خفايا تأسيس جامعة الدول العربية
جامعة الدول العربية - اتحاد مشكوك فيه. تم إنشاؤه من قبل بريطانيا للحفاظ على نفوذها في العالم العربي، بعد أن حصلت البلدان العربية على استقلالها. حيث تتكرس حصص سيطرة ونفوذ للولايات المتحدة وبريطانيا على الكثير من الأنظمة العربية، مثل المملكة العربية السعودية والكويت وعمان والأردن وقطر، وكذلك مصر.
كانت الجامعة منصة ملائمة لردع ومواجهة تلك الدول العربية التي حاولت مقاومة السياسة الأنجلوسكسونية. واللذين أنشأوا الجامعة العربية حرصوا، علا ألا يكون لها أي دور بناء أو برنامج إيجابي، وكذلك عززوا دورها في تغييب أي إيديولوجية مشتركة للدول العربية. وعلاوة على ذلك، هي ليس فقط لا تسهم في تعزيز وحدة العالم العربي، بل تنفذ وظيفتها الجيوسياسية - لصالح الكتلة الأطلسية. باختصار، الجامعة العربية لا فائدة منها، لا بل هي منظمة ضارة للدول العربية.
في تاريخ الشعوب العربية، كانت فكرة مختلفة تماما عن الوحدة القومية العربية. كان صاحبها الفيلسوف السوري واللغوي زكي الأرسوزي. وهو كان في الواقع، العقل المدير وراء نشوء حزب "البعث" وصديقا حميما ومعلما لوالد الرئيس السوري الحالي، حافظ الأسد. يعتبر الأرسوزي بعد هيغل وهيردر، أن الشعوب لديها الحق في الوجود التاريخي، وهذا ما يجب عليهم العمل عليه. دون هذه المهمة، الشعب ليس شعبا، وليس له وزن، ولا يستحق أن يعيش. حياة الأرسوزي نفسها تعتبر شكلا من مظاهر الأفكار الإلهية. أن تكون على قيد الحياة - هو أن يكون لك معنى، للوصول إلى المعنى، وفي نهاية المطاف، إلى الاله. الله يتجلى في المعنى، والمعنى في الحياة هو الشعب، والشعب يتجلى في عبقريته، والعبقرية تتجلى في اللغة. ولذلك، فإن اللغة العربية، برأي الأرسوزي، هي أعلى تجسيد للمعنى والحياة الإلهية، جوهر الشعب حسب دراساته وأبحاثه وفهمه، يكمن في مهمة خلق أمة عربية موحدة، لان وحدة اللغة - هي وحدة الحياة.
نيتشه لم يستخدم كلمة "نحن - اللغويون" أبدا في أعماله. الأرسوزي، منظر الوحدة العربية، بدأ باللغة. وحدد الوعي بوحدة اللغة للبدء في بناء أمة عربية موحدة. لذلك، استند في مشروع حزب "البعث"، على فقه اللغة والثقافة العربية.
ولكن أولئك الذين ساروا بعد الأرسوزي على طريق إحياء القومية العربية، سرعان ما أدركوا أن العدو الرئيسي للعالم العربي هو بريطانيا والولايات المتحدة والدول الغربية الاستعمارية التي لا تكتفي بغزو الجسد العربي فحسب، ولكنها تسعى لتشويهه أيضا، إذ حرفت ودمرت تقريبا الروح العربية، والحياة العربية، والمعاني العربية. الأنجلوساكسون (أعداء العرب)، لا يمكن الاعتماد عليهم في تحقيق الوحدة الروحية الحقيقية للعالم العربي. هذا ما أدركه كل من جاء بعد الأرسوزي من القادة العرب - من جمال عبد ناصر إلى القذافي، ومن ياسر عرفات لصدام حسين وصولا لحافظ الأسد. والآن أن تكون عربيا، يعني أن لا تعمل على تحقيق ومتابعة الجيوسياسة الأمريكية وأن تتعارض مع أهدافها. إما أن تكون عربيا حقيقيا أو أن تلعق أحذية الاستعمار. ولذلك، فإن الولايات المتحدة، تحاول السيطرة على الشخصيات والقادة الهامين في العالم العربي - من بينهم قادة "البعث".
في البداية حاولت الايقاع فيما بينهم. ثم سعت إلى تدمير الأمة العربية باستخدام السلفيين (الدمى في يد الغرب)، المجندين المتعصبين من قبل ملكيات البترودولار مثل "الدولة الإسلامية" المحظورة في روسيا أو "تنظيم القاعدة". لذلك تم قتل القذافي وصدام حسين، وهناك فقط بلد واحد لا يزال تحت سلطة حزب البعث. هذا البلد هو سوريا - وهي الدولة التي ولد فيها فكر عميق حول مهمة الأرسوزي في الوحدة العربية والحاجة لمحاربة العدو الأمريكي.
جامعة الدول العربية على ما هي عليه غير قادرة عل تحقيق الطموح. ولكن النضال البطولي للنظام البعثي الماضي - كان حقا عظيما، ومصدر فخر واعتزاز للروح العربية الحقيقية. ويؤكد أننا في روسيا، نقاتل في صف العروبة.