كلينتون وخرافات الرعب الروسية.. حرب عالمية ثالثة لا مفر منها

03.10.2016

كتب البروفيسور هاري لوب، أستاذ علم التاريخ في جامعة "تافتس"، أحد أكثر المقالات إثارة عن هيلاري كلينتون، نشر بمجلة "كاونتربونتش" الأمريكية.

يشير البروفيسور لوب إلى أن هيلاري كلينتون تبدي في السباق الانتخابي أكثر سمات طابعها خزيا: فهي "عند إصابتها بالذعر، تلجأ إلى حيلة تفتقر إلى الإبداع لكنها مجربة – وهي الصراخ حول الخطر الأحمر، كما في زمن الحرب الباردة".

ويضيف هاري لوب أنه "ليس من المهم أنَّ القليلين فقط من الحمر لا يزالون في موسكو، وأن روسيا أصبحت دولة رأسمالية خالصة، لا تشكل أي تهديد للولايات المتحدة الأمريكية. وليس من المهم أن في روسيا كما في الولايات المتحدة نظاما ديمقراطيا (ويُتلاعب به كما في الولايات المتحدة)، وليس من المهم أن واحدا في المئة من أصحاب المليارات يسيطرون على روسيا كما في الولايات المتحدة (وبالمناسبة هم يستثمرون كثيرا في الولايات المتحدة وبريطانيا). كما أنه ليس هناك من تقسيم إيديولوجي بين البلدين، فلا تتزعم روسيا أو الولايات المتحدة أي حركة آيديولوجية عالمية. بيد أن سبب تدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن، كما يذكِّر البروفيسور، كان توسيع الناتو في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وسعي الولايات المتحدة لضم جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف، وكذلك تدخل الولايات المتحدة المستمر في الشؤون الداخلية لدول أخرى إلى حد تغيير أنظمتها.

ويشير هاري لوب إلى أن "الصحافة الأمريكية تجاهلت إحدى أكثر القضايا أهمية في المجال الجيوسياسي في عصرنا. إذ لم تسلط الضوء على مسألة توسيع الناتو". ويرى البروفيسور أن "ردة فعل روسيا (بما في ذلك المناورات العسكرية الروسية الأخيرة، ردا على أكبر المناورات العسكرية التي أجراها حلف الناتو في بولندا في هذا العام)، والتي يقدمونها لنا على أنها "تهديد" روسي لأوروبا. والرئيس بوتين يصورونه شخصا شريرا ودكتاتورا وحشيا، يزج في السجون ويقتل معارضيه السياسيين والصحفيين، وأنه يحاول إعادة بناء الاتحاد السوفياتي".

ويؤكد البروفيسور أن "كل هذا يقبله ويبثه المذيعون في قنوات الكابل التلفزيونية من دون استفسار، والمحررون الذين يحددون تقديم الأخبار لا يتركون فرصا للشكوك". وبحسب رأي البروفيسور، تميز غياب الموضوعية بشكل خاص في الحديث عن أحداث أوكرانيا.

وكان يكفي المراسلين إيراد شهادات "موظفين حكوميين" مجهولين، ومن دون تقديم أي إثبات كان، من أجل تحميل روسيا مسؤولية أي شيء: بدءا من كارثة طائرة مدنية إلى تخريب صندوق بريد". ولا يستغرب البروفيسور بعد كل هذا أن يصبح "بوتين الشخص الأكثر كرها" في الولايات المتحدة وفقا لاستطلاعات الرأي.

"لهذا، عندما تقع هيلاري فريسة للذعر، تلعب بالورقة الروسية" كما ورد في المقال. وقد لجأ مكتب كلينتون الانتخابي إلى هذه الحيلة أكثر من مرة. عندما حذف مناصرو دونالد ترامب من برنامجهم السياسي نداء لتسليح كييف، اتهم الديمقراطيون فورا ترامب بأنه يساند أهداف بوتين في أوكرانيا. ولم يفترض أحد منهم أن المبرر كان عدم الرغبة في مفاقمة الخلاف، والرغبة بمساندة اتفاقيات مينسك، وحتى أنهم اتهموا رئيس مكتب انتخاب ترامب بأنه "عميل لبوتين" وأجبروه على الاستقالة من منصبه.

وعندما كشف "ويكيليكس" عن مكايد المجلس القومي للحزب الديمقراطي لمساندة كلينتون ضد بيرني ساندرز، أعلن مقر الحملة الانتخابية لكلينتون أن "روسيا تحاول التأثير على انتخاباتنا" ورددت جميع وسائل الإعلام البرجوازية ذلك.

ويشير البروفيسور غاري لوب إلى أن الرئيس الروسي لم يلتق أبدا ترامب، وكل ما قاله عنه لا يتعدى الجملتين، حينما أجاب الرئيس الروسي على أسئلة الصحفيين، و"سماه "مشرقا" (وهذه حقيقة) ولم يسمه "لامعا" كما تكتب الصحافة أحيانا.

ويؤكد الكاتب أن العقلانية تفترض أن يفضل بوتين ترامب على هيلاري كلينتون غاوية الحروب، وصاحبة الرغبة الجامحة بقلب النظام في سوريا والساعية لتوسيع الناتو، والتي حتى لا تخجل من المقارنة بين بوتين وهتلر، في حين يلتزم بوتين "بالصمت الدبلوماسي" ولا يعلق على ذلك.

والمرشحة عن الحزب الديمقراطي توضح بشكل جلي: أنها ضد بوتين وضد روسيا. يقول البروفيسور ممتعضا إنه بعد مضي 27 عاما على انتهاء الحرب الباردة، يعودون إلى "خرافات الرعب" الروسية نفسها، من أجل إشعال الحروب "الساخنة" في الوقت الراهن.

ويتنبأ هاري لوب بأنه في حال انتخاب هيلاري، فإنها ستشعل نيران نزاع مسلح جديد، ولكن هذه المرة مع روسيا أو مع أحد حلفائها (سوريا أو القوات الشعبية في شرق أوكرانيا). ويعود إلى التذكير بالحرب في العراق التي "استندت إلى الأكاذيب"، والتي لم تخلف سوى الويلات والعذاب للناس، وخلقت المزيد من الإرهاب الذي انتقل إلى سوريا وغيرها. ويضيف البروفيسور أن ذاكرة الناخبين في الواقع قصيرة ولا يستوعبون الأمور جيدا، وإلا لما صوَّت أحد لمصلحة هيلاري "المقززة".

البروفيسور يقول أيضا إن هيلاري ضمنت تأييد "تحالف متعدد الألوان" يتألف من "مجرمي الحروب" أمثال جورج بوش-الابن والمحافظين الجدد، والليبراليين المغامرين والمضاربين من شارع وول ستريت. ولكن استطلاعات الرأي تكشف أن مستوى شعبيتها لا يزال منخفضا جدا.

ويخلص البروفيسور هاري لوب إلى القول إنه "ليس من مصيبة إذا كانت نتيجة هذه الانتخابات الرئاسية المخزية" انتخاب رئيس يفتقد إلى القدر القليل من الشعبية، لكن الأسوأ من ذلك أن يثير هذا الرئيس حربا عالمية ثالثة مع روسيا".