تقرير ميونيخ للأمن 2017: تلفيقات ضد روسيا
يعقد في شهر شباط من كل عام في المدينة الألمانية ميونيخ مؤتمر الأمن في ميونيخ (MSC) والمخصص لمناقشة السياسات الأمنية والدفاعية ومستقبلها في ظل التحديات العالمية الراهنة وذلك بحضور وزراء خارجية الدول ووزراء الدفاع ومسؤولين رفيعي المستوى بالإضافة إلى الخبراء ووسائل الاعلام والمنظمات غير الحكومية المتنوعة. لقد بات هذا المؤتمر يشكل أكبر فضاء عالمي لبحث تطورات الأوضاع الدولية وقد شهد تطورا ملحوظا في الهياكل والميزانية والتنظيم منذ أن تأسس عام 1963 بمستوى جعل تقرير جامعة بنسالفانيا يعده أفضل مؤتمر عالمي.
يعمل المؤتمر منذ 2015 على إصدار التقرير السنوي بإشراف رئيس المؤتمر السفير فولفغانغ إيشينغر، ويعد بمثابة دليل موجه لصناع القرار والمتخصصين في مجال الأمن. ويأتي التقرير السنوي الثالث 2017 بعنوان "ما بعد الحقيقة، ما بعد النظام، ما بعد الغرب" وهو ما سنبدي عليه العديد من الملاحظات.
يتوزع التقرير الذي يقع في 90 صفحة على ستة فصول، يتضمن الفصل الأول شرحا للعنوان ودلالات اختياره، والفصل الثاني بعنوان الفواعل، والثالث الأمكنة والرابع عن القضايا، بينما يختار الفصل الخامس بعض الإصدارات الجديدة من الكتب والتقارير التي تناقش القضايا العالمية، والفصل الأخير عبارة عن تشكرات وعرفان للعديد ممن دعموا صدور العمل.
في البداية، يثير التقرير مناقشة فكرية عن ما يتهدد الغرب من الناحية الأيديولوجية والقيمية، ويتمثل ذلك في صعود القوى غير الليبرالية والحركات الشعبوية التي يعتبر أنها نفذت إلى المجالس المحلية في أوروبا وباتت تشكل "محورا للخوف" وهي تعمل على تعزيز النزعتين الانعزالية والحمائية، وقد تجسد ذلك في انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقضية البريكسيت في أوروبا. مثل هذا الصعود من شأنه أن يقضي على مكتسبات الغرب الليبرالي كالحرية والتعدد وحقوق الانسان والديموقراطية، إنه عالم 'ما بعد الحقيقة' كما اختار التقرير عنوانه، والمصطلح أدمج في قاموس أكسفورد في 2016 واعتبر كلمة العام وهي تعني "ما يرتبط أو ما يدل على أن الظروف التي تكون فيها الحقائق الموضوعية أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام من المؤثرات التي تستند إلى العاطفة والمعتقدات الشخصية..".
ينطوي هذا الاستعمال وهذا التوصيف على خطورة معرفية تشكلها نزعة مطلقة تعتبر أن الممارسة اللبيرالية تتماهى مع الحقيقة والتاريخ وأن الحقائق الموضوعية لا تُعرَّف إلا بما يدعم اللبيرالية، إنه اقصاء للتجارب الاجتماعية والثقافية والنماذج المحلية المغايرة والمقترحات البديلة. أضف أن توظيف المصطلح يحمل تناقضات، فمادامت آليات الديموقراطية هي التي أوصلت هذه الحركات الشعبوية إلى المناصب فلما يتم التحول عنها الآن، هذا من جهة. من جهة أخرى يدل الصعود الجديد لليمين والشعبويين على اخفاق الديموقراطية واللبيرالية تاريخيا على معالجة هموم الشعوب وتحقيق التنمية المرجوة أو توفير مناصب العمل. إن الإشارة إلى خطر عالم ما بعد الليبرالية بهذا الشكل هو بحد ذاته ممارسة لسياسة الخوف.
أما عن التهديد الذي يأتي خارج دائرة الجغرافيا الغربية فتمثله روسيا، ليس للغرب فقط وإنما لمجمل النظام الدولي، وهو ما اصطلح عليه حالة ما بعد الغرب أو ما بعد النظام. يمكن القول أن التقرير وضع بالأساس ضد روسيا، ولا يتوانى في تأويل ارتباط كل ما يتهدد العالم بروسيا، وهو ما سنفصله.
يشير التقرير أن اختيار روسيا للحل العسكري في روسيا ضد ما يقرره الغرب ساهم في تقويض مساعي الحل السياسي، وهو ما يمثل خطرا على منظومة السلام التي يصنعها الغرب. وهذا الموقف من روسيا بعيد عن التحليلات الموضوعية، فالغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة تورط بشكل كبير في تشكيل الصراع المسلح داخل سوريا وتفاقمه عبر دعم جماعات جهادية جلبت من أكثر من دولة، إن الحل العسكري كان بادرة من السياسات الغربية. وبخصوص الحل السياسي نجد أن كل مؤتمرات التوافق السياسي بين النظام السوري والمعارضة تأتي بمبادرات ومتابعة وإشراف روسي.
في نقطة أخرى، يرى التقرير أن روسيا تهدد النظام الأوروبي بعد أزمة أوكرانيا، وهو ما يستوجب مقاطعتها ومعاقبتها، كما يحذر أن تعاون ترامب مع بوتين من شأنه إضعاف النظام وتهديد أمن أوروبا. يمكن إبداء وجهة نظر معاكسة، فالأحداث في أوكرانيا صنعت من أجل تثبيت حكومة موالية للغرب ولمحاصرة روسيا وفق استراتيجية بريجنكسي، وأن تفاقم الأوضاع وتصعيد الاشتباكات هناك هدفه دفع الناتو إلى تعزيز قواته. وعلى العكس تماما، رفضت روسيا هذا الاستفزاز الآتي من عند أمريكا بالخصوص وحذرت الفاعلين الأوروبيين على أن هدف النزاع هو منع أي تعاون روسي- أوروبي، وقد دعا بوتين في أكثر من لقاء على ضرورة تمسك القادة الأوروبيين برؤية تساهم في استقرار الأوضاع بأوكرانيا.
أما بخصوص الفواعل يختار التقرير ثلاثة: ترامب، الاتحاد الأوروبي و تركيا. فحول مصير النظام العالمي وفق أوراق ترامب هناك تخوف من تجاهل الرئيس الأمريكي الجديد لقيم بناء النظام العالمي، فشعار "أمريكا أولا" معناه أن مسألة القيم ستكون غائبة أو غير أساسية، وسيدفع أمريكا إلى اتباع نهج غير عالمي وانعزالي. أضف أن ترامب حسب لا يمكن التنبؤ بقراراته وهو متناقض وغامض بشكل يصعب ترجمة أقواله إلى أفعال، كما أنه يتخذ مواقف متعارضة مع أوروبا والناتو. في هذا الصدد، يمكننا التأكيد أن كل السياسات الأمريكية والأوروبية التي وضعت وكل الخطابات التي تؤكد على تعزيز القيم العالمية لم تمارس ولم تحقق إلا النقيض، فالديمقراطية وحقوق الانسان والحرية ترجمت لخريف عربي وغزو لأكثر من دولة سيادية ومعاقبة دول أخرى اختارت بالفعل هذه القيم. فعهد بوش أو أوباما كان مأساويا للشعوب وحتى أمريكا نفسها، وبالتالي ربما يشكل ترامب القطيعة مع نزعة تدخلية أمريكية انهكت الاقتصاد الأمريكي، كما أن هذه الانعزالية (المفترضة) قد تدفع أوروبا إلى تعزيز أدوارها في الشؤون العالمية.
يدعو التقرير أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة زيادة التنسيق المؤسساتي ودعم نفقات الدفاع والأمن، خصوصا ما يتعلق منها بالمساهمة في حلف شمال الأطلسي، ويعتبر أن قوة مؤسسات الاتحاد الأوروبي من شأنها التصدي للإيديولوجية الشعبوية أو أي تجربة جديدة لبريكسيت جديد. يبرز هذا التخوف نقاشا لم يثار من قبل بشأن مستقبل حلف الناتو وميزانيته، خصوصا بعد التصريحات التي عبر فيها الرئيس ترامب على ضرورة (أن تدفع أوروبا أكثر مقابل أمنها). كما أن المؤسسات الأوروبية "المتضخمة" باتت أمام تحدي الشعوب الأوروبية التي فتحت هي الأخرى الجدل حول ما الجدوى من بيروقراطية الاتحاد الأوروبي الواسعة في ظل الأزمات المالية التي تمر بها الدول الأوروبية والعالم عموما.
وعن تركيا، فالتقرير متشائم حيال التباس علاقات تركيا مع الغرب، كما أن تركيا لم تعد النموذج الإسلامي الديموقراطي الذي يفتخر به الغرب والناتو، إذ برزت بوادر نزعة استبدادية ومعالم ضعف المؤسسات بعد تدبير الانقلاب ضد أردوغان. إن الغرب بات ينظر أن حليفه لم يعد متمسكا بالقيم، وهو غير راض على نية أردوغان الإعلان عن نظام رئاسي للبلاد. لكن اختيار تركيا أردوغان على أساس أنها ضمن تركيبة ما يهدد الاستقرار الأوروبي ليس محايدا، فتركيا أردوغان باتت مستهدفة بعد تقاربها مع روسيا، كما أن التقرير يتغاضى عمدا أن ما يهدد القيم والأمن هو تورط الأمريكيين في قيادة انقلاب ضد بلد حليف.
من حيث الأمكنة التي تطرح تحديات على أجندة السلام العالمية هي أوروبا الشرقية، الشرق الأوسط، القطب المتجمد الشمالي. تشكل روسيا حسب التقرير المصدر الأساسي للتوترات في هذه المناطق، فرغم نجاح حلف الناتو في الشراكة مع دول أوروبا الشرقية وفتحه لروسيا مجالا للتنسيق عبر مجلس روسيا-الناتو إلا أن روسيا تعمل على زيادة التسلح ومعارضة الدرع الصاروخية الضرورية لأمن أوروبا. كما يستعرض التقرير عبر رسوم تخطيطية المجال الذي تستطيع الصواريخ الروسية بلوغه، مشيرا أنها تهدد دول أوروبا الشرقية. هذا التوصيف لا يأخذ بعين الاعتبار أن منصات الناتو في هذه الدول ومدى الصواريخ الباليستية الغربية يصل هو الآخر إلى عمق روسيا، نحن هنا إزاء توازن الردع، وأن هذه المعضلة الأمنية تتطلب من الطرفين خفض القدرات وليس من طرف واحد.
في الشرق الأوسط، تمثل الأزمة السورية المعلم الوحيد على حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، يستعرض التقرير عدد الغارات التي نفذتها الحربية السورية في سوريا، متغاضيا عن مثيلتها من جانب تركيا ودول التحالف. كما يعتبر أن الأسد وروسيا هما المسؤولان عن استمرار العنف وتزايد عدد القتلى وتشريد السوريين. في هذه الحالة نحن أمام نوع من تجريم إرادي لأي سياسة خارجية روسية والإدعاء بخرقها للسلام وتهديد الأمن مهما كانت مخرجات هذه القرارات. إن روسيا حاليا تحارب الإرهاب العالمي الذي ترفع كل الدول شعار محاربته، ولما اقتربت روسيا (أو تنوي ذلك) من ترامب بما يمكن أن يضمن حلا سياسيا في سوريا تم تصوير ذلك أنه تهديد لأوروبا، ويتم تجاهل المساعي التي قام بها وزير الخارجية الروسي لافروف مع كيري لحل الصراع في سوريا لولا تمسك الأخير بإشراك الجماعات المسلحة في أي مفاوضات.
الملاحظة الأخرى التي يمكن إبداؤها، هي عدم ذكر القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي باعتبارها قضية مركزية في علاقات الغرب مع العرب، وأن استمرار السياسات العدائية الإسرائيلية من شأنه نسف كل عوامل الاستقرار في الشرق الأوسط، وأن الأوروبيين مسؤولون عن حل هذا الصراع التاريخي منذ أن قبلوا وجود دولة اصطناعية في الأرض الفلسطينية.
في موضع آخر، يخفف التقرير من لهجة الانتقادات نحو روسيا في الشق المتعلق بالقطب المتجمد الشمالي، فعلى الرغم من إشارته إلى تعزيز روسيا لحضورها العسكري ضمن هذه المنطقة الخالية تقريبا، يتوقع أن القطب الشمالي سيشكل نموذجا للتعاون بين الدول. وعن الأوضاع في المحيط الهادي، فيشير أن مصادر التهديد في بحر الصين الجنوبي تنبع من مناورات الصين ومشروع بيونغ يانغ النووي، ويرصد التقرير عبر احصائيات مختلفة تطور القدرات الجوية والبحرية للصين أمام الولايات المتحدة الأمريكية. هذا التخوف من الصين راجع إلى كونها باتت قوة اقتصادية في مواجهة الكتلتين الأوروبية والأمريكية، أضف أنها لا تزال تمثل الحضارة الهادئة التي لم تثر أي مواجهة عسكرية اتجاه أي دولة، كما أن تعزيز الصين لقدراتها العسكرية ينبع من مواجهة التوسع الأمريكي في منطقة استراتيجية تزخر بالموارد.
من حيث القضايا، يعتبر التقرير أن العالم يشهد حالة لا إعلام بسبب الأخبار الكاذبة والمفبركة، والتي كانت وراء نجاح مشروع البريكسيت وصعود ترامب، فهذا النوع الجديد من الاعلام الجديد يشكل تحديا لمبدأ إعلام الرأي العام. ولكن الأمر اللافت هنا هو الادعاء أن مصدر كل هذه الفبركات هو روسيا، حيث تدخلت مخابراتها بأمر من بوتين لإفساد حملة هيلاري وفعلت ذلك مع ألمانيا وروسيا، وأن صعود الحركات الشعبوية هو الآخر تورطت فيه روسيا. لذلك فحماية "مجتمع الحقيقة" يتطلب استراتيجية متكاملة ضد خطابات روسيا والشعب الروسي على العموم. نجد أن هذا التحليل من واضعي التقرير يمارس بحد ذاته فبركة وحجبا للحقيقة، ذلك أن أكبر الشبكات الإعلامية ومحركات البحث وتكنولوجيات الإعلام الحديثة تشرف عليها مؤسسات غربية أمريكية بالخصوص، وتمتلك رصيدا كبيرا في تضليل الرأي العام منذ عهد الحرب الباردة إلى غزو العراق وصولا إلى فبركات ما سمي ب 'الربيع العربي'. أضف إلى ذلك، تعزز هذه الشبكات نزعة 'ضد روسية anti-russian' فهل يحق للشعب الروسي أن يعتبرها هي الأخرى مصدر 'عالم ما بعد حقيقة'.
وبخصوص الهجرة، ينتقد التقرير ضعف التنسيق الأوروبي على مستوى المؤسسات والجدل بين أعضاء الاتحاد حول تقاسم حصص طلبات اللجوء ومشكلة تحديد النفقات اللازمة لذلك. وعدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع الأعداد الكبيرة من المهاجرين الوافدين من الشرق الأوسط وإفريقيا.
ينبه التقرير إلى الخطر الذي تمثله الجهادية العالمية الجديدة، فهناك على أرض أوروبا العديد من الشبكات الجهادية النائمة التي ترتبط إيديولوجيا بداعش وتدير "ثورة في كل مكان" بدون أن ترتبط بالضرورة بالتنظيم من حيث التمويل أو تلقي الأوامر. هذه الهلامية للتنظيمات الإرهابية خطيرة وتتطلب تنسيقا وقدرات واسعة بين قطاعات الأمن والدفاع الأوروبية. غير أن التقرير لا يذكر مصادر هذه التهديدات وكيف تطورت الأمور إلى هذا الحد بعد أن تم خنق القاعدة. لقد بات العسكريون والسياسيون في أوروبا يدركون أن سياسات دعم المعارضات بالسلاح بمختلف أنواعه في سوريا وليبيا تسبب في هذا الواقع، وأنه لم يتم التعامل مسبقا مع الجهاديين القادمين من أوروبا إلى سوريا. وعليه، يمكن التأكيد أن هذا التهديد نابع من سياسات خاطئة اتجاه الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصورة أعم.
أما في قضية ما يتهدد الصحة في العالم فهو انتشار الفيروسات الخطيرة والمستعصية على العلاج، وكذا اشتداد النزاعات والحروب التي تخلّف الأوبئة وتقضي على المرفقات الصحية إضافة إلى ما تتركه بقايا الأسلحة والمتفجرات. في هذا السياق يلقي التقرير باللوم على سوريا وروسيا ويؤكد أن تدهور الوضع الصحي في مناطق الصراع جاء بعد قصفهما 'العمدي' للمؤسسات الصحية، ولا يذكر حجم الدمار الذي تسببت فيه داعش والجماعات المسلحة الأخرى أو حتى قوات التحالف، ويطلعنا الواقع كيف وفَّرت روسيا مستشفيات ميدانية وأدوية، وقام الجيش السوري من جهته بتوزيع الأدوية العالمية في الداخل وتفاوضت الدولتان بشكل معقد ومكثف للسماح بدخول أعضاء منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر.
يرى التقرير ضرورة التحول من منتجات الدفاع التقليدية إلى المنتجات القائمة على تكنولوجيا المعلومات. كما يدعو إلى إعادة بحث العلاقة بين الطابعين المدني والعسكري، ومزايا إدماج ابتكارات المدنيين التي تساهم في مسايرة خطط الدفاع للتهديدات السيبرانية الجديدة.
نستنتج من كل ما ورد، أن واضعي التقرير ومؤتمر ميونيخ للأمن إجمالا يضعان تصورا خاصا لعالم الحقيقة ينطلق من مركزية غربية لا تعترف بمبادرات وسياسات الدول الأخرى لوضع تصور للأمن العالمي، كما أنه يختزل النظام الدولي في الكتلتين الأوروبية والأمريكية ولا يعترف بعالم متعدد الأقطاب تشارك فيه قوى أخرى أثبتت حضورها في تقرير السياسات العالمية والتأثير فيها بوجه إيجابي. من جهة أخرى، هناك العديد من التزييفات والتلفيقات غير النزيهة بخصوص روسيا، يعمل التقرير على تدعيم ذلك بتقديم إحصاءات وبيانات وسبر آراء مختارة من مراكز تفكير أطلسية مرتبطة بأجهزة المخابرات والعسكرية الغربية (IISS, CSIS, CNA, McKinsey Global Institute,… ) بينما تستثنى وجهات مراكز أخرى علمية وموضوعية قد تبدي وجهة نظر مغايرة بشأن العديد من القضايا المختارة.
لقد باتت الأخطار والتهديدات معولمة، وتصدر من فواعل غير مرئية وغير محددة، لذلك يتوجب أن يكون هناك نقاش ديمقراطي عالمي يدمج كل الدول والفواعل حتى تلك التي اعتبرت هامشية وعالمثالية على عكس سياسة الهيمنة المتبعة، فالتقرير يحمل رسالة ضمنية مفادها أن عالم ما بعد النظام وعالم ما بعد الغرب هو عالم صعود روسيا. وعليه، فإن نهج التفسير بلغة "المؤامرتية" التي وردت لم يعد مجديا في التصدي للمشكلات الحقيقية، وأن مثل هذه التلاعبات بمصطلح "الحقيقة" هو بحد ذاته نقيض ل "الأمن".