روسيا وتركيا والقضية الكردية

30.06.2016

تمد تركيا يدها لروسيا الآن نتيجة لمتغيرين جديدين، الأول يتعلق بردة الفعل على الفشل التركي  بدخول الاتحاد الأوروبي، والثاني يتعلق بخطط الولايات المتحدة "خلق فيدرالية" كردية  في سوريا بقيادة أمريكية.
سحق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي آمال أردوغان أكثر من أي وقت مضى في التوصل لاتفاق حول إلغاء تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي (مشاكل أزمة المهاجرين)، والجهود المستمرة التي يبذلها رئيس الولايات المتحدة لمساعدة "قابلة إسرائيل الجيوسياسية كردستان" في قلب الشرق الأوسط ، الأمر الذي يشكل تهديدا وجوديا على المدى الطويل للدولة التركية.

بعد أن بدأ أردوغان بتمهيد الطريق لاحتمال العودة منذ أكثر من شهر من خلال  استبدال داود أوغلو بيلدريم (وإعداد رئيس وزراء تركيا السابق ليكون "الرجل المسؤول" عن إسقاط الطائرة الروسية فوق سوريا)، أردوغان يلعب أوراقه الحقيقية في صياغة "وثيقة تأمين جيوسياسية" في حال لجأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإجراءات  ضده.
ما يفعله الزعيم التركي هو تقديم عرض لنظيره الروسي عن طريق كسر الجمود بإعادة الحياة إلى خط أنابيب السيل الجنوبي في مقابل رفع التدابير الاقتصادية ضد تركيا. كما أن البلد بحاجة ماسة للسياح الروس لتجديد الاقتصاد المتهالك، الذي يسبب تزايد المعارضة المدنية ضد الحكومة.

أما بالنسبة لمصالح روسيا، فهي تريد من الإدارة التركية أن تستفيد من خيبة الأمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. حتى أن هناك فرصة أن تتوجه تركيا نحو الشرق، أي من خلال محاولة اكتسابها عضوية منظمة شانغهاى للتعاون أو من خلال  اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوراسي. كل من هذه الاحتمالات سيكون مفيدا للإستراتيجية الروسية الكبرى لتفكيك النظام العالمي أحادي القطبية.
من حيث صلة الموضوع بالقضية الكردية، فأنقرة تريد من موسكو أن تدعم بحزم السلطات السورية في حملتها الوشيكة ضد داعش  لتحرير المناطق التي تحتلها الآن الأحزاب الكردية وتريد من خلالها تشكيل كيانها غير القانوني. تركيا لن تغزو سوريا عسكريا لوقف هذا المشروع الأمريكي المدمر، حتى أنها اعتمدت على المقاتلات الروسية ودعم القوات الخاصة لمساعدة الجيش السوري خلال عملياته المقبلة.
التنازل الرئيسي لتركيا هو أنها ستقبل ضمنيا بقيادة الرئيس الأسد (على الرغم من أنها أمام  الجمهور توجه تصريحات عكس هذا) طالما نجح الجيش العربي السوري في سحق حليف الولايات المتحدة "الثاني" والوكيل الجيوسياسي لإسرائيل "كردستان" بمساعدة روسية.

وفي ملاحظة أخيرة تتعلق بقضية "كردستان"، هناك فرصة متوسطة الأجل من قبل سوريا وإيران والعراق وتركيا – وكلها دول تواجه حاليا حركات كردية انفصالية مسلحة - للتنسيق معا تحت الراية الروسية وتدمير هذا الخطر المسلح وفرض نزع سلاح الجماعات الانفصالية الكردية الموالية للولايات المتحدة في المنطقة. إذا وجد هذا الاحتمال طريقا له، يمكن عندها وضع الأساس الهيكلي للحصول على إصدار جديد للشرق الأوسط في مرحلة ما بعد داعش من مؤتمر فيينا.