روسيا والولايات المتحدة: من الاتحاد السوفيتي إلى العالم الروسي
روسيا ليست الاتحاد السوفيتي. كان الاتحاد السوفييتي أقوى دولة في التاريخ من الناحية العسكرية، كما أنه أنتج المزيد من الأسلحة من جميع الأنواع ضد العدو الرئيسي، الولايات المتحدة الأمريكية، باستثناء حاملات الطائرات فقط، والتي لم يكن الاتحاد السوفيتي بحاجة لها لأنه لم يكن يريد استعراض قوته على الجانب الآخر من العالم عبر المحيطات. ولكن الولايات المتحدة كانت تريد، وما زالت تريد إظهار قوتها في المناطق البعيدة من العالم. وكان للاتحاد السوفيتي أيضا إستراتيجية ذكية بشأن حاملات الطائرات الأميركية تتجنب بناء الكثير من السفن المماثلة والمكلفة، وبدلا عنها قاموا بتصنيع صواريخ الطرادات لإخراج حاملات الطائرات الأميركية من الخدمة في حال نشوب نزاع. من الناحية التكنولوجية، كان الاتحاد السوفيتي متطورا أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية في بعض التقنيات العسكرية، بينما في حالات أخرى كان على نفس المستوى مع الولايات المتحدة، وفي بعض الحالات متخلفا عنها. ولكن بشكل عام كان لديه مؤشرات تفوق في جميع الاختصاصات (باستثناء حاملات الطائرات)، وخاصة بما يتعلق بالتكنولوجية للتعويض عن تلك الحقيقة. والأهم من ذلك، كان الاتحاد السوفيتي متطورا أكثر في الأسلحة النووية من حيث العدد والتكنولوجيا منذ منتصف عام 1970.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي (بسبب الخيانة)، وجدت روسيا نفسها متخلفة عن الولايات المتحدة الأمريكية في جميع المجالات العسكرية بعد خمس سنوات، سواء من الناحية العددية أو التكنولوجية مع استثناء واحد هو الأسلحة النووية. وكانت هذه الصواريخ السوفيتية الباليستية الكبيرة العابرة للقارات هي التي أنقذت روسيا من التقسيم. الآن لحقت روسيا بالولايات المتحدة من الناحية التكنولوجية في جميع المجالات، وتتفوق عليها في بعضها. وعلى النقيض من العهد السوفيتي، لا تزال روسيا متخلفة عن الولايات المتحدة من الناحية العددية في عدة فئات (ومرة أخرى باستثناء الصواريخ النووية). لكن روسيا لا تحتاج إلى قوتها في أماكن بعيدة كما قلنا أعلاه. ولكن قوتها يكفي للحفاظ على جميع الأراضي الأوراسية وطرد الأمريكان إلى خارج حدودها ومن دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وعلى الصعيد الاقتصادي، حققت روسيا تقدما كبيرا خلال العقد الماضي بفضل صادرات النفط والغاز. ولأن الولايات المتحدة أعلنت الحرب على روسيا من خلال فرض العقوبات، وحتى أكثر من ذلك من خلال الضغط لتخفيض أسعار النفط (وساعدها في القيام بذلك الحكومة التابعة لها في السعودية). "شركائنا" الأمريكان أجبروا بلدان أخرى في أوروبا للانضمام إلى العقوبات وتخفيض التجارة البينية. كما غيروا قواعد (صندوق النقد الدولي) والبنك الدولي لا تستعيد روسيا الأموال التي أقرضتها لأوكرانيا قبل الانقلاب النازي في كييف. كما أجبر "شركاؤنا" البنوك والمؤسسات لعدم السماح بإعطاء القروض لروسيا. كل هذا لأن روسيا لا تقبل بالمجلس العسكري النازي في كييف، وكذلك لا تقبل بالهيمنة الأمريكية. وكل حديث الولايات المتحدة الأمريكية عن "حرية الأسواق" ليس سوى وسيلة من وسائلهم لاستخدام الشركات والمؤسسات الاقتصادية للهيمنة على الدول الأخرى.
روسيا يجب أن تتخلص من التبعية الاقتصادية للغرب. فهي ليست جديرة بالثقة وهذه حقيقة ثبتت عدة مرات وبالتالي يجب أن يكون البنك المركزي الروسي تابعا للحكومة الروسية.
روسيا أيضا أكثر ديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية التي بنت مجدها على دماء الأبرياء. قتلت 95٪ من سكان أمريكا الأصليين، ونصف سكان المكسيك المجاورة، أسقطت قنبلتين نوويتين على أهداف مدنية في اليابان عندما هزمتها الولايات المتحدة ، غزت أو نظمت انقلابات في أكثر من أربعين دولة منذ عام 1945، خطفت بعض الروس (وغيرهم) في جميع أنحاء العالم، وزجت بهم في سجون زائفة، وكسرت كل العهود الموثقة. وتظن أنها جديرة بالثقة ؟
مجرد نظرة سريعة على ما يسمى الديمقراطية الأمريكية تكشف أنها ليست ديمقراطية على الإطلاق. الرئيس ينتخب بنسبة أقل من 25٪ من الناخبين، وعلى الناس أن تصوت في عملية معقدة ومنحازة ضد السود واللاتينيين. وبالتالي، لا يحصل الجميع على فرصة للتصويت. ، فقط حوالي 50٪ من المسجلين يصوتون وينتخبون الرئيس مع نظام غريب وغير ديمقراطي. هناك فقط نوعان للأحزاب يتناوبان على السلطة، والفرق بين هذين الحزبين هو الحد الأدنى. في الواقع، لا يوجد أي خيار على الإطلاق. "هل يجب علينا إنفاق 100 مليار دولار على التسليح أم 102 مليار؟ هل يجب علينا غزو العراق أولا وإيران في وقت لاحق أم إيران أولا والعراق فيما بعد؟ هل يجب علينا دعم إسرائيل أم يجب علينا إدانة فلسطين؟ هل بوتين "الفاشي القاتل" أو "القاتل الفاشي"؟ " هذه هي "الخلافات" وبناء عليها يتم "الاختيار" بين الحزبين الأمريكيين. في روسيا، يوجد على الأقل أربعة أو خمسة أحزاب مع بعض الاختلافات الحقيقية في الأجندات السياسية لكل منها، مع استثناء واحد، ولو لمرة واحدة كما آمل- فروسيا لا تخون بلدها (نظريا على الأقل)، و "بلدها" ينبغي أن يعني نوفاراسيا ومالوراسيا.
ماذا يمكننا أن نتعلم من كل هذا؟ يقول البعض أن روسيا يجب أن تبقى ضمن "حدود روسيا"، ولكن "حدود روسيا" اليوم أقل مما هي عليه روسيا اليوم. "روسيا العادلة" تشمل روسيا البيضاء ونوفاراسيا ومالوراسيا وترانسنيستريا ودول البلطيق وآسيا الوسطى. كل هذه المناطق لا يجب أن تكون داخل الاتحاد الروسي، ولكنها يجب أن تكون موالية لروسيا وداخل العالم الروسي. بلد منذ أكثر من 1000 سنة من التاريخ، يمتد من منطقة الكاربات إلى المحيط الهادئ ومن القطب الشمالي إلى آسيا الوسطى ليس "مجرد أي بلد"! يشمل العالم الروسي 200 مليون نسمة، حوالي 50 مليون شخص منهم يتواجدون اليوم خارج روسيا الحالية، ولكن مع ذلك هم من الروس، سواء كانوا يعرفون ذلك أم لا، ويجب أن يكونوا ضمن روسيا. ولبناء "حدود روسيا"، فإن الخطوة الأولى الأكثر أهمية هي تحرير كل من نوفوروسيا، من خاركوف إلى أوديسا، و مالوروسيا، من المجلس العسكري النازي في كييف.