انتصار حلب .. أطفأ أضواء إيفل .. وأضاء قلوب السوريين
عندما دخلت جبهة النصرة إلى مدينة حلب منذ أربع سنوات، وبدأت بقصف الأحياء السكنية التي لا تخضع لسيطرتها وقتلت مئات السوريين، لم تطفئ فرنسا أضواء برج إيفل، بل استمرت مع باقي أصدقائها الأطلسيين بمعاداة الجيش السوري الذي يحارب جبهة النصرة وداعش في كل أرجاء سوريا. معتبرين أن جبهة النصرة وباقي الفصائل التي تقاتل معها حققت "نصرا" لهم بدخولها مدينة حلب أهم المدن السورية.
وجاء صمود وتصميم الجيش السوري ومعه الحلف الأوراسي ليشكل حاجزا أمام المخطط الأطلسي وأدواته في السيطرة على ما تبقى من حلب وسوريا، وفي عام 2015 وخاصة بعد دخول القوة الجوية الروسية في المعركة، بدأت القوات السورية رحلة استعادة مدينة حلب، حيث تمكنت من التقدم ومحاصرة الأحياء التي تسيطر عليها جبهة النصرة وباقي الفصائل الحليفة معها منذ 3 شهور، وبدا واضحا أن طرد جبهة النصرة من مدينة حلب أصبح مجرد وقت، وشكل هذا الأمر انزعاجا وتوترا كبيرا في الدوائر الغربية التي شعرت أن الجيش السوري والمحور الأوراسي قد حققا الانتصار الذي سيغير مسار المعركة في سوريا والمنطقة بأسرها، ولأول مرة في تاريخ باريس، أطفأت باريس مساء الأربعاء 14 ديسمبر، الأضواء الشهيرة لبرج إيفل، بحجة أنها "متضامنة مع السوريين" وحزينة عليهم، مع العلم أنها أغلقت سفارتها بوجههم منذ بداية الأزمة السورية، وذلك بعد أن سيطر الجيش السوري على معظم الأحياء التي تتواجد فيها جبهة النصرة، وكأنه يوم نكسة بالنسبة لفرنسا، وطبعا هذه الحالة من اليأس كانت تسود في كل الأوساط الغربية التي تدعم كل من يقاتل الجيش السوري.
هي حلب تكتب التاريخ الجديد لحروب المنطقة وتعيد صياغة المعسكرات والشعارات والتحالفات، ومع كل ذلك تعيد رسم الأدوار، فالحسم في حلب سيعجّل الحسومات التالية له، وهذا المشهد يتضمن تفاصيل أخرى، فلم تنتهِ الحرب عند تلك المدينة الأهم، كون الإرهاب ينتشر في مناطق أخرى. وهنا أكد أن المشغلين الدوليين سيستنزفون أدواتهم الإقليمية بكامل مقدراتها، والمشغلين الإقليميين سيستنزفون المسلحين حتى خيار التخلي المذل عنهم كما حدث في حلب.
وخرجت مسيرات جماهيرية حاشدة في شوارع مدينة حلب أمس الخميس 22 ديسمبر/كانون الأول فور إعلان الجيش السوري إعادة الأمن والأمان إلى المدينة بعد تحريرها من المسلحين. وطافت المسيرات مختلف الشوارع ابتهاجا بانتصار الجيش وحلفائه على المسلحين ودحرهم من المدينة، وحمل المشاركون الأعلام ورددوا هتافات "تحيي هذا النصر الكبير"، إلى ذلك رفعت المساجد الأذان وقرعت الكنائس أجراسها في عموم مدينة حلب ابتهاجا بالنصر.
انتصار حلب أنار قلب السوريين في كل مكان، أنار قلب كل الأمهات التي خسرت أبنائها في هذه الحرب، وأعاد الأمل لكل سوري يأمل في أن يرى سوريا وهي تلبس ثوب الياسمين، ويمكن القول الآن أن ما بعد تحرير حلب، سيكون للتاريخ السوري قصة انتصار إسطوري ستروى للأجيال القادمة.