقة 13" بعديدها البالغ 2000 مقاتل، التي تتبع الجيش الحر، وتنتشر في جبل الزاوية ومعرة النعمان والساحل السوري وريف حلب.

أما في محافظة حلب، فتنتشر الجبهة الشامية وكتائب الصفوة ولواء السلطان مراد وعدد من الفصائل المحلية من أبناء مارع وأعزاز وتل رفعت وجميعهم يتبعون للجيش الحر، في ريف حلب الشمالي.

أما في ريف حلب الجنوبي ومدينة حلب نفسها، فهناك وجود لحركة أحرار الشام وفيلق الشام، الذي يعد أقوى الفصائل في تلك المنطقة وهناك تواجد محدود لجبهة النصرة في الريف الجنوبي.

وفي هذه المنطقة أيضا هناك توجد عدد من الفصائل الأخرى التي تقاتل تحت مسمى "غرفة عمليات جيش الفتح- حلب".

ويصل إجمالي عدد أفراد هذه القوات العسكرية، التي تمتلك مختلف أنواع المعدات العسكرية، إلى أكثر من 10 آلاف مقاتل.

وفي مدينة حلب توجد الجبهة الشامية و فيلق الشام وقوى أخرى محسوبة على الجيش الحر، من بينها جيش المجاهدين.

وفي الساحل السوري، وبخاصة جبل التركمان، فتنتشر الفرقة الساحلية الأولى، التابعة للجيش الحر، بالإضافة إلى ألوية الجبل الوسطاني وأحرار الشام ومجموعات كبيرة من جيش الفتح وجيش المهاجرين، ومجموعات تابعة للنصرة.

أما تنظيم داعش في سوريا، فينتشر تقريبا على طول نهر الفرات، ويسيطر على المثلث بين كوباني-عين العرب وتل رفعت والحدود التركية، كما يوجد في منطقة تدمر وبعض المواقع في ريف دمشق، بينما يتخذ التنظيم من مدينة الرقة معقلا رئيسيا له.