السعودية تعلنها حربا مفتوحة ضد حزب الله

03.03.2016

أعلنت السعودية حربا مفتوحة على "حزب الله"، وتسلحت بقرارين خليجي وعربي يعلنان الحزب منظمة إرهابية في مؤشر إلى ذروة جديدة للأزمة المتفاقمة مع كل من إيران والحزب اللبناني.
وبعد ساعات من إعلان مجلس التعاون الخليجي قراره اعتباره "ميليشيات حزب الله منظمة إرهابية"، أعلن وزراء الداخلية العرب من تونس الحزب جماعة إرهابية واتهموها بزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية.
وعزا الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني القرار الخليجي إلى "استمرار الأعمال العدائية لعناصر ميليشيات حزب الله، لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة الفتن والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها". وأكد الزياني أن دول مجلس التعاون "ستتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارها، استناداً إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس والقوانين الدولية المماثلة".
ضغوط سعودية
ويبدو أن السعودية مارست ضغوطا كبيرة على عدد من البلدان العربي، وفي مقدمها مصر، حتى تستطيع فرض رؤيتها في الساحة العربية عبر إعلان وزراء الداخلية العرب "حزب الله" منظمة إرهابية. واللافت أن القرار يأتي عقب أنباء عن تحسن في العلاقات بين القاهرة  و"حزب الله" والحديث عن استقبال لوفد من الحزب في الشهر الماضي.  ويأتي القرار السعودية منسجما مع التوجهات السعودية الأخيرة المتمثلة في التخلي عن سياستها المحافظة، والتدخل بقوة للوقوف بوجه إيران والأطراف التي تتهمها بالتبعية للجمهورية الاسلامية في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان.
ويكشف الضغط السعودي لتمرير القرارين أن الرياض سوف تذهب ابعد في التصعيد مع إيران في اطار الحروب بالوكالة أو التدخلات المباشرة السياسية والعسكرية. ويجب عدم فصل الضغط السعودي الكبير لتمرير القرارين في هذا التوقيت عن التطورات الاقليمية وبخاصة ما تشهده سوريا. فمن جهة فإن السعودية تبعث رسالة مفادها أن اعتبار التنظيمات المسلحة الممولة من قبلها ارهابية يجب ان يقابله إعلان حزب الله والفصائل العراقية والأفغانية الممولة من إيران إرهابية. وفي ظل الحديث عن خطط للتدخل البري، وزيادة مشاركة السعودية في الضربات الجوية فإنها تتسلح بقرار خليجي وعربي يشرعن لها ضرب أهداف حزب الله في سوريا. ومن جهة أخرى فإنها تنهي عمليا تفاهمات اقليمية ودولية ضمنية تتمحور حول محاولة النأي بلبنان عن نيران الأزمة السورية وعدم انتقال الشرارة إلى لبنان المنقسم بشدة سياسيا وشعبيا على خلفية الأحداث في سوريا.
أبعاد داخلية اقليمية خطيرة
ويتجاوز الاعلانان المواقف الأوروبية التي فصلت بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب، ويتماهيان مع التصنيفين الإسرائيلي والأمريكي للإرهاب، ويتفقان في دعوات واشنطن وتل أبيب إلى تبني قرار أممي يسم "حزب الله" بالإرهاب. ورغم الصمت الرسمي فإن الصحافة العبرية  رحّبت بقرار مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب إعلان حزب الله منظمة إرهابية. وذهبت صحيفة "معاريف"  إلى أن القرار بأنه "إنجاز لإسرائيل".
ويأتي إعلان حزب الله منظمة إرهابية في ظل استمرار الجدل وتعمق الخلافات في لبنان بعد قرار السعودية وقف هبة بقيمة أربعة مليارات دولار لتسليح الجيش والأمن اللبنانيين.
ومن الواضح أن للقرارين أبعادا خطيرة من الجانب القانوي لأن حزب الله ممثل في البرلمان اللبناني الممدد لنفسه بكتلة نيابية لها تحالفات، كما تضم التشكيلة الحكومية وزيرين من الحزب. ويبدو أن القرار السعودي فاجأ أقطاب فريق 14 آذار وتيار المستقبل المدعوم من قبل الرياض. ورغم كل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ووزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق إلى النأي بتيارهما عن القرار السعودي وتبعاته، إلا أن الحّد من تأثيرات الاعلان على الأرض لن تكون سهلة في ظل حالة الاستقطاب الحادة والشرخ الشعبي والسياسي المتزايد على خلفية المشكلات الاقليمية.  الحريري قال إنه "لا علاقة لي بالموافقة أو عدمها، حزب الله مصنّف منذ زمن منظمةً إرهابية ونحن نتحاور معه، ما له علاقة بالوضع الداخلي لا يتغيّر بالنسبة إلينا. أما في ما يخص الأعمال التي يقوم بها حزب الله، فتعرفون تماماً أننا ضدها، وأنا أصنّفها إجرامية وغير قانونية وإرهابية أيضاً". ودعا الحريري إلى مواصلة الحوار مع الحزب من أجل درء الفتنة.
المشنوق بدوره اعترض في اجتماع وزراء الداخلية العرب على وصف حزب الله بالإرهابي، وقال إن الاعتراض يأتي "صوناً لما تبقى من مؤسسات دستورية في البلد".  وفي ذات الوقت فإن المشنوق اعتبر أن "قرار المواجهة السعودي هو بداية استعادة التوازن"،  مشيرا إلى أنه "قبل ذلك لم يكن هناك توازن بين الجهد العربي وبين مشروع إيران". وشدد على أنه "لا خيار لنا ولا مستقبل لنا غير الهوية العربية، وأي خيار آخر هو سقوط في هاوية المشروع الآخر".  ووجه المشنوق انتقادات ضمنية للتخاذل العربي بترك لبنان حتى وصلت الأمور إلى تقوية المشروع الإيراني فيه.  ومن الواضح أن اعتراض الحريري والمشنوق على تصنيف حزب الله لا يرقى إلى درجة الاصطفاف مع الحزب في الحرب التي اعلنتها السعودية صراحة.
من الواضح أن السعودية أعلنت حربا مفتوحة ضد "حزب الله"، ولكن من غير المعروف فيما إذا كانت تحضر لمعركة سوريا  بعد الحديث عن قرب انتهاء الحرب في اليمن، أو انها قررت فتح معركة في لبنان من دون انتظار مآلات الحرب التي طالت في سوريا. وقد يدفع إعلان "حزب الله" منظمة إرهابية بعض أنصاره وداعميه من رجال الأعمال إلى التخلي عنه خوفا من قرارات خليجية وعربية يمكن ان تؤثر على أعمالهم التجارية.  لكن المؤكد أن السعودية لن تفوز بضربة حاسمة في حربها مع "حزب الله"، حتى لو صدقت التوقعات بانسحاب إيران من سوريا، فالحزب يعتبر معركة سوريا وجودية ومصيرية، وفي مقابل إصراره على رفض التدخل العسكري في اليمن، واستمرار دفاعه عن النظام في سوريا، فإن بعض أنصاره من المحللين والخبراء يلوحون بـ 7 أيار  2008 بنسخة جديدة نظرا لامتلاك الحزب ما يكفي من الأسلحة والمناصرين.  وأخيرا فإن لبنان يعيش على صفيح ساخن بسبب الأزمات الاقليمية والصراع السعودي الإيراني في ظل برلمان ممد لنفسه وشغور رئاسي واحتمالات انفراط عقد الحكومة.
سامر الياس- روسيا اليوم