إسرائيل والمزاج الدولي المساعد

07.07.2016

ظهر في الأسابيع الأخيرة عدد من المؤشرات في السياسة الدولية تجاه إسرائيل، حملت من المعاني ما قد يدعو الى الالتباس، لتراوحها بين إشارة إيجابية وأخرى سلبية.

الإشارة الأولى ظهرت في ظل تمتين علاقات إسرائيل بروسيا وتطبيعها مع تركيا. فبينما أخذت القوى اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية تزداد تطرفاً، بقدوم أفيغدور ليبرمان إلى مقعد وزارة الأمن الإسرائيلية (المسماة وزارة الدفاع)، وبينما كان المزاج الداخلي في إسرائيل يميل في هذا الاتجاه أيضاً، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو استقبالاً دافئاً، في الشكل والمضمون، في وقت يفترض فيه وجود تناقض بين مصالح كل من روسيا وإسرائيل، ازاء ما يحدث في سوريا على الاقل.

في المقابل، وفي وقت كانت إسرائيل قد أقفلت فيه الباب نهائياً في وجه تركيا إزاء التجاوب مع شرطها الرئيس لتحسين العلاقات، والمتمثل برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة رفعاً كاملاً، راح التقارب التركي الإسرائيلي يأخذ مداه وصولاً إلى «تطبيع» العلاقات مؤخراً، برغم عدم التجاوب مع الطلبات التركية كافة.

غير أن ذروة المؤشرات السلبية هذه جاءت من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث صوتت غالبية من دول الجمعية العمومية على تسليم رئاسة اللجنة القانونية في المنظمة الدولية (واحدة من ست لجان) إلى إسرائيل بالذات، التي بات مندوبها داني دانون على رأس اللجنة المذكورة. وقد جاء في تفاصيل الخبر هذا أن بعض الدول العربية طالبت بأن يكون التصويت سرياً، وهكذا كان، ليتبين في ما بعد أن أربعاً منها صوتت إلى جانب ترؤس إسرائيل لجنة القانون، المسؤولة عن مراقبة تطبيق القانون الدولي في أنحاء العالم كافة. وبرغم عدم الكشف عن أسماء هذه الدول، يُرجّح أن تكون بينها دول عربية مركزية.

المؤشرات تلك كانت بالغة الإيجابية تجاه إسرائيل، كما عوّدنا المجتمع الدولي منذ ما قبل تأسيس الدولة الصهيونية على أرض فلسطين. لكن مؤشراً واحداً رابعاً بدا مغايراً لما ذُكر نوعاً ما، وهو ذاك المتعلق بالمبادرة الفرنسية لإيجاد حل للصراع عن طريق إنشاء الدولتين. علماً أن الولايات المتحدة غضت الطرف عن تعطيلها، بموازاة موافقة دول الاتحاد الأوروبي عليها.

هل يمكن أن نضع هذا المؤشر الذي يحمل «شبهة سلبية» تجاه إسرائيل، في ميزان يقابل المؤشرات الأخرى، شديدة الإيجابية حيال الدولة العبرية؟

الإجابة تكمن في افتراض أن المبادرة الفرنسية ليست في السياق التاريخي الراهن أكثر من «تكتيكٍ» تمارسه دولة استعمارية قديمة، تريد أن تشارك في الجولة الجديدة لإعادة تقسيم دول المنطقة العربية، بعدما تبخّر نصيبها الناتج عن الجولة القديمة، في أعقاب الانتصار في الحرب العالمية الأولى.

إن رئاسة إسرائيل للجنة القانون في الأمم المتحدة هو العنوان الرئيس لكل هذه المؤشرات (وبمشاركة عربية هذه المرة). فالدولة العبرية كوفئت بتعيينها رقيباً على القانون الدولي، بدلاً من أن تُحاسب على خرقها الدائم لهذا القانون، بل تناقضها الكامل معه، منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.

جريدة "السفير"