تحديث الجيش الروسي وتأثيره على السياسة الخارجية؟
إستلزم إصلاح وتحديث الجيش الروسي عدة سنوات من العمل المكلف والمضني، في عهد وزيري دفاع، ليحويل إلى قوة حديثة قادرة أثارة المخاوف والتساؤلات في أوساط دول ومنظمات أجنبية.
وأبرزت الحملة العسكرية الروسية في سوريا مدى التحول في الجيش الروسي، بعد أن أطلقت موسكو خطة الإصلاح العسكري في العام 2008. إذ فاجأت قدرات الوحدات الروسية العاملة في سورية الغرب.
وتظهر القدرات العسكرية الروسية في سوريا، تطورا نوعيا يكشف الفرق بين الجيش الروسي في العام 2008، والعام 2014. فقد سمح الإصلاح العسكري المستمر، لموسكو بالإستغناء عن تقليد تعبئة الجماهيري السوفيتي، واستبداله بقوة عسكرية دائمة وموحدة.
ويثير نجاح حملات روسيا في شبه جزيرة القرم وسوريا سؤالا جديدا، هل موسكو الآن مستعدة لاستخدام القوة العسكرية بسهولة لتحقيق المصالح السياسية؟
الجيش الجديد
بدأ الإصلاح العسكري في العام 2008، بعد الأداء الضعيف للقوات الروسية في القتال مع الجيش الجورجي في حرب "الأيام العشرة" بين روسيا وجورجيا. وانتصرت القوات الروسية في الصراع، ولكنها عانت خسائر فادحة بشكل غير متوقع. "هذا النزاع الصغير كشف العديد من نقاط الضعف في القوات الروسية، مثل عدم الجاهزية لصد عدوان دولة صغيرة وتباطؤ الآلة العسكرية الروسية"، برأي فيكتور ليتوفكين، العقيد المتقاعد والمراقب العسكري في وكالة أنباء "تاس".
إن اتخاذ تدابير لاحقة لتحسين الوضع العسكري بشكل جذري مثل عمليات الاستعداد والتنسيق والتنقل، وكذلك إجراء عمليات التفتيش المفاجئة بعد التدريبات المكثفة، والتحركات المشتركة للقوات، جعل الجيش الروسي الجديد قوة جاهزة لممارسة وتنفيذ العمليات القتالية في وقت سريع.
وأوضح فيكتور ليتوفكين أن قائد إحدى المناطق العسكرية الأربع التي شكلت حديثا، اكتسب من خلال سلطة التحكم في كافة فروع القوات المسلحة الموجودة في منطقته، القدرة على التنسيق الكامل لجميع القوات، بما في ذلك القوات البرية والطيران والدفاع الجوي والقوات البحرية. هذا الترتيب الجديد عزز التنسيق بين مختلف فروع الجيش، الذي فشل في التنسيق بين وحداته أثناء النزاع الجورجي.
تدبير آخر شهدته الكتائب الثقيلة الحركة باستبدالها بأنصاف ألوية كبيرة، لتحسين القدرة على الحركة والمناورة. وقال ليتوفكين إن إدخال ألوية من الجيش الروسي للتدرب في المنطقة الجبلية بالقوقاز، عزز القدرة على المناورة.
إغراءات استخدام القوة؟
في الوقت الذي تستدعي فيه إنجازات الجيش الروسي الرضا لدى قيادة البلاد السياسية، هذه القوة تسبب بعض القلق لدى الآخرين. فكلما أصبح الجيش الروسي أقوى، كلما ازدادات قدرة موسكو على ممارسة الضغط السياسي على الدول الأخرى.
وتشير تقديرات الخبراء، إلى أن الاتجاه السائد في السنوات الأخيرة الماضية، سيستمر مع المزيد من تطوير روسيا لقدراتها التقليدية، لتصبح أكثر ثقة وجرأة. إلا أن الكثيرين لا يرون في تحديث الجيش الروسي تهديدا، إذ أن الأمر لا يزيد عن كونه حاجة أساسية لأي بلد يسعى لتحقيق الأمن والمشاركة في السياسة الدولية.
ويقول فيكتور ليتفوكين "عندما يملك الدبلوماسيون النفوذ الذي يمثله جيش قوي، سينتج عن ذلك تأثير معين، ولكن هذا لا يعني أن روسيا ستستخدمه بالضرورة".
إن وجود جيش مدرب جيدا ومنظم، سيسمح لروسيا بحماية مصالحها في مناطق حيوية لضمان أمنها الوطني. ففي سوريا على سبيل المثال، ساعد نشاط الوحدة الجوية الروسية الدبلوماسيين في التوصل إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية على نطاق واسع، وإطلاق العملية السياسية في البلاد.