"غوغل" يتلاعب بنتائج البحث.. محاسن كلينتون أولاً

16.09.2016

لم تعد الحملات الانتخابية الأميركية تقتصر على الخطب والتجمعات والإعلانات التلفزيونية. في عصر المعلومات لا بد من عملية ضبط دقيق لتوفر المعلومات الخاصة بالمرشحين من أجل صناعة وتوجيه آراء الناخبين. ويبدو أن انتخابات هذا العام ستكون الملعب الأوسع في حرب المعلومات هذه؛ إذ كشف موقع «سبوتنيك» الإخباري عن نتائج بحث علمي يقوم به عالم النفس والباحث الأميركي روبرت إبستاين ليثبت من خلاله وجود عملية تلاعب هائلة يقودها محرك البحث «غوغل» من أجل تحسين صورة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون والتستر على سلبياتها.

يأتي هذا البحث متمماً لأبحاث وتجارب قام بها إبستاين العام الماضي في «المعهد الأميركي للأبحاث السلوكية والتكنولوجيا» وعمل على نشر نتائجها في تقرير مطول حول ظاهرة أطلق عليها تسمية «أثر تلاعب محركات البحث». عمل إبستاين على درس التأثيرات المحتملة على العملية الانتخابية من خلال فرضية بسيطة يعرفها كل من استخدم محرك بحث: نادراً ما يلجأ المستخدم للانتقال إلى الصفحة الثانية من النتائج.

فعند دراسة حوالي 300 مليون نقرة في المحرك وجد فريق البحث أن أكثر من تسعين في المئة من النقرات تركزت على الصفحة الأولى لنتائج البحث، نصفها توزّع على نتيجتي البحث الأولى والثانية. وفيما تدفع بعض الشركات الملايين من أجل ضمان ظهور معلوماتها ضمن نتائج البحث الأولى، تستطيع محركات البحث تعديل خوارزمياتها لتعرض ما تشاء من النتائج. وقد أثبتت تجارب إبستاين مع مجموعات من الناخبين في الولايات المتحدة وفي الهند على أن حصولهم على نتائج بحث وفق ترتيب معين جعلهم يفضلون أحد المرشحين على آخرين.

يتابع إبستاين تجاربه اليوم على تقنية الإتمام الآلي لمفردات البحث. فعند الدخول إلى الموقع والبدء بطباعة الكلمات المفتاحية في حقل البحث، يعمل المحرك على إظهار اقتراحات لإكمال العبارات المراد البحث عنها. يجري تطبيق هذه التقنية لدى محركات البحث الثلاثة الكبرى: «غوغل» و «بينغ» و «ياهو». بدأت القصة في حزيران الماضي عندما قام موقع «سورسفيد» بنشر مقطع فيديو انطلاقاً من أبحاث إبستاين حول أثر محركات البحث في تشكيل الرأي العام. قام الباحثون بإدخال اسم هيلاري كلينتون مع البدء بكتابة كلمة «جريمة» مثلاً فقام «غوغل» باقتراح «القانون الجنائي» أو «إصلاح القانون الجنائي» فيما اقترح كل من «بينغ» و«ياهو» «جرائم» أو «اتهامات جنائية». في رده على هذه الادعاءات، قال «غوغل» إن تقنية الإكمال الآلي لا تفضل مرشحًا على آخر وأن برمجة هذه التقنية لا تسمح باقتران اقتراحات سلبية أو مهينة مع أسماء الأشخاص، إنما تعرض الاقتراحات بحسب تراكم أو تردد البحث عنها من قبل المستخدمين.

عمل إبستاين وفقاً لما نشره على موقع «سبوتنيك» مؤخراً بالتأكد من هذا التلاعب وتفنيد رد «غوغل» عبر سلسلة من التجارب المقارنة. تعاون إبستاين مع فريق عمله لإدخال العديد من الكلمات المفتاحية المتداولة حول الانتخابات في محركات البحث الثلاثة، فلم يفلحوا بالحصول على أي اقتراحات سلبية تتعلق بكلينتون في «غوغل،» بينما تساوت مقترحات الإكمال الآلي في كل من «بينغ» و «ياهو» بين المواضيع الإيجابية والسلبية فيما يتعلق بتاريخ كلينتون أو بسياساتها أو حتى بالمخاوف حيال وضعها الصحي التي انتشرت مؤخراً. وعند إعادة التجربة ذاتها مع أسماء «دونالد ترامب» أو «بيرني ساندرز» حصل الباحثون على اقتراحات سلبية عدة، ما ينفي إدعاء «غوغل» تجنبه إقران الكلمات المسيئة مع أسماء الأشخاص.

وللتأكد من أن اقتراحات الإكمال الآلي تعتمد على ما يبحث عنه الناس بالفعل، لجأ إبستاين إلى خدمة «غوغل تريندز» ذاتها التي تبين مؤشرات مواضيع البحث الأكثر استخداماً في المحرك. أظهرت الرسوم البيانية أن اقتراحات «غوغل» الإيجابية فيما يخص كلينتون هي أقل المواضيع التي يبحث عنها المستخدمون، بينما حصلت المواضيع التي تنال من مصداقية كلينتون على النسبة الأكبر من نقرات البحث.

بالطبع، لا يعمل «غوغل» على إخفاء المعلومات السلبية إذ يستطيع المستخدم على الدوام إدخال ما يشاء من الكلمات والاجتهاد في الوصول إلى النتائج المرجوة. ولكنه يعتمد على أن المستخدمين غالباً ما يفضلون اللجوء إلى ما يمنحه محرك البحث من مقترحات وترتيب معين لنتائج البحث. وهكذا تبين حسابات إبستاين أن خاصية الإكمال الآلي وحدها قادرة على تغيير ما بين ثمانمئة ألف إلى أكثر من ثلاثة ملايين صوت لصالح مرشح معين، وبالنظر إلى الفروقات البسيطة في نسب النجاح في الانتخابات فقد تؤدي هذه الأصوات بالفعل إلى تغيير نتيجة الانتخابات.

نشرت للمرة الأولى في "السفير"