فاشية ليبرمان تتفجر: أشعار درويش تشبه «كفاحي»!
وبّخ وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان رئيس إذاعة الجيش يارون ديكل لسماحه ببث برنامج تعليمي في إطار «الجامعة المذاعة» حول الشاعر الفلسطيني محمود درويش. وقال ليبرمان لديكل إن تمجيد الجودة الأدبية لأشعار درويش أشبه بتمجيد بلاغة كتاب أدولف هتلر، «كفاحي». وواضحٌ من حدة التشبيه مقدار الحقد الذي يكنّه أمثال أفيغدور ليبرمان لكل التراث الوطني والقومي للفلسطينيين، وحقده على الأقلية العربية التي تملك حقوق المواطنة في دولة إسرائيل.
وشدد ليبرمان، الذي كثيراً ما كسب انتخابياً على حساب إثارة الغرائز ضد الأقلية العربية في إسرائيل، في حديثه مع ديكل، على أن الشاعر الوطني الفلسطيني والقومي العربي لا يمكنه أن يكون جزءاً من الرواية التأسيسية للهوية الإسرائيلية. وكان ليبرمان قد استدعى ديكل «لاستيضاح» الأمر معه بعدما تحوّل برنامج بثته إذاعة الجيش حول أشعار الشاعر الفلسطيني الراحل حلبةً للتنافس بين الفاشيين الإسرائيليين على شدّة العداء للعرب وتراثهم. وكانت وزيرة الثقافة ميري ريغف الطامحة لضمّ إذاعة الجيش إلى سيطرتها أول من أثار الأمر من خلال تغريدات وبيانات للصحافة ضد هذا البرنامج.
وأشار بيان صادر عن ديوان ليبرمان إلى أن الوزير قال لديكل إنه «ليس هناك أي تدخل من جانب المستوى السياسي في مضامين البرامج التي تبثها إذاعة الجيش، لكن غاية تأسيس هذه المحطة العسكرية في مجتمع ديموقراطي ومُرّكب مثل المجتمع الإسرائيلي هي تعزيز التضامن في المجتمع وعدم تعميق الشروخ، وبالتأكيد عدم المس بمشاعر الجمهور». وتدّل صيغة بيان ليبرمان إلى أنه لا يعتبر الأقلية العربية في إسرائيل التي تُشّكل حوالي خمس سكان هذه الدولة جمهوراً يجب عدم المساس بمشاعره. فلا جمهور في نظر ليبرمان واليمين الإسرائيلي سوى المهاجرين اليهود. ولذلك أضاف البيان أن الوزير يؤمن «بوجود فارق كبير بين حرية التعبير وحرية التنكيل ومن واجب قادة المحطة أن يوضحوا ذلك لمقدمي البرامج، للمراسلين وللمحررين في المحطة».
وقال ليبرمان في اللقاء حسب ما ورد في البيان، إن درويش، الذي دعا في قصائده إلى طرد الشعب اليهودي من أرض إسرائيل وكتب «ولكني إذا ما جعت، آكل لحم مغتصبي»، لا يمكنه أن يكون جزءاً من الرواية التأسيسية للهوية الإسرائيلية كما عرضت في البرنامج الإذاعي. وقال ليبرمان لديكل إنه «وفق هذا المنطق، يمكن أن نضم إلى التراث الإسرائيلي أفكار المفتي الحاج أمين الحسيني، أو امتداح الجودة الأدبية لكتاب أدولف هتلر، كفاحي».
وادعى بيان وزير الدفاع أن قائد إذاعة الجيش رد في اللقاء أنه يرى أهمية كبيرة في الحفاظ على حرية التعبير، وأن نصوصاً تعليمية لا تعني تماثلاً مع محتواها ولكن من الجائز أن سياق الأمور كجزء من الرواية الإسرائيلية قد يفهم بشكل خاطئ.
وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت قد اتصل بليبرمان بعد أن أعلن استدعاءه لقائد المحطة يارون ديكل، وأبلغه أنه ليس ضمن صلاحياته التدخل في محتوى ما يذاع في المحطة. وقد اعتمد مندلبليت في موقفه على رأي بلورته في العام 2015 مساعدة شؤون المشورة والتشريع دينا زيلبر، ويقضي بأنه ليس من صلاحية الوزراء التدخل في ما يجري في محطات الإذاعة العسكرية. وقد أدلت زيلبر بفتواها هذه بعد أن كانت وزيرة الثقافة ميري ريغف قد ادعت أنه ليس في إذاعة الجيش تمثيل مناسب للموسيقى الشرقية. وقررت زيلبر أن من حق المحطة التصرف وفق «استقلالية التفكير» كما هو حال رجال القضاء.
وكان قائد إذاعة الجيش، يارون ديكل، قد أعلن قبيل لقائه بليبرمان، أن على الإسرائيليين أن ينزعوا القلق من نفوسهم «فحرية التعبير في إذاعة الجيش باقية».
وكان كثير من المفكرين والأدباء في إسرائيل قد شنوا حملة واسعة ضد كل من وزيرة الثقافة ميري ريغف ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لموقفهما من إذاعة الجيش وبثها برنامجا عن أشعار الشاعر الراحل محمود درويش. وقال الشاعر دانييل فيزلتير إنه «بعدما بدأت الحملة في الأيام الأخيرة على الإعلام، كان واضحاً أننا سوف نسمع توبيخاً عالياً من جانب ريغف. فليس منطقياً أن يحملوا على الإعلام وهي تلتزم الصمت. إنها إمرأة جاهلة لأسفنا، ولذلك لا يجدر بنا البحث عن ذريعة أخرى».
وكان درويش في نظر الكثير من الأدباء الإسرائيليين شخصية مُركبة تجمع في نظرهم بين الاحترام والتقدير لإبداعه والعداء لمواقفه. ومعروف أن درويش في قصائده تساجل مع كبار الشعراء الإسرائيليين، وبينهم ناحوم بياليك ويهودا عميحاي. ولكن قصيدة «عابرون في كلام عابر» في العام 1988 قادت إلى إظهار حقد دفين تجاهه، حيث اعتبرت دعوةً لطرد اليهود من فلسطين. وحمل عدد من كبار الشعراء الإسرائيليين حينها بشكل مبالغ فيه على درويش، حيث قاد الحملة من كانوا يعتبرون أنفسهم شعراء لليسار الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن الشاعر أليعزر كوهين ردّ على مواقف ليبرمان وريغف بإعلان أن «الشعر العظيم هو شعر عظيم، خصوصاً عندما يكون شعرا لجيراننا، لشركائنا في الأرض ومن واجبنا التعرف إليه. من المهم أن يعرف أحدنا الآخر ليس عن طريق فوهة البندقية وانما عن طريق وجهة القلب». وتساءل الشاعر حاييم غوري: «هل قرأ ليبرمان أشعار محمود درويش؟ أم أنه دوماً يؤيد القوميسار الثقافي، ميري ريغف؟ لقد آلمتني مواقف درويش، وهناك سجال بين شعبينا، لكن إذا كان السبيل الوحيد للسجال هو الدم والنيران، فلن يبقى منا شيء».
جريدة "السفير"