لغز الطائرة «المتسللة»: خيبة في إسرائيل
أصابت الدهشة الكثير من الإسرائيليين عندما سمعوا أن طائرة من دون طيار اخترقت أجواء هضبة الجولان السورية المحتلة، وأن بطاريات «باتريوت» المضادة للطيران عجزت عن إصابتها رغم إطلاق ثلاثة صواريخ نحوها. ورغم أن أحداً في إسرائيل لا يُمكنه الادعاء بأن الأجواء الإسرائيلية منيعة، وأن أي طائرة لا يمكنها اختراقها، إلا أن ذلك لم يمنع الإحساس بالخيبة جراء الفشل في إسقاطها رغم اكتشافها.
وكتب المعلق الأمني لصحيفة «معاريف»، يوسي ميلمان أن «السماء لم تسقط حقاً يوم الأحد في هضبة الجولان، لكن بقيت في الأجواء مشاعر خيبة بكل معنى الكلمة. فطائرة من دون طيار دخلت الأراضي الإسرائيلية في وسط هضبة الجولان. وأطلقت منظومة الدفاع الجوي التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي المتموضعة في الجليل نحو الطائرة صاروخَي باتريوت، لكنهما أخطآ هدفهما. وأظهر التحقيق أيضاً أن طائرة إسرائيلية أطلقت أيضاً نحو الطائرة من دون طيار صاروخ جو ـ جو، وهو أيضاً أخطأ الهدف».
وفي نظر ميلمان، فإن الخيبة هذه المرة كانت كبيرة، لأن هذه البطارية نفسها سبق وأسقطت في آب 2014 طائرة من دون طيار تسللت إلى أجواء هضبة الجولان. كما أن هذه البطارية أسقطت بعد شهر من ذلك طائرة «سوخوي» عسكرية سورية اقتربت من مناطق الاحتلال الإسرائيلي في الهضبة. ورغم الاختلافات الأولية حول الطائرة ولمن تعود بسبب تعدد الجهات التي تستخدم مثل هذه الطائرات في الأجواء السورية، إلا أن إسرائيل اعتبرتها طائرة تتبع الجيش السوري وكانت في مهمة استطلاع فوق مواقع المعارضين وأخطأت طريقها. وكانت جهات قالت في البداية إن الطائرة يُمكن أن تكون تابعة للوحدات الروسية المتواجدة في سوريا. ومعروفٌ أن قوات «حزب الله» في سوريا تستخدم لأغراض تكتيكية أيضاً طائرات من دون طيار.
وأشار ميلمان إلى أن الجهات العسكرية الإسرائيلية لم تستطع تحديد الجهة التي تتبعها هذه الطائرة، مثيرة احتمالاً بأنها قد تكون روسية أو سورية أو حتى طائرة تابعة لـ «حزب الله». وكتب أن الطائرة قد تكون وصلت في مهمة استطلاع وتصوير، أو حتى في مهمة اختبار ليقظة وجاهزية الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
وفي كل حال، فإن سلاح الجو الإسرائيلي بدأ تحقيقات جوهرية في هذا الشأن لمعرفة مواضع الخلل. ومن بين الأسئلة المهمة المثارة: هل أن الفشل نبع من خللٍ في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية أم بسبب تطور في الطائرة؟. وقد استخدمت إسرائيل في أمر الطائرة ما يُعرف بآلية التنسيق مع الجيش الروسي في سوريا لمعرفة إن كانت الطائرة روسية وإن كانت أخطأت في طريقها. وبديهي أنه إذا كان الروس أرسلوا الطائرة في مهمة تجسس او لاختبار يقظة الجيش الإسرائيلي، فإنهم لن يعترفوا بذلك. ومع ذلك، فإن إقرار الإسرائيليين بأنهم أطلقوا صواريخ «باتريوت» وصاروخ جو ـ جو باتجاهها يشير إلى خللٍ واضح.
وفي محاولة الوقوف على ما جرى، أكدت المصادر العسكرية الإسرائيلية أن منظومة الدفاع الجوي اكتشفت الطائرة وهي تبعد حوالي عشرة كيلومترات عن الحدود داخل الأجواء السورية وقامت بمتابعتها، وعندما تسللت بضع مئات من الأمتار فوق هضبة الجولان صدَرَ الأمرُ بإسقاطها فأطلقت الصواريخ. وبحسب المصادر الإسرائيلية، يبدو أن الجهة التي أرسلت الطائرة لاحظت الصواريخ فأعادت الطائرة إلى قاعدتها.
وبحسب الإجراءات الإسرائيلية المعمول بها، فإنه في حال فشل منظومة الدفاع الجوي في إسقاط طائرة تقتحم الأجواء، فإن سلاح الجو يرسل طائراته للقيام بالمهمة. ومن البيانات الإسرائيلية يبدو أنهم في هذه المرة اكتفوا باستخدام طائرة من دون طيار وطائرة هليوكوبتر في مواجهة هذه الطائرة وذلك لإسقاطها بصاروخ جو ـ جو.
وفي كل حال، فإن فشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي في إسقاط الطائرة في هضبة الجولان يُذكِّر بفشل إسرائيلي كبير آخر جرى قبل سنوات حينما أرسل «حزب الله» من لبنان طائرة استطلاع جالت ووصلت إلى جنوب فلسطين. وحينها أسقطت طائرات إسرائيلية طائرة «حزب الله» في جبال الخليل بصواريخ أرض ـ جو. وما يثير القلق لدى الإسرائيليين أن صاروخ جو ـ جو فشل هذه المرة في إسقاط الطائرة فوق هضبة الجولان.
عموما أعلن متحدث عسكري إسرائيلي أن «الأمر يتعلق بحادث خطير جداً. ينبغي فحص ما جرى هناك بعمق كبير». واعتبر المراسل العسكري لموقع «والا» أمير بوحبوط تسلُّل الطائرة وفشل إسقاطها جرس إنذار للجمهور والقيادة السياسية في إسرائيل قبيل الحرب المقبلة مع «حزب الله». وأوضح أن السيناريوهات في الجيش الإسرائيلي تتحدث عن أن «حزب الله» في الحرب المقبلة سيطلق يومياً حوالي 1500 صاروخ على إسرائيل فضلاً عن استخدامه للطائرات من دون طيار.
جريدة "السفير"