تغييرات إعلامية جذرية في مصر قريبا
أثار قرار الإطاحة بالإعلامي المصري إبراهيم عيسى من قناة "القاهرة والناس"، من خلال وقف برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، حالة من القلق في صفوف عدد كبير من الإعلاميين في القنوات الفضائية الأخرى، فيما أكدت مصادر حكومية مسؤولة، حدوث تغييرات كبيرة في الساحة الإعلامية المصرية خلال الأيام المقبلة، خاصة بعد تشكيل "الهيئة الوطنية للإعلام" و"الهيئة الوطنية للصحافة"، نهاية شهر يناير/كانون الثاني الحالي. إلى جانب تدخّل مجلس النواب والسلطة السياسية بشكل مباشر في الحياة الإعلامية. فشهدت مثلاً الجلسة العامة لمجلس النواب المصري، في التاسع عشر من الشهر الماضي، هجوماً عنيفاً على عيسى، حيث اتهمه نواب بـ"هدْم الدولة" و"ارتكاب عدد من التجاوزات ضد رئيس مجلس النواب وأعضاء البرلمان عبر البرنامج". وطالب وزير الشؤون القانونية المصري، المستشار مجدي العجاتي، الحكومة، بأن تأخذ موقفاً إدارياً حيال القناة، ولم يتأخّر قرار وقف برنامجه بعدها.
وهناك توقعات بغلق جريدة المقال اليومية، التي يرأسها إبراهيم عيسى وتشريد المحررين والعاملين فيها، حيث من المتوقع توجيه اتهامات لها بالتطاول على النبي وأصحابه وزوجاته من قبل الأزهر وعلماء الدين، حتى يكون ذلك مبرراً لغلقها، بسبب رفض العلماء لوجودها، وهو ما سوف يحدث خلال الأيام المقبلة.
وتوقّع المصدر ظهور شخصيات إعلامية جديدة خلال الساعات المقبلة، سواء في "الإعلام" أو "الصحافة" تعمل على خدمة النظام خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل حالة الانتقادات الكبيرة التي يواجها أركان نظام "عبد الفتاح السيسي"، خلال الفترة الماضية، بسبب حالة الانفلات التي تشهدها البلاد، نتيجة ارتفاع الأسعار والانفلات الأمني في كافة مجالات الحياة.
وقال المصدر إن عيسى اعتاد، خلال الأيام الماضية، على انتقاد عبد الفتاح السيسي داخل الغرف المغلقة، بفشله في إدارة البلاد، سواء من الناحية السياسية أو الأمنية، مطالباً بضرورة محاسبته على كافة الأحداث التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي.
وأضاف أن عيسى اعتاد على ذلك علناً من خلال برنامجه والضيوف الذين يستضيفهم، والذين يؤكدون أن البلاد على حافة الهاوية بسبب كثرة الأزمات اليومية التي يتعرض لها الكثير من المواطنين، باعتباره (السيسي) المسؤول الأول عن أفعال الحكومة، فضلاً عن اتهامه بأنه وراء اختيار وزراء ليس لهم أي دور في الحياة وأياديهم "مرتعشة"، وهو ما أدى إلى حالة من الانفلات الأمني وزيادة كبيرة في العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد حالياً.
فيما أكد مسؤول إعلامي، أن عدداً كبيراً من أصحاب القنوات طالبوا عدداً من المذيعين العاملين معهم، بالالتزام بالخط الأحمر المعدّ لهم، وعدم تجاوزه خلال الفترة المقبلة، خوفاً من حدوث أي ضغوط عليهم. وقال المسؤول الإعلامي إن أصحاب تلك القنوات أكدوا "أن كل شخص سوف يكون مسؤولا عن نفسه في أي تجاوز".
يذكر أن ضغوطا مُورست على الإعلامي طارق نور، صاحب قناة "القاهرة والناس"، بضرورة الإطاحة بالإعلامي إبراهيم عيسى فوراً، وهو ما تم بالفعل. وربط البعض بين إلغاء معرض الأثاث "لو مارشيه" الذي ينظمه سنوياً طارق نور، والذي كان يفترض إقامته يوم 22 ديسمبر الماضي، ما كبده خسائر تقدر بملايين الجنيهات وبين الإطاحة بـ "عيسى".
من جانبه، قال أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين، إن تشكيل المجلس الوطني للإعلام، الهدف منه تكميم أفواه جميع الإعلاميين من انتقاد النظام، مشيراً إلى أن الإطاحة بـ "عيسى" لن تكون الأخيرة ولكن هي البداية، موضحاً أن الإعلام يجب أن يكون مستقلاً وأن ينتقد ما يراه، لكونه "مرآة المجتمع"، وهو ما أكد عليه الدستور المصري الجديد، وبالتالي لا توجد وزارة للإعلام، لكن ما حدث مؤخراً والموافقة على قانون الإعلام هو البديل لوزارة الإعلام.
وأشار إلى أن مصر يجب أن تكون دولة قانون وأن المخطئ يحاسب، وإذا ثبت أن عيسى أخطأ فيما قاله في برنامجه يُقدَّم للقضاء، ولكن القضية أن هذا للأسف لن يحدث عندنا إطلاقاً، الموجود في مصر، إما "الدبح" أو السجن. لافتاً إلى أن عيسى اعتاد على دخول "عش الدبابير" وانتقاد النظام، ووضح ذلك جلياً منذ الموافقة على ترسيم الحدود البحرية مع السعودية والموافقة على نقل جزيرتي "تيران وصنافير" إلى الحدود السعودية، متوقعاً المزيد من الخلافات والمشاكل التي سوف تثار إعلامياً، خلال الفترة المقبلة، في ظل قرب الحكومة التنازل عنها رسمياً بعد موافقة البرلمان، وهو ما أدى إلى وقف برنامج إبراهيم عيسى، تمهيداً لإلغاء برامج أخرى تنتقد تنازل مصر عن جزء من أراضيها.