السبب الحقيقي وراء رغبة ترامب في إنهاء الحرب في أوكرانيا
خلال الثمانينيات، نفذت إدارة ريجان، بقيادة هنري كيسنجر، استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى الاستفادة من الصين كقوة موازنة ضد الاتحاد السوفييتي. وسعت هذه الإستراتيجية، التي يشار إليها باسم “اللعب بورقة الصين”، إلى الاستفادة من الصدع الصيني السوفييتي والاستفادة من المنافسة بينهما لتعزيز المصالح الأمريكية. وكان الهدف هو تعزيز المصالح المشتركة والمزايا المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين.
ومن خلال الاستفادة من المنافسة بين الصين والاتحاد السوفييتي، أظهر نهج ريجان-كيسنجر نجاح الدبلوماسية الثلاثية في تعزيز مصالح الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
لقد حذر الاستراتيجيون الجيوسياسيون الأمريكيون لفترة طويلة من إمكانية التحالف الروسي الصيني. ونتيجة لذلك، بذلت الإدارات المتعاقبة جهودا لمنع ذلك.
ومع ذلك، مع بروز موسكو وبكين كقوتين فوق إقليميتين وطموحهما إلى أن تصبحا قوتين عظميين، أخطأت الولايات المتحدة استراتيجياً باستفزاز كل من روسيا والصين من خلال التوسع العدواني لحلف شمال الأطلسي نحو الحدود الروسية، واستراتيجية الاحتواء النشطة التي تنتهجها عبر بوابة تايوان واستمرار الحرب التجارية ضد بكين.
ودفعت هذه الاعتبارات الأمنية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، موسكو وبكين إلى تعزيز علاقاتهما. حيث تعتمد روسيا على أسواق الطاقة الصينية، وتعتقد القيادة الصينية أنه إذا غرقت روسيا في الصراع الأوكراني، فإن حلف شمال الأطلسي سوف يحول انتباهه وموارده نحوها.
بعد استيعاب عقلية اللعبة الصفرية التي يتبناها صناع السياسات في الولايات المتحدة والتدابير المضادة المتخذة من عالم متعدد الأقطاب بقيادة روسيا والصين، يصبح من الواضح لماذا يميل ترامب نحو السعي إلى السلام في أوكرانيا والتوصل إلى حد معقول من المصالحة مع روسيا. أولئك الذين يؤثرون على ترامب يدفعونه إلى تبني نهج معاكس لكيسنجر يهدف إلى مواءمة روسيا مع الولايات المتحدة ووضعها كقوة مضادة ضد الصين، التي يُنظر إليها على أنها التهديد الرئيسي للهيمنة الأميركية على العالم.
هل ستنجح الاستراتيجية الأمريكية العكسية؟
أعتقد أن الولايات المتحدة أضاعت الفرصة السانحة لتنفيذ تغيير كبير في استراتيجيتها وأصبحت رقعة الشطرنج الأميركية مكشوفة إلى الحد الذي لا يمكن لها بخداع زعماء مثل بوتين أو شي جين بينج.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.