أهمية "باب المندب" في "عاصفة الحزم"
غذى تأزم الوضع الأمني اليمني بتشعباته الإقليمية المخاوف من احتمال عرقلة حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، وهو ما قد يؤثر بدوره على حركة التجارة العالمية وخاصة النفط.
وتذهب التقديرات إلى أن ما بين 5 إلى 6 % من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين طن، تمر يوميا عبر المضيق باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم. ويمر عبر المضيق سنويا ما يزيد على 21 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع.
وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2013، بلغت كمية النفط التي عبرت يومياً مضيق باب المندب قرابة 3.8 ملايين برميل من النفط، ما يساوي 6 % من تجارة النفط العالمية.
ويعتبر باب المندب ممرا مائيا استراتيجيا يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويشترك في حدوده البحرية مع اليمن كل من أريتريا وجيبوتي.
ويبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلومترا بدءا من رأس منهالي في اليمن وصولا إلى رأس سيان في جيبوتي.
وتفصل جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن، المضيق إلى قناتين شرقية، وتعرف باسم باب اسكندر عرضها 3 كيلومترات وعمقها 30 مترا، وغربية وتحمل اسم "دقة المايون" بعرض 25 كيلومترا وعمق يصل إلى 310 أمتار، وتوجد بالقرب من الساحل الإفريقي مجموعة جزر الصغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة.
ولليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على المضيق لامتلاكه جزيرة بريم، إلا أن القوى الكبرى عملت على إقامة قواعد عسكرية قرب المضيق، إذ تملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضاً حضوراً عسكريا قديما في جيبوتي.
الأهمية الاستراتيجية لباب المندب
كانت أهمية باب المندب محدودة حتى حفر قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر ومايليه بالبحر المتوسط. ومنذ ذلك الحين تحول باب المندب إلى أحد أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا، لا سيما مع ازدياد توريدات النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية.
ويسمح عرض وعمق القناة الغربية للمضيق لشتى أنواع السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين.
اليمن وتجارة النفط العالمية
يساهم اليمن في إنتاج النفط عالميا بأقل من 0.2%، لكن موقعه الاستراتيجي يزيد من تأثيره على تجارة النفط. وفي عام 2013، أنتجت اليمن قرابة 133 ألف برميل يوميا، ما وضعها في المركز 39 في قائمة أكبر منتجي النفط عالميا.
وبعد بدء الحملة العسكرية في اليمن، ارتفعت أسعار النفط العالمية أكثر من 5%، لتتراجع بعد ذلك مرة أخرى، لكن المخاوف حول سعي الحوثيين لفرض سيطرتهم على باب المندب وإغلاقه، قد تدفع بسعر النفط إلى الارتفاع في أية لحظة، علما بأن المضيق يشكل "هبة الحياة" بالنسبة لقناة السويس التي تدر على مصر ما يزيد على 5 مليارات دولار سنويا، خاصة وأن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب.
وتقول إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إغلاق مضيق باب المندب سيحول دون وصول ناقلات النفط من الدول الخليجية إلى قناة السويس وخط "سوميد" لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وستضطر تلك الناقلات إلى الإبحار جنوبا إلى رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، ما سيزيد أضعافا من تكاليف النقل.
ولن يقتصر تأثير إغلاق المضيق على سوق النفط، فرغم الأهمية القصوى لتجارة النفط عبر المضيق، إلا أنها لا تمثل سوى 16% من إجمالي البضائع التي تمر خلاله وفقا لإحصائيات صادرة عن هيئة قناة السويس المصرية.
المصدر: وكالات