معنى التعددية القطبية - المنهجية والمؤشرات 1-2
تميزت السياسة العالمية المعاصرة بالنضال الكبير لقوى التعددية القطبية من أجل تحقيق التوازن في العلاقات الدولية، في نفس الوقت الذي تسعى فيه تلك القوة الحالية أحادية القطبية بقوة للمقاومة وتقاتل من أجل الاحتفاظ بهيمنتها. ونتيجة لهذه النزاعات الشرسة في المنافسة حول التعددية القطبية فقد أصبح عدم الاستقرار العالمي سمة لهذا العصر الحديث، وسبب ذلك الدخول في بداية حرب باردة جديدة. سواء أكان ذلك في الحرب على سوريا أم في حرب العملات أم في الحرب على دول "بريكس". وتسعى الولايات المتحدة بكل الوسائل للحفاظ على النظام العالمي الأحادي القطب الذي شيدته منذ نهاية الحرب الباردة القديمة. وأصبحت الحروب المختلطة، سواء الاقتصادية أو الإعلامية، برنامج عمل لشن سلسلة من المعارك غير المتكافئة في جميع الجبهات.
وواضح أن ما يحدث لم يسبق له مثيل في التاريخ، ولا يمكن للغالبية الساحقة من المحللين وحتى المتحمسين منهم متابعة ذلك، ناهيك عن المراقب السلبي، لذلك ما هو مطلوب من أجل إعطاء معنى لهذا كله هو تبسيط العمليات المختلفة التي تجري حاليا لتشكيل رؤية صلبة لتعريف ما يشكل بالضبط التعددية القطبية. موضوع الدراسة غني بالتفاصيل ومن المستحيل تغطيته بشكل شامل حتى في نطاق هذه السلسلة من المقالات الطويلة، ولكن الهدف هو جعل القارئ يتزود بفهم واسع عن الاختلافات بين القطبية الواحدة والتعددية القطبية. من هذه الزاوية التأسيسية من حيث المعنى، يمكن للأفراد تصنيف البلدان في أحد المعسكرين الأحادي القطبية أو المتعدد القطبية، وهذا بدوره يسهل المعرفة لتحديد فيما إذا كان الحدث هو أكثر ملاءمة للقوى أحادية القطبية أو المتعددة القطبية في العالم. أحيانا يكون من الصعب جدا أن يصنف الحدث في أي من هاتين المجموعتين ، ولكن في هذه الحالة يجب التأكيد أن هذا الموضوع هو مصدر منافسة شرسة بين الجانبين ونقطة محورية في الحرب الباردة الجديدة.
يبدأ البحث من خلال شرح الفرق بين الأحادية القطبية و التعددية القطبية ، وتسليط الضوء على أهم العوامل الخمسة ذات الصلة التي يمكن تحليلها لتقييم أي جانب يمكن لبلد معين أن يقع فيها. وهو يشمل أيضا الدور الثلاثي لنظام النخبة العسكرية السياسية ويدل على أن هذه المجموعات الأقل تحديدا بكثير من المؤشرات يمكن أن تكون في بعض الأحيان أكثر دقة. وبعد وضع الأساس لبقية البحوث، فإن الجزء الثاني ينقسم إلى سلسلة من المقاطع التي تحتوي على الملامح الإستراتيجية لحفنة من الدول الرائدة في جميع أنحاء أوراسيا، وذلك باستخدام منهجية قبل تصنيفها مع القطب الواحد أو المتعدد القطبية أو المتنازع عليها. وأخيرا، فإن الجزء الأخير من الدراسة يوضح طبيعة المنافسة في الحرب الباردة الجديدة حيث تجري حاليا مغازلة الدول المتنازع عليها والسبب في أنها ساحات المعارك الأكثر محورية في القرن الـ21.
الأنظمة العالمية
على الرغم من أنه قد يبدو مفرطا في التبسيط أن نقول إن كل زعزعة للاستقرار في جميع أنحاء العالم ترجع بطريقة أو بأخرى إلى محاولات عالم القطب الواحد العمل على مقاومة ظهور محور متعدد الأقطاب. هذا التقسيم الميتافيزيقي يثير أسئلة مشروعة حول الخصائص المميزة لكل محور، والتي تجب دراستها مفصلا في وقت لاحق.
الاختلاف
المحور الأحادي القطبية يتألف من الدول والجهات غير الحكومية ( مجال المعلوماتية ومجال المنظمات غير الحكومية ومجال اقتصاد القطاع الخاص، وما إلى ذلك) هي مشتركة أو ترغب أن تكون مشتركة بالحفاظ وتعزيز النظام القائم الذي تقوده الولايات المتحدة في العلاقات الدولية. إما أنهم يستفيدون بالفعل من مثل هذا الترتيب، أو أنهم قد ضللوا بالاعتقاد لكي يفعلوا ذلك. قوى المحور متعدد الأقطاب، من ناحية أخرى، تريد تغيير النظام العالمي إلى شيء أكثر إنصافا وتريد إعادة هندسة هياكلها بحيث يكون من السهل بالنسبة لها تفعيل المصالح الإستراتيجية الكبرى الخاصة بهم. الترتيب العالمي الحالي يعوق تنمية هذه الدول ويبقيها في موقف الخنوع أمام الولايات المتحدة وأتباعها.
المعايير
في هذه اللحظة التاريخية فإن الوسيلة الأكثر دقة لتحديد المحور الذي تنتمي له دولة ما أو تميل أكثر نحوه يعتمد على التقييم من خلال المؤشرات الخمسة ذات الصلة، والتفاصيل تختلف على أساس كل حالة على حدة. القائمة المتقدمة هي مثال على طريقة إسقاط هذه المؤشرات، على الرغم من أنها أبعد ما تكون عن كونها شاملة وكاملة تماما. وبدلا من ذلك، فإن القصد من ذلك هو توفير الإطار الأساسي الذي يمكن استخدامه من قبل المحللين في تصنيف الدول كأحادية القطب أو متعددة القطبية، وتقدم اقتراحات لوسائل القياس العلمية. بدءا من أقل عامل يمكن الاعتماد عليه والتقدم باتجاه الأقوى وهي:
وسائل الإعلام
السياسة التحريرية لوسائل الإعلام الممولة من القطاع العام أو من القطاع الخاص وخاصة التي يكون مقرها داخل البلد تكشف الكثير عن الاتجاه الذي تريده نخبها (سواء من الناحية السياسية للبقاء في السلطة، بالتآمر للدخول إلى السلطة أو البقاء خارج السلطة) أو المكاسب التي يرغبون في الحصول عليها في المستقبل القريب . إنها ليست المؤشر الأكثر موثوقية، لكن انتشار وسائل الإعلام البديلة في العالم من وسائل الإعلام (التابعة للدولة أو المتأثرة بالمنظمات غير الحكومية ، أو المستقلة) يمكن أن تعوض الآثار الإعلامية ، وهي على الأقل توفر نقطة انطلاق للحصول على فكرة عن التصرف العام في البلاد.
خلافا لمتابعة التلفزيونات والإنترنت والصحف المطبوعة ومنصات الراديو في البلد المعني فإن الانطباع الشخصي حول ما إذا كان التأثير المشترك لهذه الوسائل الإعلامية يصب باتجاه الأحادية القطبية أو متعددة القطبية، يمكن للباحثين المهتمين ابتكار منهجية لاختبار عدد من القصص من أصل مجموعه معينة لاستكشاف التعاطف مع أية أيديولوجية. العوامل المهمة لتحديد الاتجاه قد تختلف تبعا للبلد المعني، وحسب التركيز الموضعي (الإقليمي / العالمي) ، ولكن يمكن للأفراد المخضرمين معالجة هذه السياقات وخلق الاختبارات المخصصة التي تؤدي إلى نتائج ذات صلة.
وفي النهاية ، على الرغم من الصورة التي يجري بثها للاستهلاك المحلي والتي قد تكون مختلفة عن هذا الواقع المحلي، ولهذا السبب تعتبر وسائل الإعلام أقل المؤشرات التي يعتد بها في بلد ما، مع أنه لا ينبغي على الإطلاق الاستهانة بها، لأنها سلاح قوي في بعض الأحيان لأغراض الثورة الملونة تحت ظروف معينة.
العامل الاقتصادي
هذا العامل أسهل بكثير للتحديد والتوضيح، لأنه يتعامل ببساطة مع الشركاء التجاريين والاستثمارات الرائدة في البلاد. هناك فرق في الأهمية بين الدول التي تستورد منها وتصدر إليها بالمقارنة مع تلك التي تستثمر فيها والتي تستثمر معها، ولكن أحكام الباحثين في جعل هذا التمايز ذا تأثير متناسب يعتمد على المؤشرات الفرعية على أساس كل حالة على حدة، كما أنها ربما تؤدي لقياس هذه المؤشرات ووضعها على شكل بيانات صالحة للاستخدام بغرض المقارنة. للقيام بذلك، يجب مراعاة الحجم الاقتصادي، كما ينبغي وضع البلد الذي تتم دراسته في الترتيب الاقتصادي العالمي وحسب التسلسل الهرمي الاقتصادي، ولكن مرة أخرى فالأمر متروك لتقدير الباحث في دراسة هذا العامل.
والسبب في ضرورة التحدث عن جميع المؤشرات المذكورة أعلاه لأن بيانات الاقتصاد الخام في بعض الأحيان لا تقدم صورة كاملة عن المسار الاقتصادي للبلد. إنها حقيقة معروفة أن الصين ذات سلسلة من مشاريع البنية التحتية العالمية تهز العلاقات القائمة مع الاقتصادات المتطورة، ولأنها مجرد دولة لا يزال لديها علاقات مع الولايات المتحدة وألمانيا أو أية دولة غربية أخرى كأكبر شريك اقتصادي في وقت الدراسة لا يعني أن هذا قد لا يتغير في المستقبل القريب أو أن تحولا كبيرا قد يحدث في الوقت الحاضر. لذلك تحتاج التحليلات إلى أن تكون أكثر شمولية وتأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الممكن قياسها فيما إذا كان اقتصاد البلد هو أقرب إلى القطبية الأحادية أو القطبية المتعددة.
وعلاوة على ذلك، بغض النظر عن انتماء بلد ما إلى أي من الاثنين، فهذا لا يعني أن الحكومة سوف تتبع بالضرورة العامل الاقتصادي وترمي بثقلها وراء الرؤية الميتافيزيقية لهذا المحور أو ذاك.
المؤسسات الاقتصادية:
المؤسسات التي يختار البلد الانضمام إليها هي مؤشرات قوية على التزام الحكومة بالتحالفات القطبية ذات الصلة مما يجعلها تمثل العامل الأوضح على الإطلاق الذي يمثل التموضع ذي القطبية الواحدة أو المتعدد القطبية. على سبيل المثال، فإن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية كانت مجرد أدوات للسلطة أحادية القطبية في الماضي، أصبحت اليوم من خلال إشراك كل الدول تقريبا في العالم بدرجات متفاوتة في هذه المجموعات تعبر عن أهم مبادئ الهيمنة الأمريكية - الليبرالية الاقتصادية والعولمة حيث أصبحت في كل مكان تقريبا، وتمارس أيضا بشكل أو بآخر من قبل القوى العظمى متعددة القطبية في العالم.
في الواقع، وفي مكان قريب من هذه المبادئ يمكن أيضا أن تستخدم هذه المؤسسات في إضعاف هيمنة القطب الواحد للولايات المتحدة إذا ما طبقت بالطريقة الصحيحة، مع رؤية الحزام الواحد والطريق الواحد للصين مثالا للعولمة متعددة القطبية. ليس لنا الحق في إصدار الحكم حول ما إذا كان هناك "حق" في استخدام الليبرالية الاقتصادية والعولمة في حالات محددة ومنضبطة لإعادة هيكلة النظام العالمي، ولكن بصفة عامة فإن المؤسسات البديلة مثل بنك "بريكس" الجديد للتنمية ، وصندوق احتياطي العملة، وبنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية وظائف تحاكي نظيراتها في القطبية الواحدة / الغربية، وكثيرا ما يعمل فيها المدراء التنفيذيون السابقون في تلك المنظمات نفسها.
ظاهريا، قد يبدو وكأن هناك الكثير من الفروق بين تطبيقات القطبية الواحدة والمتعددة القطبية من ناحية الليبرالية الاقتصادية والعولمة، ولكن القوى متعددة القطبية لم تعط الوقت الكافي لتثبت أن لديها القدرة على أن تكون نوعيا مختلفة إلى حد كبير عن / سابقتها الغربية أحادية القطبية. في الواقع، يمكن للمرء أن يلاحظ بأن إضفاء الطابع المؤسسي على بريكس بدأ باعتباره اختبار تشغيل لقياس جدوى التعددية القطبية وشجع الأعضاء إلى إعادة تشكيل نماذج أصغر من هذا النموذج الكبير على المستوى الإقليمي (مثل الاتحاد الأوراسي الذي تقوده روسيا) والمحور متعدد الأطراف الذي يتعاون عبر فئات اقتصادية مختلفة (مثل توسيع منظمة شانغهاى للتعاون لتشمل الهند).
الأمن والتكامل:
استمرار الخروج من ظل المؤسسات غير الاقتصادية، فإنه من المفيد التحدث عن نظيراتها من المؤسسات التكاملية والأمنية. الاتحاد الأوراسي الذي تم ذكره في السابق، مع منظمة شانغهاى للتعاون هما إصداران للقوى أحادية القطبية كان يحركها الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ولكن هناك فرقا كبيرا بين الإصدارات أحادية القطبية والإصدارات متعددة القطبية لهذه المؤسسات، وجزء من ذلك له علاقة بالوظائف المنوطة بهذه المؤسسات وبالنوايا وراء إنشائها. من المهم أن نلاحظ أن الإصدارات متعددة القطبية جاءت إلى الوجود بعد فعل نشط تم على مدى عقود، وأن الاتحاد الأوراسي ومنظمة شانغهاى للتعاون بالتالي لديها الوقت الكافي لتحليل أوجه القصور التشغيلية لأسلافهم وصياغة أكثر مرونة وأقل تعرض للهيمنة من المؤسسات الغربية.
ونظرا للطبيعة التحولية للعلاقات الدولية المعاصرة، فإن عضوية دولة ما في بعض المؤسسات هي من العوامل المهمة، لقياس أين تكمن الولاءات للأهداف الإستراتيجية الكبرى. ومع ذلك، فإنه لا يمكن التقليل من أن بعض البلدان قد تنضم إلى المنظمات من وجهة نظر الاهتمام بـ" الفوائد المتصورة "، أو أسوأ من ذلك لتخريب الشراكة "من الداخل من خلال التصرف كعملاء مزدوجين ". وفقا لهذه النقطة الأخيرة، يمكن لبلد أن يصبح أيضا عضوا مؤسسا لأسباب حقيقية ومشروعة ولكن فقط في وقت لاحق أن يكون دوره السياسي من خلال "الدولة العميقة" (الاستخبارات الدبلوماسية العسكرية البيروقراطية) هو اختطاف الشراكة من قبل الجانب الآخر كوسيلة تدمير للمنظمات من الداخل.
هذا لا يعني أن الدولة التي تسيطر عليها طفيليات ينبغي شطبها أو أن لا تصبح في أي وقت حليفا مرة أخرى في المستقبل، لأنه قد يتم طرد العملاء من مناصبهم، أو أن الدولة المحتلة استراتيجيا يمكن أن تعود لتكون عضوا بناء في المجتمع متعدد الأقطاب.
القاعدة
قد يبدو غريبا لبعض القراء أن تعطى القاعدة الشعبية الدور الثاني الأعلى في التسلسل الهرمي لتحديد التصرف باتجاه الأحادية القطبية أو المتعددة القطبية في بلد ما، ولكن الواقع هو أن السكان يلعبون دورا كبيرا في هذه العملية. على الرغم من أن المواطنين الغربيين حتى الآن لم يدركوا تماما القوة التي كانت تمارس في مجتمعاتهم، وقد بذلت حكوماتهم جهودا كبيرة على مدى العقدين الماضيين لنشر تكنولوجيا الثورات الملونة في جميع أنحاء العالم من خلال تجهيز النشطاء الحزبيين بالأدوات اللازمة لتفعيل الضغط الشديد على نحو غير متناسب ضد حكوماتهم لإكراهها بالتوجه نحو حظيرة القطب الواحد. أما إذا تم تسخير التكنولوجيا "المضادة للثورة الملونة" من قبل النشطاء في المحور المتعدد القطبية (تمثل إرادة الأغلبية) بطريقة منضبطة وتوصلت إلى تغيير النظام ، فإنه سيكون من الممكن لبعض المواطنين الغربيين وغيرهم تحرير بلادهم من تأثيرات القطب الواحد.
الكلمة الرئيسية الفاعلة هي كلمة "بعض" لأن هذا قد لا يكون ممكنا في الدول التي فيها الهيكلية "الدكتاتورية" صريحة مثل الولايات المتحدة. لشرح ذلك، في ظل عدم وجود مّد وطني كبير للاعتراض على القائمين بالثورات الملونة يمكن توظيف النشطاء عادة بدرجات متفرقة ومتعادلة مع قوة الدولة، ولكن في نظام مثل النظام الأميركي، يعتمد بانتظام شكلا من أشكال العنف غير المتناسب وغير المبرر. بالإضافة إلى ذلك، حتى لو كان هناك أقلية ناشطة من الأفراد الشجعان بما فيه الكفاية لمواجهة الدولة الأمريكية، فإنه من غير المحتمل أن المواطنين سينضمون إليهم للوصول إلى الأرقام التي يحتاجها التغيير الإيجابي، وذلك بسبب النفوذ الهائل لوسائل الإعلام الأمريكية والمنظمات غير الحكومية في التهدئة وفي ترهيب السكان (ناهيك عن عقود من السياسات العرقية والانقسام في القاعدة الاجتماعية ). ولذلك، فمن غير المرجح أن أي تأثير من التأثيرات المتعددة القطبية على المستوى الشعبي سيكون مشروعا قادرا على التغيير في الولايات المتحدة، ولكن الإستراتيجية "المضادة للثورات الملونة" يمكن أن تكون أكثر نجاحا بكثير في البلدان الأكثر تحررا بشكل نسبي وأصغر مثل بعض الدول في أوروبا.
نقطة أخرى ينبغي ملاحظتها وهي أن مصطلح "القاعدة" لا يعني دائما أنها حركة محددة تحدث بشكل طبيعي ومستقل، وتستوطن في البلد المضيف، أو تمثل إرادة الأغلبية، ولكنها تعني تصورا حول هذه القوى ذات الأهمية الناتجة عن تأثير وسائل الإعلام المحلية والدولية ويمكن أن ينظر لها كقوة متعددة القطبية في هذا الصدد. ومع ذلك ونظرا للدور الذي تلعبه الحركات المشروعة (المضادة للثورات الملونة) مع جماهير الثورات الملونة يمكن للقاعدة أن تساهم في تشكيل مناقشة وطنية ودولية حول التوجه الميتافيزيقي لبلد ما، وينظر إليها على أنها مؤشر ثان لتحديد ميل البلاد نحو الأحادية القطبية أو متعددة القطبية. في غياب القاعدة الشعبية ذات الصلة (سواء كانت حركة مضادة للثورات الملونة أو معها) يمكن للباحثين قياس الشعور العام للبلد من خلال إجراء مسوحات حول كيفية رؤية السكان للولايات المتحدة والصين، على سبيل المثال، أو للولايات المتحدة وروسيا، اعتمادا على السياق والظروف ذات الصلة. هذا له حدود بطبيعة الحال، نظرا لحجم الدراسة وتكوين هوية السكان (سواء كان الاستعلام يمثل اتجاه الأغلبية أو الأقلية).
حتى من دون ممارسة تكنولوجيا الثورات الملونة الفعلية أو التكنولوجيا المضادة للثورات الملونة فإن الشعور العام للسكان لا يزال العامل الحاسم في دعم مسار الخيار الحكومي نحو عالم أحادي القطبية أو متعدد القطبية. إذا لا يمكن هندسة قرار السلطات لتتماشى مع مزاج الأغلبية من قبل وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية مما يدعوها إلى التفكير في غير ذلك، ويمكن أن يخضع ببساطة لتكنولوجيا الثورات الملونة الفعلية أو التكنولوجيا المضادة للثورات الملونة.