كيف تستطيع سوريا تجنب الخدعة الأنجلو أمريكية؟
يتظاهر مخططو الحرب على سوريا وهم يحافظون على ابتساماتهم الشريرة ليحصلوا بالحيلة على النتيجة التي يرغبون بالوصول إليها.
وكما هو متوقع فإن إعلان "حزب الإتحاد الديمقراطي" في شمال سوريا أدى إلى رفض كبير وجدال وأعاد شحن النفوس المشحونة أساساً. هذا التحرك كان حاقداً وسوف يرتب تجاهله آثاراً سلبية على وحدة سوريا ومستقبلها, وإن مواجهته ورفضه بالقوة الشديدة سيقود إلى فخ الوقوع بمزيد من القتال والعداوة. فكيف يجب أن يكون الرد السوري؟
لقد صممت هذه الخطوة لتشكل ضبابية في المشهد السوري لتحجب الرؤية عن بعض الموضوعات. ولماذا أقول هذا؟
أولا, فقد تم الإعلان في مدينة الرميلان (بشكل أساسي في حقل نفط الرميلان حيث أنشأت الولايات المتحدة قاعدة عسكرية تحت ذريعة نشاطاتها المزعومة بمحاربة داعش). وثانياً, دعم الإعلان الذي تم من قبل ما يسمى المجلس الوطني السوري المعارض الذي يتلقى الدعم من الولايات المتحدة. وبالتالي فإن هذه الحركة ستظهر كحركة أنكلو أمريكية وليس كحركة كردية وخاصة وأنها تحوي بينها أعراق ومجموعات مختلفة. إن أخذ هذا العنصر بعين الاعتبار يعتبر مهماً لتحليل هذه الخطوة وإلا سنقع في فخ الوقت والوقت مرة أخرى.
وهنا لابد أن نتذكر هذه العناصر الرئيسية:
- لقد اكتسب الأكراد تعاطفا دوليا واسعا بعد تعرضهم للأعمال الوحشية من قبل الأتراك.
- اعتبار القوات العسكرية الكردية في مختلف وسائل الإعلام كقوة أساسية في محاربة "داعش".
- جاء توقيت الاعلان فقط بعد فترة وجيزة من تمكن العمليات السورية الروسية المشتركة قطع طرق تهريب النفط إلى تركيا.
ثانيا, لقد أراد مخططو الحلف الأنجلو أمريكي الإستفادة من العنصريين الرئيسيين الأوليين لتشتيت الإدانات بعيداً عن أعضاء حلف الناتو وتركيا, واستباق أي تحرك سوري مضاد من الحكومة السورية التي تتعرض بالأساس لحملة إعلامية شرسة وفي نفس الوقت تأمين طرق تهريب بديلة للنفط من أجل الاستمرار في نهب الثروات.
بكلمات أخرى يمكن القول أن هذه الحركة هي لعبة سياسية.
يبدو أن المخططين الأنجلو أمريكيين بحاجة لحصان جديد بدلا من الحصان القديم الذي استهلك تماما وهو داعش الذي لم يعد قادرا على خدمة أهدافهم. ولنتذكر تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوصف فظائع "داعش" بالإبادة الجماعية بعد توصيف مشابه لداعش من قبل الكونغرس الأمريكي.
ثالثا, ينبغي ألا ينظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة "كردية" لعدة أسباب، أهمها عدم وجود "إجماع كردي" على هذه الخطوة.
الأكراد ليسوا كتلة موحدة ، كما نعلم، وهناك مجموعة من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تحمل الأعلام "الكردية" والتي يفترض أن تكون في خدمة "التطلعات الكردية"، ولكن ليست كلها متفقة على كل شيء، وكثير منهم قد "تسللوا" من قبل أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية.
حتى في المجتمع الكردي فالكثير من المجموعات ليست متشابهة. ويوجد الكثير من الانتماءات والمعتقدات داخل صفوفهم, وعلاوة على ذلك ليس عند الجميع نفس الخلفية التاريخية والدينية والثقافية، أو الديموغرافية. ولذلك فإن النظر إليهم كمجموعة متجانسة يعتبر أمرا غير واقعي.
إضافة لذلك فإنه من المهم أن نعلم أن الموضوع الكردي ترك كقنبلة موقوتة من الاستعمار الغربي (وخاصة بريطانيا وفرنسا) التي خططت خريطة الشرق الأوسط بطريقة تحافظ على الأزمات المشتعلة داخلها.
وبالتالي عندما يتعرض الأكراد للظلم فعليهم أن يضعوا مظالمهم وطلباتهم على أبواب هذه القوى, التي جعلتهم مع كافة المنطقة في حالة فشل ذريع وحالة من القتال والتناحر مع إخوانهم في الوطن من الديانات والأعراق الأخرى.
بقي أن نقول أن الكثير من الأكراد الذين يعيشون في دمشق وحمص وأماكن أخرى في سوريا يعيشون حالة من تساوي الحقوق والمواطنة المتساوية مع بقية المواطنين السوريين, ولم يحدث أبدا أن حصل ضدهم أي عمل عدائي. وبذلك تجد الكثيرين منهم في مختلف المناصب القيادية للأحزاب والمناصب السياسة المهمة. بعض الأكراد الذين وجدوا بعض الصعوبات هم الأكراد الذين لم يتم استيعابهم في تعداد 1961 وهذا ما حدث قبل ثورة البعث عام 1963 . وهناك تعليمات من الرئيس بشار الأسد بتلقي الاعتراضات وتسويتها بشكل صحيح.
علينا أن نتذكر الحرب وأن نتذكر رجل الدين المشهور وصاحب الاحترام الكبير من الشعب السوري الشيخ الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي الذي كان كرديا.
لقد صنع المخططون دائرة من النار متعددة الطبقات ومتعددة المراحل حيث تظهر مشكلة جديدة عند انتهاء أخرى, أحد المعلقين قال: إن سوريا تجد صعوبة بالغة في صد كل هذه الهجمات المنسقة ضدها في وقت واحد ومن كل الاتجاهات.
ينبغي أن تؤخذ جميع هذه النقاط وأكثر من ذلك في الاعتبار قبل القفز إلى أية استنتاجات حول هذه "القنبلة الموقوتة"، والذي نأمل أن سوريا وشعبها، وقيادتها ستعمل بحكمة لنزع فتيل هذه القنبلة.